يتعاطف الغالبية في إيرلندا مع المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف في غزة من قبل القوات الإسرائيلية التي تسعى للقضاء على حماس، كما ينددون بالهجوم الذي نفذته الحركة في السابع من أكتوبر الماضي.
وبدأت القوات الإسرائيلية بحملة تستهدف فيها حماس ردا على هجوم تعرضت له المستوطنات القريبة من غزة تسبب في سقوط نحو 1200 قتيل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب السلطات الإسرائيلية، وأوقع القصف المكثف على غزة والذي ترافق منذ 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، أكثر من 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.
ومنذ هجمات حماس على إسرائيل برزت إيرلندا كدولة “شاذة” في أوروبا في موقفها من الصراع، رغم تنديدهم بما فعلته حماس، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
خلال الأيام الماضية أقام مجموعة من النشطاء في دبلن منصة أمام السفارة الأميركية، وعلى مدار 11 ساعة ونصف تناوبوا على قراءة آلاف الأسماء لفلسطينيين قتلوا في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتي كانت قد نشرتها السلطات في القطاع.
وأشار التقرير إلى أن إيرلندا تعتبر من الداعمين للمدنيين الفلسطينيين بشكل “متجذر” وهو ما يعتبره الكثيرون نتاجا لتاريخ مشترك للاستعمار البريطاني، وتجربة صراع صادم وعصي على الحل، والذي انتهى في حالة إيرلندا مع اتفاق “الجمعة العظيمة”، عام 1998.
نددت إيرلندا بهجوم حماس، ونشط المشرعون الأيرلنديون في أوروبا للدعوة لحماية المدنيين الفلسطينيين وأدانوا حجم الرد الإسرائيلي.
ووصف رئيس الوزراء الأيرلندي، ليو فارادكار، مطلع نوفمبر، تصرفات إسرائيل في غزة بأنها “شيء يقترب من الانتقام”، وقال للصحفيين خلال زيارة لكوريا الجنوبية، وفق تصريحات بثتها إذاعة “آر تي إي” الرسمية: “أعتقد اعتقادا راسخا بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولها الحق في ملاحقة حماس”.
وأضاف “ما أراه يحدث في الوقت الحالي ليس مجرد دفاع عن النفس. يبدو أنه يشبه شيئا أقرب إلى الانتقام… ليس هذا هو الوضع الذي ينبغي أن نكون عليه”.
وفي استطلاع للرأي في إيرلندا يرى 71 في المئة من المشاركين أن رد إسرائيل “شديد بشكل غير متناسب” بهجومها على غزة، وقال حوالي 65 في المئة إنه “يجب حظر حماس وتصنيفها كمنظمة إرهابية”.
أستاذة التاريخ في دبلن، جين أولماير، قالت للصحيفة إن “وضع إيرلندا كمستعمرة بريطانية سابقة شكّل بلا شك كيفية تعامل الناس في البلاد مع صراعات ما بعد الاستعمار”.
وأضافت أن هذا “التاريخ يميز إيرلندا عن عدد من الدول الأخرى في أوروبا الغربية، والتي كان العديد منها في حد ذاتها قوى استعمارية، بما يمنحها أرضية مشتركة مع الفلسطينيين”.
وأعاد التقرير التذكير بتاريخ ما حدث بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إذ منحت بريطانيا نفسها السيطرة الإدارية على فلسطين، وكان وزير الخارجية البريطاني آنذالك أرثر بلفور الذي كان معروفا بقمعه الوحشي لمطالب إيرلندا بالاستقلال.
وأعلن بلفور دعم بلاده لـ”إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917″ والذي يصبح يعرف باسم “وعد بلفور”.
وبعد بضع سنوات منحت بريطانيا الاستقلال لجزء من جزيرة إيرلندا، لكنها احتفظت بالمقاطعات التي تشكل إيرلندا الشمالية.
وقالت الأكاديمية أولماير إن التشريع البريطاني لإيرلندا استخدمته في التقسيمات للمستعمرات البريطانية الأخرى، بما في ذلك في الهند وباكستان والأراضي الفلسطينية.
رئيس المجلس اليهودي في إيرلندا، موريس كوهين، قال في تصريحات إن “المشاعر العامة في إيرلندا دعمت في البداية الجهود اليهودية لإنشاء دولة إسرائيل والنضال ضد الحكم البريطاني”.
وأشار إلى أن هذا الأمر “حقيقة غالبا ما يتم تجاهلها في إيرلندا الحديثة”، مضيفا إلى أن الدعم تحول إلى القضية الفلسطينية وسط انتقادات متزايدة لتوسع الدولة الإسرائيلية عبر المستوطنات وتهجير المجتمعات الفلسطينية.
“ما بعرف وين أروح بعيلتي”.. سكان جنوب غزة يرزحون تحت وطأة القصف الإسرائيلي
وصارت خان يونس محورا للقصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي بعد استئناف القتال، الجمعة، في أعقاب انهيار هدنة استمرت أسبوعا.
وشهدت المدينة قفزة في عدد قاطنيها خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد أن فر إلى الجنوب مئات الآلاف من سكان شمال القطاع الفلسطيني.
وتدعم إيرلندا مثل بقية أوروبا خيار حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحثت قادة الجانبين لتبني هذا السيناريو، إلا أن علاقتها مع إسرائيل توترت في الأسابيع التي تلت 7 أكتوبر، بحسب الصحيفة.
وأعلنت الحكومة الإيرلندية أكتوبر أنها ستقدم مساعدات إنسانية إضافية للفلسطينيين بقيمة 13 مليون يورو، مع تكرار مطالبتهم بوقف لإطلاق النار.
وتضاف هذه المساعدات إلى 16 مليون يورو مرصودة أساسا لإعانة الفلسطينيين خلال العام الجاري في إطار برنامج المساعدات الإيرلندي، ستصرف عبر وكالات الأمم المتحدة وفق وكالة فرانس برس.