أثارت تصريحات للرئيس التونسي، قيس سعيد، بشأن اختيار اسم “دانيال” للعاصفة التي ضربت مناطق الشرق اللييي وأودت بحياة الآلاف استغراب مراقبين.
ورأى الرئيس التونسي أن اختيار “دانيال” للعاصفة يعكس نفوذ “الحركة الصهيونية العالمية”، وفق ما جاء في مقطع مصور نشرته الرئاسة التونسية، الثلاثاء.
وقال سعيد خلال اجتماع، الاثنين، مع رئيس الوزراء، أحمد الحشاني، وأعضاء في الحكومة: “بالنسبة للإعصار دانيال، ألم يتساءلوا أو يكلفوا أنفسهم عناء التساؤل عن التسمية دانيال”؟
وتابع “اختاروا دانيال. من هو دانيال؟ هو نبي عبري.. لأن الحركة الصهيونية تغلغلت وتم تقريبا ضرب العقل والتفكير ليصبحوا في حالة غيبوبة فكرية تماما”.
وعلى مواقع التواصل، اعتبر البعض أن تصريحاته “معادية للسامية”:
Nouveau délire complotiste & antisemite du président tunisien, Kais Saied. L’appellation de la tempête Daniel (ouragan Derna) serait une preuve de l’influence sioniste grandissante !
L’indécence qui surfe sur des milliers de morts en Libye.
pic.twitter.com/K83PtCSl2B— Amine Snoussi (@amin_snoussi) September 18, 2023
ويرى المحلل السياسي التونسي، أنيس عكروتي، أن التصريح أثار استغراب العديدين، معتبرا أنه جاء “في إطار سياسات سعيد الشعوبية، إذ يسعى لجذب الأنظار لشخصه، لكن في جوهر الأمر، لا علاقة واضحة بين المسألتين وهي بعيدة كل البعد عن الطريقة التي تسمى بها الأعاصير والعواصف، وليست المرة الأولى التي يسمى بها إعصار بمثل هذا الاسم وغيره”.
ويرى عكروتي في تصريحاته لموقع الحرة أن سعيد “لم يطلع بطريقة كافية على الطريقة التي يتم بها اختيار أسماء الكوارث الطبيعية، وصرح بذلك من منطلق متسرع”.
لكنه يشير أيضا إلى أنه “في جانب من تصريحاته ربما شعر بحاجة إلى إحياء الرصيد الشعبي بعدما تآكلت شعبيته في بعض المراحل لذلك سعى إلى ترديد الشعارات الرنانة التي تتأثر بها الشعوب العربية”.
ويشير عكروتي إلى أن الرئيس التونسي كان التقى قبل أيام بشخص أخبره أنه كان يحتضن في بيته مقاومين جزائريين ويمدهم بالسلاح، فأثنى عليه سعيد وتناقل العديد من الناس اللقاء وأعجبوا به، وهو ما يمكن أن يفسر على رغبته في استثارة المشاعر القومية.
وضربت “دانيال” التي تحولت إلى إعصار شرق ليبيا في العاشر من سبتمبر متسببة بفيضانات حصدت أكثر من 3300 قتيل في مدينة درنة وحدها، بحسب أرقام السلطات. وقبل ليبيا، ضربت تركيا وبلغاريا واليونان.
وجرت العادة على إطلاق أسماء شخصية على العواصف، وفق الموسوعة البريطانية. وتم تطوير النظام الحديث لاستخدام الأسماء خلال الحرب العالمية الثانية، إذ تم في البداية استخدام أسماء النساء بدلا من التسميات المرهقة المستندة إلى خطوط الطول والعرض.
وكانت الأسماء في النظام الجديد قصيرة ومفهومة، وكان من السهل إرسالها عبر الراديو.
وتم إضفاء الطابع الرسمي على النظام، عام 1953، حين وضعت هيئة الأرصاد الجوية الأميركية قائمة أبجدية بأسماء إناث لاستخدامها في العواصف في المحيط الأطلسي. وتمت إضافة أسماء الذكور إلى القائمة عام 1979 عندما اعترضت مجموعات نسائية على “التحيز الجنسي” المتمثل في استخدام أسماء الإناث فقط.
وتشير الموسوعة إلى أن لجنة خاصة تابعة للمنظمة العالمية للأرصاد تحدد قوائم الأسماء التي سيتم استخدامها للأعاصير، ويجب أن تكون الأسماء الموجودة في القائمة قصيرة ومميزة، وذات صلة بمناطقها الثقافية والجغرافية حتى يسهل على الأشخاص تذكرها.
وفي أوروبا، تعطى العواصف التي لها تداعيات متوسطة إلى خطرة اسما موحدا يتم اختياره بالتنسيق بين مصالح الأرصاد الجوية الوطنية المعنية، وفقا للترتيب الأبجدي.
وتطورت العاصفة “دانيال” أولا في اليونان، وتم تسميتها من قبل هيئة الأرصاد الجوية الوطنية اليونانية.
وكانت هناك عاصفة تحمل الاسم ذاته بدأت على السواحل البرتغالية في 15 ديسمبر 2019.
وينبع اسم “دانيال” من قائمة أعدت لتطلق على الأحداث المناخية بين أكتوبر 2022 وسبتمبر 2023، وجاء في بيان أنه تم الاتفاق على هذه الأسماء في إطار قرارات منظمة الأرصاد الجوية العالمية، وهي مرتبة أبجديا كالتالي: آرييل، باربرا، كليون، دانيال، إلياس، فيدرا، غي، هيلينا، إيوناس” وغيرها. وقد استخدمت أول 3 أسماء بالفعل.
وخلال الاجتماع ذاته، استبعد سعيد أي تطبيع بين تونس وإسرائيل التي أقامت في السنوات الأخيرة علاقات دبلوماسية مع دول عربية، أطلق عليها اسم “اتفاقات أبراهام”.
وقال سعيد: “من أبراهام إلى دانيال… (العلاقة) واضحة جدا”.
وأضاف: “التطبيع الذي يتحدثون عنه لا وجود له عندي كمصطلح. هي خيانة عظمى في حق الشعب الفلسطيني، في كل فلسطين”، مضيفا “القضية ليست مع اليهود بل مع الحركة الصهيونية العالمية”.
ويقول الخبير التونسي إن سعيد أطلق هذه التصريحات في إطار سعي مجلس النواب لإحياء مسألة تجريم التطبيع مع إسرائيل، ويريد الرئيس أن يقول للتونسيين إنه من المدافعين الواضحين عن القضية الفلسطينية، ويسعى لإقرار قانون يجرم التطبيع.
وكان الرئيس التونسي نفى في مايو معاداة السامية بعد الاتهامات الموجهة لبلاده على خلفية هجوم استهدف معبد “الغريبة” اليهودي بجزيرة جربة الذي يُعد واحدا من أقدم المعابد اليهودية في أفريقيا.
وفي عام 2021، واجه سعيد انتقادات بعد ورود تقاير تقول إنه اتهم اليهود بـ”السرقة” خلال لقائه سكان المنيهلة، إحدى ضواحي العاصمة تونس، لكنه نفى التعرض لليهودية وأكد “ضرورة التفريق بين اليهودية من جهة، والصهيونية من جهة أخرى”.
وقال في بيان للرئاسة: “لم يتعرض رئيس الجمهورية لأي دين ولم يكن هناك أي مبرر يستسيغه أي عاقل لطرح قضيّة الأديان في ظل هذه الاحتجاجات، هذا فضلا عن أنه يعتبر أن هذه القضية غير مطروحة أصلا في تونس”.
وقبل وقت قصير من وصوله إلى السلطة في عام 2019، اعتبر سعيد أن التطبيع مع إسرائيل “خيانة عظمى”.