حذر مسؤولون غربيون من “كارثة اقتصادية” قد تحدث في الضفة الغربية المحتلة، إذا لم تجدد إسرائيل الإعفاءات الممنوحة للبنوك الإسرائيلية بشأن التعاون مع نظيراتها الفلسطينية، وفقا لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.
ويسمح الإعفاء، المقرر أن ينتهي في الأول من يوليو المقبل، بالتعاون بين البنوك الإسرائيلية والبنوك في الضفة الغربية، لدفع مقابل الخدمات والرواتب المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، وتسهيل استيراد السلع الضرورية مثل الغذاء والماء والكهرباء.
ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين غربيين قولهم: “دون الإعفاءات، ستتوقف البنوك الإسرائيلية عن التعامل مع المؤسسات المالية الفلسطينية، وسيتوقف الاقتصاد الفلسطيني فعليا بمرور الوقت”.
وقال مسؤول أميركي للصحيفة: “النقطة التي نتباحث بشأنها.. هو أنه لا ينبغي تهديد حصول الناس على الغذاء والكهرباء والمياه في لحظة كهذه، خاصة في الضفة الغربية”.
وأضاف أن عدم تجديد الإعفاءات “سيضر ليس فقط بالمصالح الفلسطينية، لكن أيضا بأمن واستقرار إسرائيل والمنطقة”.
وذكر مسؤولان غربيان لـ”فاينانشال تايمز”، أن واشنطن تقود الجهود الرامية إلى تجديد الإعفاء، و”تحث الحلفاء على ممارسة الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو”.
وأكد المسؤولون وفق الصحيفة، أنه من المتوقع مناقشة الأمر في اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع هذا الأسبوع، في إيطاليا.
لماذا الآن.. ماذا يعني إلغاء إسرائيل “فك الارتباط” بالضفة الغربية؟
في تطور جديد، جاء عقب اعتراف 3 دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، أعلنت إسرائيل إلغاء سريان قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية، وفق ما ذكره وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأربعاء.
وعلى الرغم من أن اقتصاد السلطة الفلسطينية يتاجر مع اقتصادات أخرى بعملات متعددة، كما يستخدم الدينار الأردني على نطاق واسع في الضفة الغربية، فإنه يتعامل رسميا بالشيكل الإسرائيلي، ويجب على المؤسسات المالية الفلسطينية المرور عبر البنك المركزي الإسرائيلي والمصارف الإسرائيلية للوصول إليه، حسب الصحيفة.
وتمر ما يقرب من 8 مليارات دولار من التجارة بين إسرائيل والضفة الغربية عبر البنوك الإسرائيلية، وفقا لبيانات الحكومة الأميركية، حيث يشمل ذلك 2.3 مليار دولار من المدفوعات للغذاء، و540 مليون دولار للكهرباء، و145 مليون دولار لخدمات المياه والصرف الصحي.
شلل النشاط الاقتصادي
وحسب الصحيفة، فإنه من شأن إلغاء الإعفاء أن “يؤدي لإعاقة قدرة السلطة الفلسطينية على العمل، وشل النشاط الاقتصادي في الضفة الغربية المحتلة”.
وقال المسؤولون إن انتهاء فترة الإعفاء “سيؤثر بشكل كبير على عمليات الاستيراد والتصدير، في حين من المحتمل أن يتم تجميد أموال الضرائب الفلسطينية”.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الغربيين، قوله: “سيؤدي ذلك إلى أزمة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الضفة الغربية”.
ويتوقع أن ينكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 26.9 بالمئة بعد 7 أشهر من الحرب في قطاع غزة، وفق تقديرات لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي صدرت مطلع الشهر الجاري.
وخلص التقرير الذي صدر بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا”، إلى التقدير بأن يستمر معدل الفقر في الارتفاع إلى 58.4 بالمئة.
وزير المالية الفلسطيني يحذر من “انهيار مؤسسات السلطة” في الضفة الغربية
حذر مسؤول فلسطيني من انهيار مؤسسات السلطة الوطنية، والتالي حدوث اضطربات في الضفة الغربية خلال الأسابيع القليلة القادمة، وذلك في حال استمرار إسرائيل في عدم تحويل العائدات المالية.
وقبل هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) على إسرائيل في السابع من أكتوبر، والحرب التي تلت ذلك في غزة، كان الإعفاء الخاص بالتعاون بين البنوك الإسرائيلية ونظيرتها في الضفة الغربية يتجدد سنويا.
ويعود هذا الترتيب إلى عام 2016، عندما بدأ مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية في تقديم رسالة سنوية إلى إسرائيل تتضمن تأكيدات بأن البنوك الإسرائيلية لن يتم استهدافها بمزاعم تمويل الإرهاب، بسبب تعاملاتها مع الكيانات الفلسطينية.
وتصدر إسرائيل عادة الإعفاءات التي يتيحها وزير المالية لبنكين إسرائيليين، هما ديسكونت وهبوعليم، اللذين يحتفظان بعلاقات مع المؤسسات المالية الفلسطينية ويزودانها بإمكانية الوصول إلى النظام المصرفي.
لكن هذا العام، أصدر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، تمديدا لمدة 3 أشهر لإعفاء العام السابق، والذي كان من المقرر أن ينتهي في الأول من أبريل، وأشار إلى أنه قد لا يجددها.
ماذا تقول إسرائيل؟
ونقلت “فاينانشال تايمز” عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن بلاده أصدرت تمديدا محدودا فقط للإعفاء، لأن “مراجعة النظام المصرفي الفلسطيني بشأن تمويل الإرهاب لم تكتمل، وأن السلطة الفلسطينية لم تصدر تقييما وطنيا للمخاطر المتعلقة بتمويل الإرهاب وغسل الأموال، ولم تفعل ما يكفي لمواجهة ذلك، فضلا عن ضرورة تقليل استخدام النقد وتحسين تبادل المعلومات”.
وتابع المسؤول: “للأسف، حتى يتم تنفيذ هذه الخطوات الأساسية، لا يمكن تحقيق إجراء فعال للتخفيف بشكل كبير من مخاطر تمويل الإرهاب وغسل الأموال في السلطة الفلسطينية”، مشيرا إلى أن إسرائيل “تشعر بقلق عميق” بشأن هذه المخاطر.
في المقابل، قال مسؤولون فلسطينيون للصحيفة، إن “عملية التدقيق جارية، لكنها لم تكتمل لأن فريقا دوليا كان من المقرر أن يزور الضفة الغربية، قام بتأجيل زيارته مرتين بسبب مخاوف أمنية”.
وذكر أحد المسؤولين: “ليس لدينا ما نخفيه، وإن العمل على الدفع الإلكتروني قد بدأ، لكن محدودية الوصول إلى الإنترنت في الضفة الغربية وقطاع غزة جعلت عملية الرقمنة أكثر تعقيدا”.
“اقتصاد حرب” في غزة وسط الدمار والمعارك
سلط تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، السبت، الضوء على ما وصفه بـ”اقتصاد الحرب” في غزة التي تشهد منذ نحو ستة أشهر حربا مدمرة على خلفية الصراع بين إسرائيل ومسلحي حركة حماس.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله، إن البنوك الفلسطينية “لديها ضمانات بشأن عدم تدفق الأموال إلى الجماعات الإرهابية”، وأن عدم تجديد الإعفاء “سيدفع المزيد من النشاط الاقتصادي الفلسطيني إلى قنوات غير رسمية، مما يخلق المزيد من المخاطر”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.