تكثف جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران هجماتها على السفن في البحر الأحمر، مما يؤثر على طريق حيوي للتجارة بين الشرق والغرب.
وردا على ذلك، أصدرت بعض شركات الشحن تعليمات للسفن بالإبحار بدلا من ذلك حول جنوب القارة الأفريقية “طريق الرجاء الصالح”، وهو طريق أبطأ ومن ثم أكثر كلفة.
وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا عشرات الضربات الجوية ضد أهداف عسكرية تابعة للحوثيين يومي 11 و12 يناير ليلا ردا على استهداف السفن، في توسيع لصراع في المنطقة ناجم عن الحرب الإسرائيلية في غزة.
والثلاثاء، قالت مصادر في قطاع التأمين إن الأقساط بمواجهة مخاطر الحرب للشحنات عبر البحر الأحمر تشهد ارتفاعا بعد الهجمات الحوثية، وتوقع استهداف السفن التي لها صلات بريطانية أو أمريكية.
وأدرجت سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، وذلك حتى قبل هجمات الحوثيين الأخيرة، ويتعين على السفن إخطار شركات التأمين الخاصة بها عند الإبحار عبر هذه المناطق ودفع قسط إضافي، والذي كان حتى وقت سابق من هذا الشهر عادةً لمدة تغطية تبلغ سبعة أيام.
وقالت مصادر في قطاع التأمين إن أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب ارتفعت إلى حوالي واحد في المئة من قيمة السفينة، من حوالي 0.7 في المئة الأسبوع الماضي مع خصومات مختلفة تطبقها شركات التأمين. وأضافت أنه من المتوقع أن ترتفع الأسعار.
ويتحول هذا إلى مئات الآلاف من الدولارات من التكاليف الإضافية لرحلة تستغرق سبعة أيام.
وقال مونرو أندرسون، رئيس العمليات في شركة فيسيل بروتيكت المتخصصة في مخاطر الحرب البحرية والتأمين، التي تعد جزءا من شركة بين للتأمين، إن مُدد عروض أسعار مخاطر الحرب أصبحت الآن أقصر بكثير، “إذ أصبحت 24 ساعة هي القاعدة”.
وقال لرويترز “الأسعار تتزايد وهو ما يعكس التعرض الكبير والمبهم للمخاطر في البحر الأحمر”.
وأضاف “منذ الضربات البحرية والجوية في اليمن، أصبح من المعتقد الآن على نطاق واسع أنه بالإضافة إلى السفن المرتبطة بإسرائيل، هناك تهديد متزايد للسفن المرتبطة ببريطانيا والولايات المتحدة، بما في ذلك الأعلام التابعة لهما، وكذلك تلك المرتبطة بأستراليا وهولندا والبحرين وكندا”، مشيرا إلى التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة، الذي يحاول حماية حركة الشحن التجاري.
وقال مصدر في قطاع التأمين “هجمات الحوثيين تشمل جميع السفن بمعايير وضوحها أخذ في التراجع… ننصح الآن السفن التي ترفع أعلام الولايات المتحدة وبريطانيا بعدم المرور عبر البحر الأحمر”.
وفي الأيام الأخيرة، أوقفت السفن التجارية رحلاتها عبر البحر الأحمر، مع اتجاه المزيد من السفن للقيام برحلة أطول عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
وفيما يلي الإجراءات التي اتخذتها الشركات..
* سي.إتش روبنسون
قالت مجموعة الخدمات اللوجستية العالمية في 22 ديسمبر إنها غيرت مسار ما يربو على 25 سفينة لتبحر حول طريق رأس الرجاء الصالح على مدى أسبوع سبق ذلك، ومن المرجح أن يستمر هذا العدد في الزيادة.
وأضافت “من المتوقع استمرار إلغاء المرور بموانئ أو مناطق في مسارات السفن وارتفاع الأسعار فيما يخص العديد من تحركات التجارة في الربع الأول من 2024”.
* سي.إم.إيه-سي.جي.إم
قالت مجموعة الشحن الفرنسية في الخامس من يناير إنها لم تغير خططها التي أعلنتها الشهر الماضي لزيادة عدد السفن التي تعبر قناة السويس تدريجيا.
وغيرت المجموعة في السابق مسار عدة سفن لتأخذ طريق رأس الرجاء الصالح.
* يوروناف
قالت شركة ناقلات النفط البلجيكية في 18 ديسمبر إنها ستتجنب منطقة البحر الأحمر لحين إشعار آخر.
* إيفرغرين
قالت شركة إيفرغرين التايوانية لشحن الحاويات في 18 ديسمبر إن سفنها المتجهة إلى موانئ البحر الأحمر ستبحر إلى المياه الآمنة القريبة في انتظار إشعار آخر، بينما سيجري تغيير مسار السفن المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح. كما أعلنت الشركة توقفها مؤقتا عن قبول نقل البضائع الإسرائيلية.
* فرونت لاين
قالت مجموعة فرونت لاين لناقلات النفط ومقرها النرويج في 18 ديسمبر إن سفنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
* غرام كار كاريرز
قالت شركة الشحن النرويجية المتخصصة في نقل السيارات في 21 ديسمبر إن سفنها لن تمر عبر البحر الأحمر.
* هافنيا
قالت شركة الشحن النرويجية في 12 يناير إنها منعت جميع السفن من التوجه إلى مضيق باب المندب أو الإبحار في مياهه بعد تحذير من القوات البحرية المشتركة التي طالبت بالابتعاد عن المنطقة في أعقاب الضربات الجوية الأميركية والبريطانية في اليمن.
* هاباج لويد
قالت شركة شحن الحاويات الألمانية في 15 يناير إنها قررت مواصلة تحويل مسار السفن بعيدا عن قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح. وسوف تصدر الشركة قرارات لاحقة في 22 يناير.
وقال متحدث باسم الشركة في 12 يناير بشأن الغارات الجوية الأميركية البريطانية “لن نعلق على الحوادث التي وقعت الليلة الماضية”، مضيفا أن هاباج لويد ترحب بالإجراءات الرامية إلى تأمين المرور الآمن للسفن لأن تغيير مسارها يتسبب في تكاليف شهرية إضافية بعشرات الملايين من اليورو.
* إتش.إم.إم
قالت شركة شحن الحاويات الكورية الجنوبية في 19 ديسمبر إنها أمرت سفنها التي تستخدم عادة قناة السويس بتغيير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
* هوغ أوتولاينرز
قالت شركة الشحن النرويجية في 20 ديسمبر إنها ستوقف عبور سفنها في البحر الأحمر بعد أن رفعت هيئة الملاحة البحرية النرويجية مستوى الإنذار بالنسبة للجزء الجنوبي من البحر إلى أعلى مستوى.
* كلافينيس كومبينيشن كاريرز
قالت الشركة المشغلة لأسطول ناقلات ومقرها النرويج في 28 ديسمبر إنه من غير المرجح أن تبحر أي من سفنها في البحر الأحمر ما لم يتحسن الوضع.
* كونا + ناجل
قال مايكل ألدويل، نائب الرئيس التنفيذي للوجستيات البحرية لدى شركة (كونا + ناجل) السويسرية للخدمات اللوجستية في 12 يناير “حتى لو أصبح مضيق باب المندب آمنا وسالما للعبور اعتبارا من اليوم فصاعدا، فإننا نتوقع أن يستغرق الأمر شهرين على الأقل قبل أن تستأنف السفن أنماط الحركة العادية”.
* ميرسك
قالت مجموعة الشحن الدنمركية، التي تسيطر على سدس تجارة الحاويات العالمية تقريبا، في الخامس من يناير إنها ستعلق مرور سفنها في البحر الأحمر “في المستقبل المنظور”.
وفي أعقاب الضربات الأميركية والبريطانية على أهداف عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن، قالت الشركة في 12 يناير إنها تأمل أن تؤدي التدخلات الدولية وزيادة الوجود البحري في المنطقة إلى استئناف حركة التجارة البحرية عبر المضيق في نهاية الأمر.
* إم.إس.سي
قالت شركة البحر المتوسط للشحن (إم.إس.سي) في 16 ديسمبر إن سفنها لن تمر عبر قناة السويس وإنها حولت مسار بعضها بالفعل لرأس الرجاء الصالح.
* نيبون يوشن
قال متحدث باسم نيبون يوشن، أكبر شركة شحن في اليابان من حيث المبيعات، لرويترز في 16 يناير إن الشركة أوقفت الملاحة عبر البحر الأحمر مؤقتا لجميع السفن التي تشغلها ولقد قامت أيضا بتوجيه السفن القريبة من البحر الأحمر بالانتظار في مياه آمنة وتدرس حاليا إمكانية تغيير مسارها.
* أوشن نتورك إكسبرس
قالت أوشن نتورك أكسبرس (وان)، وهي مشروع مشترك بين شركات ميتسوي أو.إس.كيه لاينز ونيبون يوسن وكاواساكي كيسن كايشا، في 19 ديسمبر إنها قررت تحويل مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح أو وقف رحلاتها مؤقتا ونقلها لمناطق آمنة.
* أورينت أوفرسيز كونتينر لاين
قالت شركة أورينت أوفرسيز كونتينر لاين (أو.أو.سي.إل)، ومقرها هونغ كونغ، في 21 ديسمبر إنها أمرت سفنها بتغيير مسارها أو وقف الإبحار إلى مياه البحر الأحمر. كما توقفت شركة الشحن المملوكة لشركة أورينت أوفرسيز (إنترناشونال) المحدودة عن قبول البضائع من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر.
* تورم
قالت مجموعة ناقلات النفط الدنمركية في 12 يناير إنها قررت وقف جميع عمليات العبور من جنوب البحر الأحمر مؤقتا في الوقت الحالي.
* ولينيوس فيلهلمسن
قالت مجموعة الشحن النرويجية في 19 ديسمبر إنها ستوقف جميع رحلاتها في البحر الأحمر حتى إشعار آخر. وذكرت أن تغيير مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح سيزيد زمن الرحلات من أسبوع إلى أسبوعين.
*يانغ مانغ للنقل البحري
قالت شركة شحن الحاويات التايوانية في 18 ديسمبر إنها ستغير مسار السفن التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن لتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين.
طريق الرجاء الصالح
ويعتبر “الرجاء الصالح” طريقا تجاريا بالغ الأهمية، ويعمل أيضا كطريق ثانوي للنفط في حالة إغلاق الممرات الرئيسية لقناة السويس أو باب المندب، حسب تقرير لموقع “بزنس إينسايدر”.
لكنه يختلف عن باقي الممرات البحرية من زاوية التكلفة الكبيرة التي يفرضها طول المسافة التي تجبر السفن التجارية على سلكها للعبور من آسيا إلى أوروبا.
وكمثال على ذلك تستغرق الرحلة من قناة السويس في مصر إلى روتردام في هولندا أكبر ميناء في أوروبا حوالي 11 يوما.
لكن وعند مقارنة ذلك عبر سلوك “الرجاء الصالح” يحتاج الأمر إلى 26 يوما على الأقل، وفقا لشركات البيانات المالية “ريفينيتيف”.
وفي الوقت الحالي، وبعدما حوّلت كبرى الشركات مسارها من السويس والبحر الأحمر باتجاه “الرجاء الصالح” باتت تواجه زيادات هائلة في تكالف الشحن البحري، كما يورد تقرير حديث لموقع “ذا لاود ستار”، المختص بمتابعة أخبار الملاحة البحرية.
ويوضح الموقع أن تغيير المسار من السويس إلى “الرجاء الصالح” من شأنه أن “يضيف نحو 10 أيام إلى زمن الرحلة المتجهة غربا في حلقة من آسيا إلى شمال أوروبا”.
ومن شأن ذلك أيضا أن “يضغط بشكل كبير على الإمدادات المحدودة بالفعل قبل رأس السنة الصينية الجديدة ويتسبب في ارتفاع أسعار الشحن”.
ووفقا لكبير المحللين في مؤشر زينيتا للشحن، بيتر ساند، فإن تكلفة نقل البضائع يمكن أن ترتفع “بشكل كبير”، وحذر في حديثه للموقع قائلا: “اعتمادا على حجم ومدة أي انقطاع في قناة السويس، يمكننا أن نشهد زيادة في أسعار الشحن البحري بنسبة تصل إلى 100 بالمئة”.
وأشار ساند إن حادثة سفينة “إيفر غيفين” في عام 2021، عندما أغلقت السفينة قناة السويس لمدة ستة أيام، مما أدى إلى اضطراب كبير، موضحا أن الحادثة المذكورة “تركت ندوبا عميقة ومرعبة”، وهو ما قد يتكرر في الوقت الحالي