بعد عام على توقيع اتفاق طوى صفحة الحرب في منطقة تيغراي الإثيوبية، برزت دعوات، الخميس، لبذل مزيد من الجهود لحماية المدنيين وإحقاق العدالة لضحايا الفظائع.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش والاتحاد الأوروبي و10 حكومات أجنبية إن انتهاكات حقوق الإنسان تتواصل في إثيوبيا، ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، رغم اتفاق السلام الذي أبرم في بريتوريا، في الثاني من نوفمبر عام 2022.
أدى النزاع الذي استمر عامين في شمال إثيوبيا بين القوات الموالية لحكومة أبيي أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي إلى مقتل نصف مليون شخص، وفق الولايات المتحدة، واتهامات لجميع أطراف النزاع بارتكاب فظائع مثل مجازر واغتصاب.
وساهم الاتحاد الأفريقي في التوصل لاتفاق وضع حدا للمعارك في تيغراي لكن اشتباكات لا تزال تندلع في أجزاء أخرى من البلاد، وخصوصا في منطقة أمهرة، التي دعمت قواتها القوات الفدرالية في الحرب.
ودعمت قوات من إريتريا ومن إقليمي أمهرة وعفر المجاورين الجيش الإثيوبي خلال النزاع، لكن لم يشارك أي من هذه الجهات في المفاوضات والتوقيع على اتفاق بريتوريا.
ورحبت الولايات المتحدة، الخميس، بـ”التقدم الكبير في تنفيذ” الاتفاق، لكنها أقرت بأن “التحديات لا تزال قائمة”، مطالبة بـ”الانسحاب الكامل” من تيغراي للقوات الإريترية التي لا تزال متواجدة في المناطق الحدودية.
أما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، فقد “هنأ الإثيوبيين على اختيارهم السلام” ورحب بـ”المحطات البارزة المسجلة في تنفيذ الاتفاق” من دون أن يذكر النزاعات التي تعصف بمناطق أخرى في إثيوبيا.
“ممارسة ضغط”
وقالت نائبة مدير قسم أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، ليتيسيا بادر، “فيما تشيد الحكومة الإثيوبية وشركاؤها الدوليون بالتقدم الهائل الذي أحرز العام الماضي، فإن المدنيين في مناطق نزاع لا زالوا يعانون تحت وطأة الفظائع”.
وحضت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على “ممارسة ضغط” على الحكومة الإثيوبية لإحقاق العدالة لضحايا الفظائع، بعد عام على انتهاء الحرب في تيغراي.
وقالت المنظمة الحقوقية إن القوات الإريترية التي دعمت أبيي خلال النزاع “قامت بأعمال قتل وعنف جنسي وخطف ونهب وعرقلت مساعدات إنسانية وأعاقت عمل مراقبي الاتحاد الإفريقي” عقب توقيع اتفاق السلام.
وأضافت “على الأمم المتحدة والحكومات المعنية مواصلة الضغط على الحكومة الإثيوبية للوفاء بالتزاماتها لضمان حماية المدنيين ووضع معايير واضحة لضمان وصول الضحايا إلى العدالة”.
من جهتها، نددت أسمرة بـ”حملة تشهير” واتهمت واشنطن والدول الأوروبية باستهداف إريتريا.
“لا عواقب”
حض مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الحكومة الإثيوبية على “إجراء تحقيقات في جميع الاتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي ومحاكمة المسؤولين عنها”.
ووقعت الكتلة التي تضم 27 دولة عضو وإثيوبيا، اتفاق تنمية بقيمة 650 مليون يورو (693 مليون دولار)، الشهر الماضي، بهدف تطبيع العلاقات عقب النزاع في تيغراي.
وقال بوريل إن تحقيق “المزيد من التقدم بشأن المساءلة والعدالة حاسم … للتطبيع”.
غير أن بروكسل لم تستأنف بعد مساعدة مالية لإثيوبيا، عُلقت بعد شهر على اندلاع الحرب في نوفمبر.
وطويت صفحة النزاع في تيغراي باتفاقية سلام تم التوقيع عليها في جنوب أفريقيا في نوفمبر عام 2022.
ويثير قرار الحكومة الفدرالية فرض حال طوارئ لستة أشهر في مطلع آب/أغسطس في أمهرة، مخاوف. وحذر خبراء لجنة حقوق الإنسان المعنية بإثيوبيا والمدعومة من الأمم المتحدة من ارتفاع وتيرة الانتهاكات في المنطقة.
وتحدثت هيومن رايتس مع امرأة عمرها 24 عاما في منطقة شمال غوندار في أمهرة قالت إن “الناس يُقتلون ويُعتقلون. الأمور أسوأ. لا أشعر بالأمان الآن. لا أحد يشعر بالأمان”.
وتفاقم التوتر في المنطقة بعد إعلان حكومة أبيي في نيسان عن تفكيك قوات إقليمية في أنحاء البلاد، ما أثار احتجاجات للقوميين في أمهرة.
وقالت بادر إن إثيوبيا تشهد “تكرار منتهكي الماضي أنماط الانتهاكات دون عواقب”.
أضافت أن “الحكومات الداعمة للهدنة الهشة في إثيوبيا لا يمكنها أن تتغاضى مع تصاعد الأزمات في إثيوبيا”.
وشددت على أن “الضحايا الكثيرين في إثيوبيا يستحقون مستقبلا لا تلطخه انتهاكات متكررة وإفلات من العقاب”.
“إعدام مدنيين”
ومن غير الممكن التحقق من الوضع على الأرض في أمهرة أو تيغراي نظرا للقيود المشددة المفروضة على وسائل الإعلام في المنطقة.
ورغم عودة خدمات رئيسية مثل المصارف والكهرباء والإنترنت في بعض أجزاء تيغراي، في العام الماضي، لا يزال مليون شخص نازحين في أنحاء البلاد بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وأشارت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية، وهي هيئة عامة مستقلة، الإثنين، إلى أن استخدام الأسلحة الثقيلة والجوية في أمهرة أدى إلى مقتل وإصابة وتشريد العديد من المدنيين.
ونددت اللجنة “بإعدام مدنيين اعتقلتهم” قوات الأمن وإقدام جماعات مسلحة على تنفيذ اغتيالات وخطف مسؤولين مدنيين محليين.
وانتقد وزير الاتصالات الإثيوبي، ليغيسي تولو، الخميس، التقرير “الذي استند إلى عناصر غير موثوقة ويفتقر إلى الحياد” و”لا يأخذ السياق في الاعتبار”. وأضاف أنه تم اعتقال نحو 3200 شخص منذ فرض حالة الطوارئ.