يأتي العيد حيث يبيت الفلسطينيون داخل غزة محاصرين تحت القصف في بيوت سقفها السماء وثياب لا تقي برد الشتاء، كأنهم في قفص، أسواره عالية وأسلاكه شائكة لا مفر منه وما عاد يجدي معهم النداء.
على وقع القصف ومجازر الاحتلال، يبيت الفلسطينيون في غزة المحاصرة على الجوع والظمأ فعشاؤهم دموع وبكاء، وثيابهم برد الشتاء، وبيوتهم سقفها السماء.
لسان حالهم ما قاله المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد *** بما مضى أم بأمر فيك تجديد
فالمرابطون في فلسطين، الذين يواجهون خطف الموت لهم جيلا بعد جيل، يعون تماما أن تكبيرات العيد لم تقتصر فقط على ما تحمله من روحانيات التكبير والتسبيح والتهليل، بل حملت كذلك تحديا للأعداء أعقبه وعد بالنصر، لا لرسول الله وصحابته فحسب، بل لكافة المسلمين في كل بقعة وزمن.
وما كان هذا الصمود الأسطوري للفلسطينيين طوال هذه العقود إلا بحبل ثقتهم المشدود بنصر الله وتأييده.
وعلى مقربة منهم، كأنهم في قفص، أسوار عالية وأسلاك شائكة وحواجز مانعة وضعها عرب بعيون عمياء وآذان صماء وأرجل عرجاء، فما عاد يجدي معهم نداء.
ترى، كم عيدا آخر تحتاج الأمة لتدرك أن الفرح به يحمل في طياته غصة بطعم الدم؟ وأن نسمات الصباح على جموع المصلين بثيابهم الجديدة تحمل على مرمى حجر منها رائحة الموت؟
وأن زيارة الأقارب مع شروق الشمس لتناول الحلوى تقابلها في غزة آلاف من شواهد القبور التي تنتظر زوارها للدعاء أم إن الفرح في غزة لا يعرف الزغاريد إلا في تشييع الشهداء؟