في أقوى تحذير من نوعه منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس قبل نحو عام، أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل بضرورة اتخاذ خطوات خلال الشهر المقبل لتحسين الوضع الإنساني في غزة وإلا فستواجه قيودا محتملة على المساعدات العسكرية الأميركية.
التحذير جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن عندما كتبا رسالة لمسؤولين إسرائيليين، الأحد، يطالبان باتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة الوضع المتدهور في غزة، وفقا لمسؤولين أميركيين.
حددت الرسالة خطوات معينة يتعين على إسرائيل اتخاذها في غضون 30 يوما، منها السماح بدخول 350 شاحنة إلى قطاع غزة يوميا بحد أدنى، وفرض فترات توقف في القتال للسماح بتسليم المساعدات، وإلغاء أوامر الإخلاء للمدنيين الفلسطينيين عندما لا تكون هناك حاجة لها.
واستشهدت رسالة الوزيرين بالمادة 620-آي من قانون المساعدات الخارجية والتي تحظر إرسال مساعدات عسكرية للدول التي تعوق إيصال المساعدات الإنسانية الأميركية.
كما أشارت الرسالة إلى مذكرة الأمن القومي التي أصدرها الرئيس الأميركي جو بايدن في فبراير والتي تلزم وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونغرس حول ما إن كانت تجد مصداقية في تأكيدات إسرائيل بأن استخدامها للأسلحة الأميركية لا ينتهك القانون الأميركي أو الدولي.
ضغطت واشنطن بصورة متكررة على إسرائيل لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب، لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن امتنعت في الأغلب عن فرض قيود على المساعدات العسكرية التي ترسلها واشنطن إلى إسرائيل وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات، حتى بعد عدم استجابة إسرائيل للتحذيرات السابقة بشأن أسلوبها في الحرب.
يقول المستشار الحكومي الأميركي السابق لمفاوضات الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر إن “هذه هي الرسالة الثانية التي توجهها واشنطن لإسرائيل في ذات الشأن في غضون عدة أشهر، الأولى كانت في أبريل، وشملت نفس المقاربة وأدت في النهاية لزيادة مهمة في عدد الشاحنات الداخلة لغزة”.
ويضيف ميلر في حديث لقناة “الحرة” أن التقارير تشير إلى أن الإسرائيليين قرأوا الرسالة وسيحدثوا تغييرات معينة”، لكنه شكك في الوقت ذاته في إمكانية أن تنفذ إسرائيل جميع المتطلبات التي وضعتها واشنطن.
وتواجه غزة ما يُرجح أنها “أسوأ قيود” على دخول المساعدات منذ بدء الحرب، بحسب ما أفادت الأمم المتحدة، منددة بتداعياتها المدمّرة على الأطفال.
ويرى الدبلوماسي الإسرائيلي السابق دانيال شيك أن المساعدات الإنسانية “لا يجب أن تكون أداة حرب بيد إسرائيل”.
لكن شيك يشير في تصريح لقناة “الحرة” إلى وجود مشكلة حقيقية تتمثل بـ”الوجهة النهائية التي تصل إليها المساعدات والجهة المسؤولة عن توزيعها”.
يقول شيك إن “الجميع يعلم أن مسلحي حماس يستولون على الأغلب على جميع قوافل المساعدات فور وصولها ويبيعونها بأسعار عالية جدا للسكان”.
وفي تعليقه على رسالة بلينكن وأوستن يلفت شيك إلى أنها “رسالة تحذيرية قاسية غير مسبوقة” تبعثها واشنطن لإسرائيل.
ويعتقد شيك أن على المسؤولين في إسرائيل عدم تجاهل الرسالة الأميركية خاصة في ظل انخراط إسرائيل بالحرب في جنوب لبنان واحتمال اندلاع حرب اقليمية مع إيران.
ويرى شيك أن “إسرائيل قادرة على التعامل مع تطورات الأحداث سواء في جنوب لبنان أو مع إيران، لكن فقط في حال كان هناك دعم قوي من قبل واشنطن على مستوى الأصعدة وليس عسكريا فقط”.
والأربعاء، قالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن واشنطن ستراقب أفعال إسرائيل لتتأكد من عدم وجود “سياسة تجويع” في شمال غزة، مع مواصلة الضغط من أجل إدخال المزيد من المساعدات.
وأكدت المسؤولة الأميركية أن واشنطن أوضحت لإسرائيل أن لديها مسؤولية فعل كل ما في وسعها لتجنب إيقاع خسائر في صفوف المدنيين، مشيرة إلى ضرورة إدخال المزيد من الغذاء والإمدادات الأخرى إلى غزة على الفور ولا بد من هدنة إنسانية للسماح بمزيد من حملات التطعيم.
وفي مايو الماضي صرح الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه لن يزود إسرائيل بالأسلحة في حال شنت هجوما على رفح، بسبب الخطر الذي تشكله أية عملية عسكرية على المدنيين هناك.
وقال في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل، وستزودها بصواريخ اعتراضية وأسلحة دفاعية أخرى، “لكن إذا ذهبت إلى رفح، فلن نزودها بالأسلحة”.
وذكر بايدن أنه بينما ستواصل الولايات المتحدة تقديم أسلحة دفاعية لإسرائيل، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية”، فإن الشحنات الأخرى ستتوقف في حالة بدء “غزو بري كبير لرفح”.
وبالفعل حجبت الإدارة الأميركية شحنة أسلحة إلى إسرائيل، تشمل قنابل تزن 2000 رطل (900 كيلوغرام)، بسبب مخاوف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين.