أجرى الدكتور عبدالإله بن عبدالله آل ظافر، طبيب أسنان حاصل على ماجستير في علوم الفم من جامعة جلاسكو وسنة أولى ماجستير إكلينيكي في علاج العصب وجذور الأسنان من جامعة كينجز كولج لندن، بحثًا موسعًا بعنوان “التحديات السريرية والتشخيصية لالتهاب الجيوب الأنفية المتعلقة بجذور وأعصاب الأسنان”. ركز البحث على مراجعة الأبحاث المرتبطة بالحالة المرضية المعروفة باسم التهاب الجيوب الأنفية المتعلق بأعصاب الأسنان (MSEO). وكان الهدف من هذا البحث جمع وتحليل المعلومات المتوفرة حول الأعراض السريرية لهذا الالتهاب، وتحديد الأساليب التشخيصية الأكثر فعالية، مع التركيز بشكل خاص على فحص التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد (CBCT) كأداة دقيقة لتحديد العدوى.
في هذا البحث، استعرض الدكتور عبدالإله العديد من الدراسات التي تربط بين مشاكل الأسنان والتهاب الجيوب الأنفية. إحدى الدراسات التي أجريت على 198 مريضًا يعانون من التهاب مزمن في الجيوب الأنفية، وجدت أن 40.6% من الحالات كانت لها علاقة مباشرة بمشاكل الأسنان. وفي دراسة أخرى شملت 82 مريضًا، خلصت النتائج إلى أن أكثر من 50% من الحالات كانت مرتبطة بالتهابات الأسنان. أما دراسة حديثة على 453 مريضًا يعانون من التهاب الجيوب الأنفية المزمن، فقد أظهرت أن 65.6% من الحالات كان سببها التهاب في أعصاب الأسنان، مما يشير إلى أن حوالي ثلثي حالات التهاب الجيوب الأنفية قد تكون مرتبطة بالأسنان.
يرى الباحث أن القرب التشريحي بين جذور الأسنان الخلفية العلوية والجيوب الفكية يلعب دورًا كبيرًا في انتقال العدوى من الأسنان إلى الجيوب الأنفية، حيث تبين أن الأضراس أكثر عرضة للتسبب في هذه الحالة بـ 11 مرة مقارنة بالأسنان الضواحك. هذا القرب يزيد من احتمالية انتشار العدوى من جذر السن المصاب إلى الجيوب الأنفية، مما يسبب التهابًا وأعراضًا مزعجة.
الأعراض والعلامات السريرية:
تشمل الأعراض المرتبطة بالتهاب الجيوب الأنفية المتعلق بجذور الأسنان العديد من العلامات التي تتداخل مع التهاب الجيوب الأنفية التقليدي، مما يجعل التشخيص معقدًا. من أبرز الأعراض:
• ألم في الأسنان والفك العلوي، يمتد أحيانًا إلى الوجه ويتركز غالبًا في جهة واحدة.
• تورم في الوجه، خاصة في منطقة الخد.
• احتقان الأنف مع إفرازات أنفية ذات رائحة كريهة وصعوبة في التنفس.
• رائحة كريهة أو طعم سيء في الفم نتيجة الإفرازات الناتجة عن العدوى.
التحديات التشخيصية:
تعتبر التحديات التشخيصية من أبرز الصعوبات التي تواجه الأطباء في التفريق بين التهاب الجيوب الأنفية المتعلق بالأسنان والتهاب الجيوب التقليدي. أظهرت النتائج أن التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد (CBCT) يوفر دقة عالية في الكشف عن العدوى، وتحديد موقعها، ومدى انتشارها. هذا النوع من التصوير يسمح للأطباء بتمييز التهاب الجيوب الأنفية الناتج عن التهاب عصب الضرس عن الأنواع الأخرى من التهابات الجيوب الأنفية.
استراتيجيات العلاج:
يعتمد علاج التهاب الجيوب الأنفية المتعلق بالتهاب أعصاب الأسنان على نهج شامل يشمل:
1. علاج عصب الضرس المتسبب في العدوى: حيث يتم إزالة العدوى من الجذر، ويكون هذا العلاج كافيًا في معظم الحالات البسيطة والمتوسطة.
2. التدخل الجراحي: يستخدم في الحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج الجذري، حيث يتم تنظيف الجيب الفكي جراحيًا.
3. الأدوية المضادة للالتهابات والمضادات الحيوية: تُستخدم للتحكم في الأعراض، لكنها ليست بديلاً عن العلاج الجذري للسن المصاب.
الخلاصة:
أثبت البحث أن فهم العلاقة بين مشاكل الأسنان والتهاب الجيوب الأنفية يعد ضروريًا لتقديم رعاية طبية شاملة. التشخيص المبكر والعلاج المناسب يعزز من فرص الشفاء السريع ويمنع حدوث مضاعفات طويلة الأمد قد تؤثر سلبًا على جودة حياة المريض.