“الهجوم الإيراني على إسرائيل” يفاقم متاعب شركات الطيران في الشرق الأوسط

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

تمكنت إسرائيل من صد الهجوم الإيراني “غير المسبوق”، بفضل نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور والمساعدات الحاسمة التي قدمتها الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الغربيين والعرب، لكن “التصعيد المرتقب” بين الجانبين قد يحمل “تداعيات خطيرة”، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

ولعبت الطائرات الحربية “الأميركية والبريطانية والأردنية” دورا مهما بشكل خاص في إسقاط المسيرات الإيرانية، وتم إسقاط الصواريخ التي أطلقتها إيران تجاه إسرائيل قبل أن تصل إلى المجال الجوي الإسرائيلي.

وتمكنت الولايات المتحدة، بدعم من مدمرات أوروبية، من تدمير “أكثر من 80” مسيرة و”ستة صواريخ بالستية على الأقل مخصصة لضرب إسرائيل انطلاقا من إيران واليمن”، وفق ما أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية “سنتكوم”، الأحد.

استعدادات أميركية 

قبل الهجوم الإيراني، ظل المسؤولون الأميركيون، بمن فيهم وزير الدفاع، لويد أوستن، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، “على اتصال مستمر” مع إسرائيل ودول أخرى في المنطقة.

وزار الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط، المنطقة وقدم معلومات آنيّة مؤكدا التنسيق مع إسرائيل والشركاء الإقليميين الآخرين. 

وقال مسؤول أميركي لوكالة “فرانس برس”، إن الولايات المتحدة كانت على اتصال أيضا مع إيران عبر “سلسلة اتصالات مباشرة نقلت عبر سويسرا” التي تتولى إدارة المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية منذ قطع العلاقات بين طهران وواشنطن قبل أكثر من 40 عاما.

كما نُشرت قوات إضافية في المنطقة “لتعزيز الردع الإقليمي وحماية القوات الأميركية”، وفقا لوزارة الدفاع الأميركية.

تفاصيل “الهجوم غير المسبوق”

وليل السبت، أطلقت إيران “أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز” باتجاه إسرائيل ما أدى إلى جرح 12 شخصا، وفق ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

وفي الهجوم تم استخدام نحو 100 “صاروخ بالستي متوسط المدى” وأكثر من 30 “صاروخ كروز” وما لا يقل عن 150 “مسيرة هجومية” استهدفت إسرائيل انطلاقا من إيران، وفقا لما نقلته وكالة “فرانس برس” عن مسؤول عسكري أميركي. 

وأحصى الجيش الإسرائيلي من جهته أكثر من 350 مقذوفا وقال إن 99 في المئة منها دُمر. 

وقامت القوات الأميركية “بنجاح بالتعامل مع وتدمير أكثر من 80 طائرة هجومية مسيرة وستة صواريخ بالستية كانت تستهدف إسرائيل (بعد إطلاقها من إيران واليمن)”، وفق ما أكدت القيادة المركزية الأميركية عبر منصة “إكس”، الأحد.

ودمرت سفينتان أميركيتان موجودتان في المنطقة، هما “يو إس إس أرلي بيرك” و”يو إس إس كارني”، ستة صواريخ، قبل أن تتدخل طائرات وتُدمّر بدورها أكثر من 70 مسيرة إيرانية. 

وأسقطت بطارية صواريخ باتريوت صاروخَ كروز في مكان ليس بعيدا عن مدينة أربيل العراقية في كردستان.

ودمرت القوات الأميركية أيضا “صاروخا بالستيا على مركبة الإطلاق، كما دُمرت سبع مسيرات على الأرض قبل إطلاقها في مناطق في اليمن يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران”، وفق سنتكوم. 

“بين روايتين”.. ما التقييم العسكري للرد الإيراني على إسرائيل؟

بين الحديث عن “صفعة قوية” والتأكيد على “إفشال الهجوم”، تباينت الروايتان الإيرانية والإسرائيلية حول “النتائج العسكرية” للضربة الليلية التي شنتها إيران على إسرائيل، فما الحقيقة من “المنظور العسكري”؟

هجوم دمشق 

الهجوم الإيراني “الأول من نوعه”، جاء ردا على قصف جوي “نُسب لإسرائيل”، وأسفر عن تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار الضباط، في الأول من أبريل الجاري.

وقد أُطلِع مسؤولون أميركيون كبار على هجوم دمشق خلال زيارة للبيت الأبيض أجراها السفير والملحق العسكري الإسرائيلي، حسبما قال مسؤول في الإدارة الأميركية مضيفا “نحن لم نشارك في هذه الضربة لكننا كنا نعلم أنه ستكون لها عواقب”.

خامنئي يتوعد إسرائيل مجددا.. ما أدوات إيران وما الرد الإسرائيلي؟

مجددا، توعدت إيران بالرد على قصف جوي “نُسب لإسرائيل”، وأسفر عن تدمير مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار الضباط، فما هي أدوات طهران لتحقيق ذلك؟، وما سيكون الرد الإسرائيلي على أي تحرك إيراني مباشر أو غير مباشر؟

وفي الأيام التالية، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الحكومة “الدفاع عن إسرائيل قدر المستطاع”، والتأكد من نشر الوسائل التي تتيح ذلك، وفقا لتوجيه من واشنطن.

مغبة التصعيد؟

منذ بداية الحرب في غزة عقب الهجوم الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان الهدف المعلن للولايات المتحدة يتمثل في تجنب تمدد الصراع في المنطقة، وسعت واشنطن إلى الحد من التوترات.

وعندما سئل عن ردود إسرائيلية محتملة على الهجوم الذي شنته إيران نهاية الأسبوع الماضي، قال مسؤول أميركي “لن نشارك في أي عمل محتمل من جانبهم، ولا نرى أنفسنا منخرطين فيه”.

وأضاف المسؤول أن إسرائيل “كانت واضحة معنا لناحية أنها لا تريد التصعيد مع إيران”. 

وتابع “السؤال الكبير ليس فقط ما إذا كانت إسرائيل تنوي التحرك، بل أيضا ما الذي ستختار القيام به”.

والأحد، قال مسؤولون غربيون إنهم “يعتقدون أن رد إسرائيل قد يأتي بسرعة، ربما اليوم الإثنين”، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال”.

محدودة أم موسعة؟.. سيناريوهات لمواجهة إيرانية إسرائيلية “جديدة”

“هل انتهى الأمر أم لا؟”، سؤال أثار حالة من الجدل في أعقاب الهجوم الإيراني “غير المسبوق” على إسرائيل، والذي تبعه “توعد إسرائيلي بالرد” في مقابل اعتبار إيران “الأمر منتهيا”، وهو ما يجيب عنه مختصون تحدث معهم موقع “الحرة”

والرد بقوة على الأراضي الإيرانية قد يؤدي إلى عمليات انتقامية أكثر تدميرا، لكن عدم الرد على الإطلاق، أو بشكل ضعيف للغاية، يمكن أن يؤدي أيضا إلى تآكل الردع، مما يجعل إسرائيل وغيرها أكثر عرضة للهجمات الإيرانية المستقبلية، وفق ما قاله نداف بولاك، وهو محلل حكومي إسرائيلي سابق يدرس في جامعة رايخمان.

وأضاف: “لقد بدأت إيران مرحلة جديدة.. لقد توقفت عن الاختباء خلف الوكلاء وأصبحت الآن معرضة لهجوم مباشر من إسرائيل”.

وتشكل الجماعات المدعومة من إيران ما يسمى “محور المقاومة”، وهو تحالف من الميليشيات المسلحة التي تضم حركتي الجهاد وحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وجماعات مسلحة عدة في العراق وسوريا، وهي بمثابة خط دفاع أمامي إيراني، وتستخدمها طهران لنشر نفوذها في جميع أنحاء المنطقة.

وعبر تلك المليشيات، نجحت إيران في منافسة القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة، إذ تدعم “مباشرة أو بطريقة غير مباشرة”، أكثر من 20 جماعة مسلحة، غالبيتها مصنفة “إرهابية” لدى الولايات المتحدة.

جزء صغير من “ترسانة كبيرة”

إيران مسلحة بأكبر عدد من الصواريخ الباليستية في المنطقة، وفق مكتب مديرة المخابرات الوطنية الأميركية.

ولم يستهلك هجوم السبت، سوى جزء صغير من قوة ترسانة طهران، حسب “وول ستريت جورنال”.

بعد الهجوم على إسرائيل.. ما هي قدرات إيران “الصاروخية”؟

أطلقت إيران، السبت، سربا كثيفا مكونا من 200 طائرة مسيرة فتاكة وصواريخ بالستية وصواريخ كروز باتجاه إسرائيل، تم اعتراض “الغالبيّة العظمى” منها لكن “أضراراً طفيفة” لحقت بقاعدة عسكرية إسرائيلية، بحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

والأسبوع الماضي، نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية، رسما بيانيا لتسعة صواريخ إيرانية قالت إنها قادرة على الوصول إلى إسرائيل.

ومن بين هذه الصواريخ، “سجيل” الذي يستطيع قطع أكثر من 17 ألف كيلومتر في الساعة وبمدى يصل إلى 2500 كيلومتر، و”خيبر” الذي يصل مداه إلى ألفي كيلومتر و”الحاج قاسم” الذي يبلغ مداه 1400 كيلومتر ويحمل اسم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد قبل أربع سنوات.

وفي يونيو الماضي، ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) أن إيران أزاحت الستار عما وصفه المسؤولون بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي من إنتاجها.

ويمكن للصواريخ فرط صوتية الانطلاق بسرعات تزيد بخمس مرات على الأقل عن سرعة الصوت وفي مسارات معقدة مما يجعل من الصعب اعتراضها.

وفي أغسطس الماضي، قالت إيران، وهي منتج رئيسي للطائرات المسيرة، إنها صنعت طائرة مسيرة متطورة محلية الصنع تسمى مهاجر-10 يصل مداها إلى ألفي كيلومتر وقادرة على الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة وعلى حمل ما يصل إلى 300 كيلوغرام.

ورغم أن عددا قليلا فقط من الصواريخ الإيرانية تمكنت من دخول الأراضي الإسرائيلية السبت، فقد استمد الجيش الإيراني معلومات استخباراتية قيمة من مراقبة كيفية عمل الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية، حسبما تشير “وول ستريت جورنال”.

وقال جوناثان شانزر، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: “كانت إيران تختبر نظام الدفاع الصاروخي، وعزم دول المنطقة، وعزم الولايات المتحدة”.

ماذا عن الرد الإسرائيلي؟

تمتلك إسرائيل واحدا من أكبر الجيوش في العالم، لاسيما من ناحية التجهيز العسكري، وتعتمد على “ضخامة قوتها العسكرية”، من أجل الحفاظ على نفوذها في المنطقة، مستفيدة من دعم الولايات المتحدة “ماديا وعسكريا”.

وتحتل إسرائيل المرتبة الـ14 بين أقوى جيوش الأرض، بينما تحل إيران بالمرتبة الـ17 عالميا، وفق موقع “غلوبال فاير باور”.

عندما تدرس إسرائيل ردها، يجب عليها أيضا أن “تزن مصالح شركائها العرب”، مثل الأردن والسعودية والإمارات، حسبما تشير “وول ستريت جورنال”.

وعلى الرغم من الغضب الشعبي إزاء مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال الحرب في غزة، ساعد الأردن وشركاء آخرون إسرائيل في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، السبت.

وقال ستيفن كوك، محلل شؤون الشرق الأوسط في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط: “لقد كثف شركاؤنا الإقليميون جهودهم على الرغم من التوتر الكبير للغاية بينهم وبين إسرائيل منذ ستة أشهر، وبينهم وبين الولايات المتحدة”.

وبغض النظر عن مدى كره دول المنطقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فإنها “تكره الحكومة الإيرانية أكثر”، وفق كوك.

ومن المرجح أن يلعب هؤلاء الشركاء العرب إلى جانب الولايات المتحدة وآخرين، دورا حيويا في “توفير المعلومات الاستخباراتية وفتح مجالهم الجوي، وفي حالة الأردن، إسقاط الأسلحة الإيرانية”.

وقال مسؤولون أميركيون لـ”وول ستريت جورنال”، إن نصف الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران إما فشلت في الإطلاق أو سقطت من السماء قبل أن تصل إلى أهدافها.

وفشل إيران في إلحاق الضرر بإسرائيل نتيجة للدفاعات الجوية الإسرائيلية المتفوقة “كشف عن مدى ضعف طهران عندما يتعلق الأمر بالتهديد العسكري التقليدي”.

وهذا هو السبب وراء “استثمار إيران كثيرا في الجماعات الإرهابية والقوات المسلحة”. 

وقال بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، إن تلك الجماعات المختلفة لديها “قدرة كبيرة على زرع الخوف والتسبب في قدر كبير من المخاطر للمنطقة”.

الخيار النووي؟

حذر علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، من أن الضعف الواضح في القدرة العسكرية التقليدية لإيران قد يحمل في طياته مخاطر تصعيدية. 

وبما أن الهجمات بالوكالة التي يشنها حزب الله أو حماس ولا القصف المباشر على إسرائيل تنجح، فقد يميل صناع القرار في طهران بشكل متزايد إلى “الخيار النووي”، وفق فايز.

وإذا كانت “الصواريخ الباليستية والمسيرات” غير كافية فمن المحتمل أن تستنج إيران أن “المنفذ الوحيد المتبقي لهم هو الردع النهائي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *