قالت صحيفة “واشنطن بوست”، الجمعة، إن الولايات المتحدة كثفت جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس منذ هجمات أكتوبر، وكذلك شاركت كمية غير عادية من البيانات مع إسرائيل بما في ذلك لقطات مأخوذة من طائرات مسيرة وصور أقمار اصطناعية واعتراضات اتصالات وتحليل بيانات باستخدام برامج حاسوبية متقدمة بعضها مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وكشفت الصحيفة أن عملية إنقاذ الرهائن الأربعة التي نفذتها القوات الإسرائيلية في غزة يوم السبت الماضي، اعتمدت على عملية ضخمة لجمع المعلومات الاستخبارية كانت الولايات المتحدة فيها الشريك الأكثر أهمية لإسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين القول إنهم ممتنون للمساعدة الأميركية، التي منحت الإسرائيليين في بعض الحالات قدرات فريدة كانوا يفتقرون إليها قبل هجمات حماس المفاجئة عبر الحدود.
لكن هؤلاء المسؤولين أشاروا أيضا إلى براعة إسرائيل في مجال التجسس وأصروا على أن الولايات المتحدة، في معظم الأحيان، لا تمنحهم أي شيء لا يمكنهم الحصول عليه بأنفسهم.
بالمقابل تقول الصحيفة إن بعض المسؤولين الأميركيين يشعرون بالإحباط بسبب طلب الإسرائيليين المزيد من المعلومات الاستخباراتية بطريقة “جشعة” معتمدين في بعض الأحيان على افتراضات خاطئة مفادها أن الولايات المتحدة ربما تحجب بعض المعلومات عنهم.
ويشعر مسؤولون آخرون، بما في ذلك أعضاء في الكونغرس، بالقلق من أن المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الولايات المتحدة يمكن أن ينتهي بها المطاف في أماكن تخزين بيانات تستعين بها القوات الإسرائيلية لشن غارات جوية أو عمليات عسكرية أخرى.
ويشعر هؤلاء أيضا أن واشنطن ليس لديها وسائل فعالة لمراقبة كيفية قيام إسرائيل باستخدام المعلومات الأميركية.
تقول الصحيفة إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منعت إسرائيل من استخدام أي معلومات استخباراتية لاستهداف مسلحي حماس في العمليات العسكرية.
إسرائيل تنشر فيديو لعملية تحرير الرهائن في غزة
نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، مقطع فيديو يوثق جزءا من عملية تحرير رهائن إسرائيليين من مخيم النصيرات في قطاع غزة.
وتضيف أن المعلومات الاستخباراتية يجب أن تستخدم فقط لتحديد مكان الرهائن، وثمانية منهم يحملون الجنسية الأميركية، بالإضافة إلى عناصر القيادة العليا لحماس، بما في ذلك زعيم الحركة في غزة يحيى السنوار وقائد الذراع العسكرية لحماس محمد الضيف، وكلاهما مصنفان إرهابيان من قبل واشنطن.
وحتى الآن تأكد مقتل ثلاثة من الرهائن الأميركيين الثمانية، وما زالت جثثهم محتجزة في غزة، وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وبحسب الصحيفة فقد استندت المعلومات الواردة في هذا التقرير على مقابلات مع أكثر من عشرة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين حاليين وسابقين في واشنطن وتل أبيب والقدس، تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة عمليات استخباراتية حساسة.
في وقت سابق ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة قدمت بعض المعلومات الاستخبارية المستخدمة لتحديد موقع أربعة رهائن إسرائيليين وإنقاذهم في نهاية المطاف الأسبوع الماضي.
ويبدو أن المعلومات، التي تضمنت صور أقمار اصطناعية، كانت ثانوية مقارنة بما جمعته إسرائيل بنفسها قبل العملية، وفقا للصحيفة.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون إنه قبل هجمات 7 أكتوبر، لم يكن مجتمع الاستخبارات الأميركي يعتبر حماس هدفا ذا أولوية، لكن ذلك تغير بعد الهجمات.
منذ ذلك الوقت بدأ أفراد من قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش الأميركي “JSOC”، التي تتمتع بخبرة عميقة في عمليات إنقاذ الرهائن، العمل جنبا إلى جنب مع ضباط وكالة المخابرات المركزية في محطة الوكالة في إسرائيل، وفقا لمسؤولين أميركيين.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن أفرادا من وكالة الاستخبارات الدفاعية بدأوا الاجتماع مع نظرائهم الإسرائيليين “بشكل يومي”.
كما أرسلت وزارة الخارجية الأميركية مبعوثا خاصا للرهائن التقى علنا بالمسؤول الإسرائيلي الرئيسي الذي يشرف على جهود إنقاذ الرهائن.
ويعمل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أيضا في إسرائيل للتحقيق في هجمات حماس على المواطنين الأميركيين والمساعدة في جهود استعادة الرهائن.
وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون حاليون وسابقون إنه في الأسابيع الأولى من الحرب، طلب المسؤولون الإسرائيليون المعنيون بتحديد مكان الرهائن في قطاع غزة معلومات محددة من الولايات المتحدة للمساعدة، بالإضافة إلى تقنيات وخبرات لتحليل كميات كبيرة من الصور للتضاريس في غزة.
وقال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذي رفض تقديم تفاصيل، إن الأميركيين قدموا لنا بعض “القدرات التي لم تكن لدينا قبل 7 أكتوبر”.
لكن مسؤولا إسرائيليا كبيرا ثانيا أشار إلى أن الولايات المتحدة قدمت صورا فضائية مفصلة للغاية تفتقر إليها إسرائيل.
وبحسب مسؤولين أميركيين فإن عملية إنقاذ الرهائن التي جرت السبت الماضي لم تشهد مشاركة قوات أميركية على الأرض واقتصر الأمر على تقديم الدعم فقط.
بالإضافة إلى المعلومات الاستخباراتية، كان هذا الدعم يتألف من أعضاء قيادة العمليات الخاصة المشتركة للجيش الأميركي، وفقا للصحيفة.
وقال مسؤولون أميركيون إن أعضاء المجموعة بدأوا العمل في إسرائيل، بالشراكة مع ضباط المخابرات الأميركية، بعد وقت قصير من بدء الحرب.
وأكد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون مطلعون وفي أكتوبر الماضي، أن عناصر هذه المجموعة كانوا مستعدين للانتشار في غزة لإنقاذ المواطنين الأميركيين الذين تحتجزهم حماس في حال تطلب الأمر.
وقال أحد المسؤولين: “إذا تمكنا من الحصول من جانب واحد على معلومات يمكننا التصرف بناء عليها، واعتقدنا أنه يمكننا بالفعل إخراج مواطنين أميركيين أحياء، فيمكننا التحرك، لكن لم يكن هناك سوى القليل جدا من المعلومات على وجه التحديد حول الرهائن الأميركيين”.
بحسب الصحيفة فقد اعتمدت عملية إنقاذ الرهائن الأسبوع الماضي على معلومات دقيقة حول موقعهم.
تضيف الصحيفة أن هذا المستوى من المعلومات الاستخباراتية هو شيء افتقرت إليه إسرائيل لسنوات في غزة، بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والفشل في بناء شبكة من الجواسيس على الأرض.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون في إسرائيل إن ندرة الاستخبارات البشرية كانت مسؤولة جزئيا عن فشل البلاد في اكتشاف وفهم تخطيط حماس لهجمات 7 أكتوبر.
سلطت الجهود الأخيرة لتحديد مكان الرهائن الضوء على أهمية الذكاء البشري، ففي مايو الماضي، استعادت القوات الإسرائيلية رفات بعض الرهائن بعد استجواب أحد مسلحي حماس، الذي أرشد الجنود إلى الموقع، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون.
وتابع المسؤولون أن استجواب المعتقلين الذين تم أسرهم منذ بداية الحرب أصبح عنصرا هاما في الصورة الاستخباراتية الشاملة.
وقال مسؤولون إن محللي المخابرات الإسرائيلية عثروا أيضا على معلومات استخباراتية مفيدة بين الخوادم وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الوثائق التي تم العثور عليها من مخابئ حماس أو مراكز قيادة الحركة.
وأشاروا إلى أن المحللين الأميركيين ساعدوا في البحث في تلك المصادر عن أدلة حول مكان وجود الرهائن.
وقال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين إن دمج المعلومات التي تم الحصول عليها من السجلات الإلكترونية والمادية مع مصادر استخباراتية أخرى ساعد إسرائيل في تحديد مكان الرهائن خلال عمليتي إنقاذ سبقتا عملية الأسبوع الماضي.