يترقب سياسيون وخبراء أن تستعر المواجهة على الساحة العراقية بين المليشيات الموالية لإيران وإسرائيل بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ في 27 نوفمبر.
وترتبط غالبية المليشيات العراقية الرئيسة، الموالية لإيران، بحزب الله اللبناني سياسيا وعسكريا، سيما أن قادة حزب الله ساهموا في تشكيل غالبية هذه المليشيات، وتقديم المشورة والتدريب لها حتى الآن.
وتحاول الحكومة العراقية النأي بنفسها عن الهجمات التي تنطلق بشكل شبه مستمر من العراق باتجاه إسرائيل، وتتبناها ما يطلق عليها أسم “المقاومة الإسلامية في العراق” منذ أكتوبر 2023.
العراق يرحب بوقف إطلاق النار في لبنان.. ويدعو إلى “خطوات عاجلة” لوقف حرب غزة
أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أحمد الموسوي، الأربعاء، أن تهديدات إسرائيل بتوجيه ضربة للعراق تأتي “في سياق سعيها لفتح أكبر ساحة للقتال في المنطقة ولتخفيف الضغط عنها.”
وقال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في بيان بتاريخ 20 نوفمبر، إن “رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني وجه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة”.
وأشار رسول إلى أن السوداني وجه بتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف، والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال.
ولم تعلن الجهات العراقية التي تملك هذه الميليشيات منذ عام 2018 – بعد مشاركتها في تشكيل الحكومة والبرلمان – عن مسؤوليتها علنيا عن الهجمات التي استهدفت المصالح الأميركية في العراق وسوريا، لكنها تعلن عقب كل هجوم يستهدف تلك المصالح، عن دعمها له.
لكن هذه الجهات لجأت في الوقت ذاته، بدعم عسكري من إيران وحزب الله اللبناني، بتشكيل مليشيات جديدة كوكيل عنها بمسميات مختلفة لتنفيذ الهجمات وتبنيها.
وتشير ملامح المشهد المتمثل بإعلان حالة التأهب القصوى، وتعهد ما يسمى بـ “المقاومة الإسلامية” باستمرار هجماتها رغم الهدنة في لبنان، إلى إمكانية لجوء إيران وحزب الله إلى تكثيف الهجمات ضد إسرائيل عبر وكلاءها في العراق.
التوتر مع إسرائيل.. السوداني يحذر من خطر يهدد أمن العراق
قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن مساعي اسرائيل بتوسعة الصراع بالمنطقة يمثل أهم مكامن الخطر لتهديد أمن العراق واستقراره.
يقول السياسي العراقي المستقل مثال الآلوسي لموقع الحرة، إن الساحة العراقية أصبحت لإيران وحزب الله اللبناني “أكثر أهمية وحساسة في التعامل مع الإدارة الاميركية الجديدة”.
ويرى الآلوسي أن العراق بالنسبة لحزب الله ليس مجرد وسيط جغرافي لنقل وعبور الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر سوريا.
ويلفت إلى أن العلاقة بين حزب الله والمليشيات في الظاهر تشير إلى وجود تنسيق بين الطرفين لمواجهة إسرائيل، لكنها في الباطن تضم خفايا الهيمنة والابتزاز والتسلط في اتخاذ القرارات.
ويضيف الآلوسي “خلال سفراتهم المستمرة إلى لبنان نقل العديد من قادة المليشيات أموالا طائلة إلى مصارف لبنان وإلى الشبكات المالية لحزب الله”.
ويشير السياسي العراقي المستقل إلى أن حزب الله يعرف كل خفايا تورط قادة هذه الميليشيات بتهريب ملايين الدولارات من خزينة الدولة العراقية، وتورطهم بغسيل الأمول في لبنان من خلال شراء العقارات والاستثمارات، لافتا الى أن هذه الاسرار تجعل حزب الله يتحكم بالمشهد العراقي بالكامل، حسب تعبيره.
إيران و”ابنها البكر”.. موجة تحولات جذرية تنتظر حزب الله
كشفت استراتيجية إيران الإقليمية عن طموحات توسعية تهدف إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وذلك من خلال مشروع أُطلق عليه لاحقا “الهلال الشيعي”. ويهدف هذا المشروع إلى ربط إيران ببعض الدول العربية التي تشهد وجوداً شيعياً، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، لتشكيل محور نفوذ إيراني يمتد من طهران إلى بيروت.
وتبلغ أعداد المليشيات العراقية الموالية لإيران نحو 70 فصيلا مسلحا، منها مليشيات رئيسة تمتلك أعداد كبيرة من المسلحين ولديها ترسانة أسلحة متطورة وصواريخ وطائرات مسيرة حصلت عليها من إيران خلال السنوات الماضية، وتنضوي غالبيتها ضمن هيئة الحشد الشعبي.
وأبرز هذه المليشيات منظمة بدر، وهي أولى المليشيات العراقية التي أسسها الحرس الثوري الإيراني مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وحاربت إلى جانب إيران في الحرب الإيرانية العراقية، وبعد عام 2003 شكل الحرس الثوري العديد من المليشيات الأخرى في العراق ككتائب حزب الله العراق ومليشيات عصائب اهل الحق والنجباء وكتائب سيد الشهداء وكتائب الامام علي.
ويتوقع الخبير السياسي العراقي عمر عبد الستار أن تدخل هذه الفصائل، التي تطلق على نفسها اسم “المقاومة الإسلامية في العراق”، طرفا في الصراع السوري ضمن محور المليشيات الإيرانية ونظام الأسد.
ويعتقد عبدالستار أن إسرائيل ستدخل إلى سوريا للقضاء على الميليشيات الإيرانية هناك، و”هي قادمة ايضا لإنهاء الميليشيات الإيرانية في العراق” حسب تعبيره.
ويوضح عبدالستار لموقع الحرة أن “الميليشيات العراقية ستدخل على خط المواجهة المباشرة مع إسرائيل، فهذه المعركة بالنسبة لها “هي جزء من أمنها ووجودها وبقائها”.
ويتوقع عبدالستار أن يتكرر المشهد اللبناني في العراق وسوريا، ويكون هناك اتفاق إطلاق نار إسرائيلي-سوري، و آخر إسرائيلي-عراقي برعاية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تجنبا لحرب إقليمية واسعة الانتشار.
إذا ضربت إسرائيل العراق.. بغداد حددت طريقة الرد
إذا ضربت إسرائيل مواقع الفصائل المسلحة في العراق، فإن بغداد حددت خطتها وأرضيتها التي ستستند إليها في طريقة الرد على هذا الهجوم، الذي قد يحول البلاد إلى ساحة نزاع لقوى إقليمية يصعب ضبطها.
ويشهد العراق بشكل شبه مستمر ظهور ميليشيات جديدة تكون غالبا واجهة لإحدى الفصائل المسلحة الرئيسة ووكيلة عنها في تنفيذ الهجمات، وتعرف هذه بـ “ميليشيات الظل”.
ومن ضمن هذه الميليشيات “عصبة الثائرين، أولياء الدم، الغاشية، أصحاب الكهف، قبضة الهدى، قاصم الجبارين، ذو الفقار، سرايا المنتقم، ثأر المهندس، لواء خيبر، سرايا ثورة العشرين الثانية، المقاومة الدولية، الشهيد كريم درعم، كتيبة السابقون، أولو العزم، المنتقمون، ألوية الوعد الحق، الثائرون، ربع الله، ولد الشايب، أبناء المهندس”.
لكن الخبير الاستراتيجي، علاء النشوع، يرى أن هذه الميليشيات العراقية آخر ورقة ستستخدمها إيران في الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويبين النشوع لموقع الحرة أن استخدام حزب الله “ميليشيا الظل العراقية” لشن هجمات ضد إسرائيل، دليل على أن إيران فشلت في مناوراتها السياسية والأمنية والعسكرية في الحد من الهجمات الإسرائيلية في عمقها، وكذلك انهيار كل أدواتها، حسب تعبيره.
ويشير النشوع إلى أن المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط هي إنهاء النفوذ الإيراني بالكامل والعمل على تقويض القوة الإيرانية في العراق والمنطقة، وجعل القوة الإيرانية تنحسر ضمن جغرافيتها.