بالاشتراك مع “دول صديقة”.. الأردن يعلن تنفيذ أكبر عملية إنزال جوي بغزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة

تعقيدات جديدة تشهدها الأزمة السورية المعقدة أصلا، والتي سلطت الضوء على ما وُصف بـ”تبعية نظام بشار الأسد لروسيا”، وذلك بعد أن عادت الأخيرة لتؤكد على أن جنيف “لا يمكن اعتبارها منصة محايدة” لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.

جاء ذلك عقب دعوة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، مؤخراً، لعقد الجولة التاسعة للجنة في تلك المدينة السويسرية، في نهاية أبريل المقبل.

ووفقا لوكالة “تاس” الروسية، فإن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، صرح، الإثنين، بأن “جنيف ليست مناسبة لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية”.

وأضاف: “يجب أن يتواصل البحث عن مكان يحظى بموافقة كل الأطراف، فنحن نتحدث عن حوار بين الأطراف السورية، ونعمل على تسهيله، وننطلق من حقيقة أن مكان انعقاد الجلسات يجب أن يتمتع بصفة محايد، واليوم نعتبر أن مثل هذه المنصة غير موجودة في جنيف”.

على الحدود اللبنانية.. ما قصة “الأبراج البريطانية” التي تحتج عليها سوريا؟

من خارج سياق الأحداث والتطورات التي يشهدها لبنان على حدوده الجنوبية مع إسرائيل، برزت قضية ملحّة من خلف حدوده الشمالية والشرقية مع سوريا، أثارت استفهامات حول توقيتها وسياقها، تمثلت في مذكرة احتجاج سورية رسمية، نادرة في نوعها، تلقتها الخارجية اللبنانية الأسبوع الماضي، تصنف أبراج مراقبة حدودية للجيش اللبناني بأنها “تهديد للأمن القومي السوري”، وتتهمها بالتجسس لصالح إسرائيل.

وبرزت فكرة اللجنة الدستورية لصياغة دستور جديد لسوريا في مؤتمر سوتشي في روسيا، الذي عقد في يناير 2018، برعاية “الدول الثلاث الضامنة” روسيا وتركيا وإيران.

بيد أن العديد من المعارضين والحقوقيين أشاروا إلى أن فكرة تلك اللجنة ومنذ انطلاقها ، لم تكن موجودة في الوثائق الدولية، ولا في كل قرارات مجلس الأمن، التي هي في الأصل الحاضنة القانونية للحالة السورية. 

ومنذ أكتوبر 2019، عقدت العديد من الجولات في هذا المسار، بيد أن جميعها لم تخرج بأية نتائج، فيما وصف بيدرسون القسم الأعظم منها بأنها “مخيبة للآمال”.

وكانت آخر جولة قد عقدت في يونيو 2022، حيث تعرقلت بعدها إمكانية عقد جولات جديدة، جراء عدم الاتفاق على مكان انعقادها، بعد أن اعتبرت موسكو مدينة جنيف “مكانا غير حيادي” لعقد مثل تلك الجلسات.

“خطوة كبيرة” في واشنطن.. دلالات وآثار إقرار “مناهضة التطبيع مع الأسد”

بأغلبية ساحقة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري أقر مجلس النواب في الكونغرس الأميركي مشروع قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد”، في خطوة يراها نشطاء من الجالية السورية في الولايات المتحدة ومراقبون “مهمة لاعتبارات تتعلق بالمرحلة الحالية” رغم أن عملية إكمالها تتطلب سلك محطات أخرى.

“إحراج لروسيا”

وكان بيدرسون قد أعلن عن إصدار الدعوات الرسمية لعقد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف.

وقال خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن، في 27 فبراير الماضي، إنه سيوجه الدعوات في اليوم نفسه، معربًا عن أمله في أن تستجيب الأطراف السورية بشكل إيجابي.

كما ناشد المبعوث الأممي كافة الأطراف الدولية المعنية لدعم جهود الأمم المتحدة كميسر، والامتناع عن التدخل في مكان اجتماع السوريين.

من جانبها، نقلت صحيفة “الوطن” الموالية لنظام بشار الأسد، عن “مصادر”، أن دعوة بيدرسون إلى انعقاد الجولة التاسعة من محادثات اللجنة الدستورية في جنيف “يعتبر محاولة منه لإحراج” روسيا، وإظهارها بمظهر “الرافض” لعقد الجلسات.

ورأت الصحيفة أن بيدرسون “ورغم معرفته بالموقف الروسي تجاه مكان انعقاد جلسات اللجنة الدستورية، والتأكيد الرسمي الأخير على لسان وزير الخارجية، سيرغي لافروف، بأن توقف أعمال اللجنة الدستورية يرجع إلى أن جنيف قوضت سمعتها كمنصة محايدة، ولم يعد بإمكانها اعتبار سويسرا منصة محايدة، باعتبار أن هذه الدولة اتخذت موقفًا معاديًا لروسيا بشكل علني”.

لكن عضو هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، طارق الكردي، أكد في حديث إلى موقع “الحرة”، أن “اللجنة الدستورية هي جزء لا يتجزأ من القرار الدولي ٢٢٥٤، ونحن في هيئة التفاوض السورية نعتبر اللجنة مدخلا للحل السياسي في سوريا، ووسيلة لتحقيق الانتقال السياسي الديمقراطي عبر التنفيذ الصارم للقرار الدولي”.

وشدد الكردي على أن “اللجنة الدستورية هي عملية سورية- سورية بقيادة وتحكم سوري، وتيسر الأمم المتحدة اجتماعاتها، وبالتالي لا يجوز التدخل الخارجي بأعمالها، وعليه فإن من يوافق أو يرفض اقتراحات أماكن أعمال لجنة صياغة الدستور هم الأطراف السورية فقط”.

“إعادة هيكلة داخل نظام مغلق”.. ما الذي يريده بشار الأسد؟

بينما كانت التكهنات و”التسريبات” تحيط باسم علي مملوك، أشهر رجالات النظام السوري الأمنية والاستخباراتية و”المنصب الجديد الذي وضع فيه”، كشفت الرئاسة السورية، قبل أيام، عن اجتماعٍ ترأسه بشار الأسد، ضم قادة الأجهزة الأمنية في الجيش والقوات المسلحة.

من جانبه، رأى عضو اللجنة الدستورية، حسن الحريري، في حديثه إلى موقع “الحرة”، أن “موقف موسكو كان متوقعا بشأن رفض مكان انعقاد أعمال اللجنة، وهذا ليس خافيا على أحد”.

وأضاف: “قبل سنة و10 أشه قام النظام السوري بإرسال رسالة إلى بيدرسون، مفادها أنهم يعتذرون عن حضور جلسات الجولة التاسعة ما لم تتم تلبية شروط روسيا.. وبعد شد وجذب بين مختلف الأطراف لنحو عامين، قرر المبعوث الدولي إرسال دعوة الحضور إلى هيئة التفاوض (المعارضة)، وبالتأكيد فإنه أرسل دعوات مماثلة إلى بقية الأطراف”.

أما رئيس ما يسمى “منصة موسكو” للمعارضة السورية، المدعومة من روسيا، قدري جميل، فقد عرض نقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى دمشق تحت رعاية الأمم المتحدة.

وقال جميل، في مؤتمر صحفي، الإثنين، إنه “بعد رفض روسيا الذهاب إلى جنيف، فإن بيدرسون حاول حل إشكالية المكان عن طريق طرحه نيروبي عاصمة كينيا، مكانا لانعقادها”، مشيرا إلى أن اقتراحات أخرى تم تقديمها، بأن يكون مكان انعقاد الجلسات في العاصمة العراقية، بغداد.

واعتبر جميل أن اقتراح بيدرسون بانعقاد الجلسات في جنيف هو “شكلي فقط”، زاعما أن المبعوث الأممي “يعلم تماماً أن ذلك أمر صعب الإنجاز”.

ووصف الدعوة إلى انعقاد الجلسات في جنيف بأنها “طبخة لن تنضج”.

وسبق أن أكدت الأمم المتحدة حيادية دولة سويسرا التي تحتضن الاجتماعات، إذ قال نائب الناطق الرسمي باسمها، فرحان حق، في يوليو من عام 2022: “إننا نعيد التأكيد على حيادية سويسرا كمنبر للكثير من العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة”. 

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان يدرسون، يبحث عن “منبر جديد لإجراء المحادثات”، أوضح حق أن “ليس لديه أية منصة أخرى يعلن عنها في هذه المرحلة”.

“عمالة وتبعية”

من جانب آخر، أبدى الإعلامي والباحث السوري، نضال معلوف، استغرابه من اعتراض روسيا على عقد الجلسات في جنيف، معتبرا أن ذلك يعد دليلا على “عمالة وتبعية” نظام دمشق إلى روسيا.

وأوضح معلوف عبر قناته على موقع “يوتيوب”: “من الممكن أن نتفهم أن سويسرا ليست حيادية تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن لماذا يجب علينا نحن كسوريين أن نعتبرها منحازة، وبالتالي نرى هنا تبعية كبيرة لنظام دمشق تجاه روسيا”.

ولدى سؤال الحريري عن الملفات التي ستتم مناقشتها، أجاب: “الجدول واضح تماما، فمهمة اللجنة بالأساس صياغة مسودة دستور، تعرض على الاستفتاء العام”.

وتابع: “الجولة قبل الأخيرة جرى فيها طرح مناقشة المبادئ الدستورية بشكل تراتبي، فمثلا عندما يكون الدور عند وفد النظام يطرح مبدأ لمناقشته، وعندما يصبح الدور عند وفد المعارضة يُطرح مبدأ آخر، وكذلك الأمر بالنسبة لوفد المجتمع المدني”. 

وزاد: “تلك المبادئ الدستورية من المفترض أن تكون الفصل الأول في الدستور، وأيضا هناك عدة أمور يمكن التطرق إليها في الجولة المقبلة، لا سيما بخصوص طريقة التعاطي مع إنتاج المبادئ الأساسية، وطريقة التعاطي مع مسودة الدستور بشكل كامل، إذ أن هناك أفكارا بشأن مناقشة الدستور فصلا بفصل أو مناقشة المسودة بشكل كامل، بحيث تنتج اللجنة أعمالها خلال فترة زمنية قصيرة”.

وفي هذا الصدد، قال الكردي: “نحن في هيئة التفاوض السورية كما ذكرت كنا وما زلنا متمسكين بالحل السياسي كحل وحيد وممر إلزامي لحل القضية السورية عبر التطبيق الكامل للقرار ٢٢٥٤، لذا نتمسك بمرجعية الأمم المتحدة للعملية السياسية ككل، واللجنة الدستورية كأحد مفردات هذا الحل”.

ونوه إلى أن “لجنة صياغة الدستور عقدت 8 جولات في الفترة الماضية.. ومع الأسف قام الوفد الممثل للنظام بإفشالها جميعها”.

وأضاف: “ما نريده من الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص بيدرسون، هو استكمال المنهجية التي يجب بموجبها أن تسير أعمال اللجنة خلال الجولات المقبلة، حيث إن المبعوث الأممي كان قد قدم عند نهاية الجولة الثامنة مقترحات لتطوير هذه المنهجية”.

وأردف: “وفد ممثلي هيئة التفاوض كان قد أبدى موافقته على المقترحات المذكورة، لكن مع الأسف، مازال الوفد الآخر يماطل بالرد على هذه المقترحات”.

“لجنة تنفيذية وليست هيئة مفاوضات”

أما المحلل الأردني المطلع على الشؤون السورية، عريب الرنتاوي، فرأى أن “التطورات والأحداث تجاوزت اللجنة الدستورية، وأن الحل سيأخذ طابعا إقليميا أكثر، بعيدا عن الأبعاد الدولية”.

وتابع: “لكن كانت هناك الكثير من العقبات التي تحول دون حدوث تطورات واضحة بشأن ذلك الحل، مثل العقوبات الغربية وقانون مناهضة التطبيع مع الأسد الذي أقرته واشنطن”.

وأشار الرنتاوي إلى “تقارير تتحدث عن قيام القاهرة وأبوظبي بالعمل على إحداث تقارب بين دمشق وأنقرة، لا سيما بعد المصالحة الأخيرة التي جرت بين مصر وتركيا”.

وأضاف: “في حال حدوث تفاهمات بين أنقرة ودمشق، فإننا سنرى تغيرا كبيرا في تطورات الأزمة، خاصة في الشمال الشرقي والشمال الغربي لسوريا”، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية.

وردا على ذلك، قال الحريري: “اللجنة الدستورية هي لجنة تنفيذية غايتها صياغة دستور، وفي حال التوصل إلى ذلك يجب أن توافق على المسودة اللجنة الدستورية الموسعة، المؤلفة من 150 عضوا، وبعد ذلك تعرض تلك المسودة على استفتاء شعبي”.

وتابع: “لا يمكن القول إن تطورات النزاع السوري الكبير تجاوزت دور اللجنة، لأن الأخيرة مهمتها صياغة دستور قد يتم التوافق عليه أو قد لا يحدث ذلك”.

كما شدد على أن “اللجنة الدستورية ليست هيئة مفاوضات، ولا يجوز منحها بعدا أكبر من بعدها الحقيقي، وبالتالي فهي لا تملك القرار السياسي أو السيادي بأن تنتج حلا للأزمة”.

وختم بالقول: “اللجنة لا تملك حتى الحق بإجراء المفاوضات، إذ أن هيئة المفاوضات العليا لقوى الثورة والمعارضة هي المختصة بالتفاوض مع نظام الأسد من أجل تنفيذ كل بنود القرار الدولي 2254”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *