بعد تصاعد الصراع.. هل تغير أميركا سياساتها بالشرق الأوسط؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

وسرعان ما تحركت حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن للتأكيد على مساندة تل أبيب في أزمتها الراهنة، إذ اتخذت العديد من الخطوات على المستويات العسكرية والسياسية للتأكيد على ذلك، لعل أبرزها زيارة وزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن إلى إسرائيل، مع تزويد الجيش بأسلحة وفرق عمليات خاصة.

ويعتقد مراقبون ومحللون سياسيون، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن واشنطن تجاهلت لسنوات التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والصراعات المتصاعدة في الإقليم، مع تقليص حضورها العسكري منذ العام 2022، مع الانتقال إلى شرق آسيا لاحتواء الصين، مع مواجهة روسيا وتقليص قدراتها بجانب تحدياتها الداخلية، لكن ذلك أثبت الحاجة لتغيير تلك النظرة لضمان الحفاظ على سياساتها ومصالحها، وهو ما حاولت إداركه بالدعم السريع لإسرائيل مؤخرا.

استراتيجية الأمن القومي

قبل عام من الآن، وبينما كانت الولايات المتحدة تضع جل دعمها نحو أوكرانيا في محاولة لتقليص نفوذ روسيا، مع مواجهة التطلعات الصينية، أصدر البيت الأبيض استراتيجيته الجديدة للأمن القومي، والتي وصفها بايدن بأنها “ترتكز على العالم كما هو اليوم، وتضع المستقبل الذي نسعى إليه، وتقديم خارطة طريق لكيفية تحقيق ذلك”.

وقدمت الوثيقة المكونة من 48 صفحة نظرة أكثر تعمقا على نظرة إدارة بايدن للعالم، بيد أنها حددت الصين باعتبارها المنافس الوحيد لواشنطن، في إعادة تشكيل النظام العالمي، مع وضع هدف أساسي للعمل على “تقييد روسيا الخطرة”.

وتمثلت نظرة الأمن القومي الأميركي بالنسبة للشرق الأوسط، في كونه “المنطقة الأكثر تكاملا التي من شأنها أن تعزز السلام والازدهار الإقليمي، ولكن مع تقليل متطلبات الموارد التي تفرضها المنطقة على الولايات المتحدة على المدى الطويل”.

وتسببت الانتقادات المتصاعدة في الداخل الأميركي جراء التدخل في حروب باهظة التكلفة سواءً في العراق وأفغانستان واستنفاد كميات هائلة من الموارد، إلى تقنين التشريعات المتعلقة بتخفيض التواجد العسكري في المنطقة، بل والانسحاب من أجزاء فيها.

وهذا ما ظهر مع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس 2021، لتنهي بذلك واحدة من أطول الاشتباكات العسكرية التي خاضتها الولايات المتحدة.

وجنبا إلى جنب مع ذلك، اعتبرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، أن النهج الأميركي في السنوات الأخيرة كانت له نتائج عكسية للغاية، وعلى سبيل المثال اتخذت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، على وجه الخصوص، خطوات لتهميش عملية السلام والفلسطينيين بشكل عام، وأصبح ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها تدعم الحكومة الإسرائيلية المتطرفة نسبيا في عهد نتنياهو، حتى مع خروج العديد من المواطنين الإسرائيليين إلى الشوارع احتجاجا على سياساته.

وأضافت في تحليلها أن “هجمات حماس تشكك في النهج الأميركي بأكمله تجاه المنطقة، كما أن تجاهل القضية الفلسطينية أثناء محاولة تشكيل كتلة أمنية تدعمها الولايات المتحدة دفعت الجماعات المسلحة الإقليمية إلى الاقتراب من إيران وشددت خطوط الصراع القائمة”.

وأضافت: “كانت سياسة الشرق الأوسط في عهد بايدن فوضى فظيعة ومشوشة، وحان الوقت لاتخاذ خطوات جريئة”.

تركيز على تحديات أخرى

من واشنطن، يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الأمن القومي، سكوت مورغان، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تهمل الشرق الأوسط بشكل كامل، لكنها ركزت على مخاوف استراتيجية أخرى مثل تنامي صعود الصين على كافة المستويات.

وأوضح موغان أن ما يجري دفع كافة المؤسسات لضرورة إعادة التركيز على ترتيب السياسات بالشرق الأوسط، وليس العودة بشكل كامل إلى المنطقة التي يمكن أن تكون محل خلاف كبير خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل.

وأشار إلى أن إحدى الجوانب التي يمكن أن تشكل تحديا للمرشحين على وجه التحديد هو كيفية التعامل مع إيران، إضافة إلى كيفية التصدي للإرهاب.

انسحاب سريع

من جانبه، يعتقد عضو الحزب الجمهوري الأميركي، ماك شرقاوي، في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الولايات المتحدة خرجت من ملفات الشرق الاوسط على عجل، خاصة أثناء فترة ترامب، بانتقاده إنفاق أكثر من 7 تريليون دولار في العقدين الماضيين على العمليات العسكرية.

وحدد شرقاوي تبعات تراجع الاهتمام الأميركي بملفات الشرق الأوسط، ومستقبل ذلك في عدد من النقاط قائلا:

  • خروج واشنطن بهذه العجالة فتح المجال أمام قوى إقليمية في المنطقة، إذ يعتقد الكثير من الخبراء أن الرئيس أوباما ساهم في زيادة النفوذ الإيراني بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2012، وتمهيده لتوقيع الاتفاق “1+5” مع طهران عام 2015.
  • تراجع الدور الأميركي أثر كثيرا في نمو الكثير من القوى الإقليمية في المنطقة التي بالتأكيد تتعارض مع المصالح الأميركية خاصة إيران وحزب الله.
  • كان هناك تغيير في الاستراتيجيات طويلة الأمد، وتبين لواشنطن أنه عندما خرجت من المنطقة بهذه السرعة، فتحت مجالات لدخول قوى دولية أخرى على رأسها روسيا، ونفس الأمر يحدث في إفريقيا بزيادة النفوذ الصيني والروسي.
  • الولايات المتحدة تحاول العودة الآن لكنها “عودة متأخرة”، وبدأت في تعزيز المساندة لإسرائيل وإرسال حاملة الطائرات “جيرالد فورد” إلى شرق المتوسط لكي تكون على مقربة من إسرائيل، ووقف أي محاولات لصراعات إقليمية تؤثر على الوضع في إسرائيل.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *