لا يزال مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين استجابوا لنداءات الجيش الإسرائيلي بالنزوح من شمالي قطاع غزة إلى جنوبه، “يواجهون الضربات الجوية المميتة”، وفق ما تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وقال بعض الفلسطينيين الذين فروا من شمالي القطاع المحاصر، إنهم “يفكرون في العودة إلى منازلهم، مع اشتداد الضربات في الجنوب”.
وقال محمد أيوب (57 عاما) الذي فر مع عائلته من بيت حانون شمالا ومعه عدد قليل من الأغراض الشخصية: “هناك قصف مستمر، حتى في هذه المناطق التي يقولون إنها آمنة، لكن لم تعد هناك أماكن آمنة في غزة”.
في المقابل، قالت إسرائيل، الثلاثاء، إنها كثفت قصفها على مدينتي خان يونس ورفح بجنوب غزة، في وقت اكتظت فيه المباني السكنية بالوافدين الجدد، مع نفاد الغذاء والمياه والأدوية والإمدادات الأخرى.
وردا على سؤال حول سبب ضرب جنوبي غزة بعد أن أمر الناس بالذهاب إلى هناك، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، نير دينار، إن بلاده “تسعى إلى تجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين، لكن أعضاء حماس يختبئون بين المدنيين في غزة”.
وأضاف أن “جنوبي غزة أكثر أمانا نسبيا من الشمال، لكنه ليس آمنا تماما”.
وقال مدير عام مستشفى ناصر في خان يونس، محمد زقوت، الثلاثاء: “اليوم أسوأ من كل الأيام السيئة السابقة”، مردفا أن المستشفى “استقبل 42 جثة من الغارات.
فاجعة المستشفى في غزة.. سجال بشأن المسؤول عن الضربة
الضربة على مستشفى بمدينة غزة، الثلاثاء، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 500 شخص، خلقت سجالا حول الجهة المسؤولة عنها، ففي وقت قالت فيه وزارة الصحة الفلسطينية إن الضحايا سقطوا جراء “غارة إسرائيلية”، قال الجيش الإسرائيلي إن تحقيقاته أثبتت أن صاروخا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي سقط على المستشفى، وهو ما نفته الحركة.
وظلت 26 جثة مجهولة الهوية في المشرحة لساعات، حسبما ذكر زقوت، الذي أضاف أن “من بين القتلى 10 نساء و15 طفلا.
وكانت حماس قد شنت هجوما مفاجئا على إسرائيل في 7 أكتوبر، شمل إطلاق آلاف الصواريخ وتوغل مسلحي الحركة المصنفة على قائمة الإرهاب داخل الأراضي الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي، أغلبهم من المدنيين.
ومنذ ذلك الوقت، يشن سلاح الجو الإسرائيلي ضربات مكثفة على قطاع غزة، أدت لمقتل أكثر من 3 آلاف شخص أغلبهم من المدنيين.
وكان الجيش الإسرائيلي قد دعا سكان شمالي غزة، حيث يعيش نحو 1,1 مليون نسمة، إلى الانتقال نحو جنوبي القطاع، وحضهم على “عدم الإبطاء”.
وفي خان يونس، “بدت المدينة وكأنها على شفا الكارثة، حيث كان الناس نائمين في الشوارع، واصطفت طوابير طويلة أمام خزانات المياه والمخابز وأكشاك الأسواق، مع اندلاع خلافات على آخر أرغفة الخبز والطماطم المتبقية”، طبقا للصحيفة الأميركية.
وكان بعض الناس يبنون أفرانا من الرمل والتربة لخبز الخبز بالطريقة التقليدية، وإنقاذ أسرهم من المجاعة.
وقال يوسف هماش، وهو مسؤول المناصرة في المجلس النرويجي للاجئين، وهي مجموعة إغاثة، في رسالة صوتية من خان يونس، إن الناس “يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة”.
وكان مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قد أصدر بيانا، الثلاثاء، جاء فيه أن “أمر الإخلاء الذي أصدرته إسرائيل، إلى جانب فرض حصار كامل على غزة، يمثل أمرا غير قانوني بموجب القانون الدولي”.
ولجأ بعض الأشخاص منذ بدء الحرب إلى مدارس الأمم المتحدة، التي تحولت إلى ملاجئ، لكن الأغلبية كانوا يذهبون لمنازل الأقرباء المكتظة أو ينامون في العراء.
وقال رامي أبو ملج (43 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة يعيش بمدينة دير البلح الجنوبية، إن أسرته المكونة من 5 أفراد “تكافح من أجل العثور على الخبز والماء، في الوقت الذي يستضيف فيه 6 أفراد من عائلة ابن عمه، الذين فروا من مدينة غزة في الشمال”.
وأضاف أنه “قبل يومين، تعرض أحد المنازل القريبة منهم للقصف، مما أسفر عن مقتل 3 أطفال وأمهم”. وقال عن نفسه وعائلته: “إذا متنا، نفضل أن نموت معا”.