بشأن “الأوضاع الراهنة بغزة”.. مباحثات بين السيسي وبلينكن

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

بعد يومين من توقيعه، انتقدت رئيسة لجنة تلقي الشكاوى في الاتحاد الأوروبي، إميلي أورايلي، اتفاقا أبرمه الاتحاد مع مصر، تضمن أحكاما للحد من الهجرة، وقالت إنه “لا يوفر ضمانات لحقوق الإنسان”.

وجرى توقيع الاتفاق الذي تبلغ قيمته 7.4 مليار يورو (8.03 مليار دولار)، في القاهرة، بواسطة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في حضور رؤساء خمس دول وحكومات أوروبية.

وقالت أورايلي، إن “قضية حقوق الإنسان يجب أن تؤخذ في الاعتبار قبل إتمام أي تعاون من هذا القبيل، بما في ذلك تحديد سبل الإنصاف والتعويض في حالة وقوع انتهاكات”.

مخاوف من الانتهاكات 

وأثار حديث المسؤولة الأوروبية موجة من النقاش بشأن فاعلية الاتفاقات التي يوقعها الاتحاد مع بعض الدول، وما إذا كانت أطراف تلك الاتفاقيات تتقيّد فعلا بمعايير حقوق الإنسان، في عمليات الحد من الهجرات غير الشرعية، الممولة أوروبيا.

يرى الخبير في شؤون الاتحاد الأوروبي، محمد رجائي بركات، أن “الأصوات تعالت مؤخرا في دول الاتحاد الأوروبي عن انتهاكات تصاحب عمليات محاربة الهجرات غير الشرعية، الممولة أوروبيا، خاصة بعد أن جرى رصد انتهاكات طالت عددا من المهاجرين، بواسطة دول تلقت تمويلا أوروبيا”.

وقال بركات، لموقع “الحرة”، إن “مجموعة من المنظمات الحقوقية باتت تتحدث عن تعديات تطال المهاجرين غير الشرعيين، على نحو ما جرى في ليبيا وبعض الدول الأفريقية، التي تلقت تمويلا من الاتحاد، الأمر الذي جعل التكتل يدقق أكثر في ضرورة أن تراعي تلك الاتفاقيات حقوق الإنسان”.

وأضاف الخبير المقيم في بروكسل، “للأسف هذا القلق وهذه التخوفات من قبل قادة الاتحاد الأوروبي، لا تقابلها مواقف عملية تحد من تعديات الدول الناشطة في محاربة الهجرة تجاه المهاجرين، وكثيرا ما يغض الاتحاد الطرف عن تلك الانتهاكات بسبب مصالحه الاستراتيجية، مع أنه صاحب التمويل”.

وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، انتقدت في مارس 2023 تورط “جميع الأطراف في ليبيا” في انتهكات بحق المهاجرين غير الشرعيين. 

وقالت البعثة إن “دعم الاتحاد الأوروبي للسلطات الليبية التي توقف المهاجرين وتحتجزهم يعني أن التكتل “ساعد وحرض” على ارتكاب انتهاكات بحقهم.

وقدم الاتحاد الأوروبي الدعم والتدريب لخفر السواحل الليبي الذي يعيد المهاجرين بعد توقيفهم في البحر إلى مراكز احتجاز، كما يوفر الاتحاد التمويل لبرامج إدارة الحدود الليبية عبر الحكومة الإيطالية، بحسب رويترز.

وجرى إجبار أكثر من 24 ألف شخص، تم اعتراضهم في البحر الأبيض المتوسط، على العودة إلى ليبيا عام 2022، ومات أكثر من 25 ألف شخص على الأقل في البحر المتوسط منذ 2014، وفق “هيومن رايتس واتش”.

وتنفي الأطراف الليبية اتهامات موجهة لها بإساءة معاملة المهاجرين.

أهداف ومصالح

يرى الخبير في شؤون الهجرة، عمر الزورقي، أن “المخاوف من تعامل لا إنساني يتعرض له المهاجرون، تصاعدت عقب توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع الحكومة التونسية، الأمر الذي وضع الاتفاق الجديد مع مصر أمام دائرة التقييم من قبل حقوقيين في دول الاتحاد الأوروبي”.

وقال الزورقي لموقع “الحرة” إن “التجربة التونسية في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين تخللها حدوث انتهاكات تتعارض مع معايير حقوق الإنسان، إذ أشارت المنظمة الدولية لمكافحة التعذيب لحالات تعذيب تعرض لها مهاجرون في تونس، بما في ذلك الطرد القسري والاحتجاز في أمكان غير لائقة”.

وأشار إلى أن “مصر دولة مهمة في محاربة الهجرات غير الشرعية، كونها دولة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط، كما أنها تحولت إلى دولة محتملة لتصدير المهاجريين غير الشرعيين إلى أوروبا، عقب توافد آلاف السودانيين إلى أراضيها، هربا من الحرب”.

وأضاف عمر المقيم في جنيف “يثير كثير من الناشطين الحقوقيين في أوروبا مخاوف بشأن مدى التزام حكومات وأنظمة تعاني من غياب الديمقراطية في بلدانها، بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان عند التعامل مع المهاجرين، بخاصة التي تتلقى تمويلا أوروبيا”. 

وأبرم الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، في يوليو الماضي، اتفاقا مع تونس، بجانب اتفاقات مماثلة مع موريتانيا وتركيا ودول أخرى، منذ عام 2016، في سعيه للحد من المهاجرين غير الشرعيين، وانتقدت جماعات حقوق الإنسان بشدة هذه الاتفاقات ووصفتها بأنها تتجاهل القانون الإنساني.

وكان الرئيس المصري قال إن “مباحثاته مع القادة الأوربيين شملت أهمية الاستمرار في مواجهة الهجرة غير الشرعية “حيث أكدنا التزامنا بمكافحة هذه الظاهرة في إطار التعاون القائم مع تضمين البُعد التنموي في معالجتها إضافة إلى تعزيز مسارات الهجرة النظامية”. 

وتستضيف مصر نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ من بينهم 4 ملايين سوداني و1.5 مليون سوري، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.

وتطبق السلطات المصرية منذ العام 2016 قانونا لمحاربة الهجرات غير الشرعية، وتفرض عقوبة السجن المشدد والغرامة المالية على كل من يهرب أو يتوسط أو يشرع في جريمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين.

نماذج سابقة

بجانب ليبيا وتونس، تضع منظمات حقوقية السودان ضمن الدول التي تمارس قدرا من الانتهاكات في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، خاصة في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

ويشير الباحث السوداني في شؤون الهجرة، مازن منصور، إلى أن “قوات الدعم السريع التي تعد الذراع الرقابية في العملية التي أطلقها ومولها الاتحاد الأوربي، للحد من الهجرة غير الشرعية، بالتنسيق مع حكومة البشير، تورطت في انتهاكات بحق المهاجرين”.

وقال منصور لموقع “الحرة” إن “مهاجرين غير شرعيين كانوا في طريقهم إلى ليبيا، بغرض الوصول إلى أوروبا، تحدثوا عن إخضاعهم للضرب بالسياط والاحتجاز في أماكن غير مهيئة بواسطة قوات الدعم السريع، حينما ضبطتهم متسللين على الحدود السودانية الليبية”.

ولفت إلى أن “الاتحاد الأوربي أوقف لاحقا أي تمويل كان يقدم للدعم السريع تحت مظلة عملية للحد من الهجرة غير الشرعية”.

ففي نوفمبر 2014 أطلق الاتحاد الأوربي “عملية الخرطوم” بالشراكة مع 10 من الدول الأفريقية، بينها السودان، لمكافحة أسباب وتداعيات الهجرة غير الشرعية.

ويشير الزورقي إلى أن “دول الاتحاد الأوروبي ترفض التعامل مع بعض الأنظمة التي تصل إلى السلطة عبر الانقلابات العسكرية، لكنها أصبحت تتخلى عن هذا الأمر، حينما تكون تلك الأنظمة لاعبا رئيسيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية”.

وأضاف “التشريعات التي وضعها الاتحاد الأوربي مؤخرا قللت درجة التعامل الإنساني مع المهاجرين، إذ نصت في بعض جوانبها على احتجاز المهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لمدة ربما تصل إلى 40 أسبوعياً، قبل البت في طلبات اللجوء التي يتقدمون بها”.

“أخبرونا بما تفعلونه”.. لجنة أوروبية قلقة من الاتفاق الأخير مع مصر

عبرت رئيسة لجنة تلقي الشكاوى في الاتحاد الأوروبي، إميلي أورايلي، الثلاثاء عن قلقها إزاء الاتفاق الجديد الذي أبرمه التكتل مع مصر بقيمة 7.4 مليار يورو (8.03 مليار دولار) والذي يتضمن أحكاما للحد من الهجرة، قائلة إنه لا يوفر ضمانات لحقوق الإنسان

ويربط الكاتب الصحفي الجزائري، علاء بونجار، بين ملف المهاجرين غير الشرعيين، وبين الحراك السياسي في بعض دول الاتحاد الأوروبي، ويشير إلى أن “الملف تحول إلى قضية انتخابية في كثير من الأحيان”.

وقال بونجار لموقع “الحرة” إن “بعض دول الاتحاد الأوربي بات يهمها أن تعالج ملف الهجرة بأي شكل ولو مؤقتا، لأن القضية أصبحت تُستخدم بواسطة الأحزاب الشعبوية واليمينية الساعية لكسب رضا الناخبين الأوروبيين، ولقلب الطاولة على الأحزاب الليبرالية واليمينية واليسارية”.

ولفت إلى أن “الاتفاقيات التي يوقعها الاتحاد الأوروبي مع بعض الدول يقابلها حقوقيون وبرلمانيون من أحزاب اليسار بانتقادات شديدة، بحجة أنها تتم مع أنظمة لا تراعي حقوق الإنسان، ولذلك يُخشى أن يتركز تعامل تلك الدول مع ملف الهجرة من منظور أمني فقط”.

وأشار علاء المقيم في باريس، إلى أن “موجة العنصرية التي قوبل بها مهاجرون أفارقة في تونس، زادت الانتقادات الموجهة إلى الاتفاقيات، التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع بعض الدول للحد من الهجرة”.

وأضاف قائلا “تمنح دول الاتحاد الأوربي دعما لأنظمة فاسدة ومستبدة، دون أن تضع ضوابط رصينة لصرف تلك الأموال، ودون التأكد من أوجه صرفها، إذ ربما تصرف في ما يتعارض مع حقوق الإنسان، خاصة أن بعض الأموال تذهب إلى أنظمة قمعية، تصنف ضمن الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة غير النظامية”.

وتنفي تونس اتهامات موجهة لها عن إساءة معاملة المهاجرين الراغبين في عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان سابق، إن “المزاعم الموجهة إلى تونس حول معاملة المهاجرين، ليست صحيحة، ومرفوضة”.

وبدوره، يشير بركات إلى أن “الاتحاد الأوربي يُظهر درجة من الجدية لإنهاء أو تقليل تعديات الدول الأعضاء والدول المتورطة في الانتهاكات التي تطال المهاجرين”.

وأضاف “يفرض الاتحاد عقوبات صارمة على أعضائه الذين يثبت تعاملهم غير الإنساني مع المهاجرين، ويراجع عمليات تنفيذ الاتفاقيات التي تربطه مع بعض الدول، لكن هذه المساعي تحتاج إلى جدية وصرامة أكثر”. 

ولم تتلق “الحرة” ردا على استفسارتها من السلطات في الاتحاد الأوروبي، غير أن المتحدث الرئيسي للشؤون الخارجية في الاتحاد، بيتر ستانو، قال في إفادة صحفية في مارس 2023 “نقدم الدعم لمساعدة الدول على تحسين أدائها عندما يتعلق الأمر بالبحث وإنقاذ المهاجرين، مع التركيز على حقوق الإنسان”.

وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن نحو 34 ألف شخص دخلوا الاتحاد الأوروبي، هذا العام، بشكل غير شرعي، معظمهم عبر البحر المتوسط بقوارب مطاطية غير آمنة بمساعدة مهربين. ولقي ما يقرب من 250 شخصا حتفهم خلال هذه الرحلات.

وكان أكبر عدد من الوافدين وصل إلى أوروبا، عام 2015، حين تجاوز مليونا، معظمهم من اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا، الأمر الذي فاجأ الحكومات الأوروبية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *