الجزائر ستقدم مشروع قرار في مجلس الأمن  “لوقف القتل في رفح”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 13 دقيقة للقراءة

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ضغوطا متزايدة من أجل وقف العمليات العسكرية في رفح، وزادت هذه الضغوط بعد الغارة الأخيرة على مخيم للنازحين في المنطقة المكتظة بالسكان، فهل اقتربت الحرب من ساعة الحسم لإجبار إسرائيل على وقف العمليات العسكرية التي تقلق وتغضب العالم؟

وأكدت الغارة الأخيرة، التي تسببت في حرق خيام ومقتل العشرات من النازحين، المخاوف التي سبقت اجتياح رفح في الثامن من مايو من سقوط مدنيين في منطقة نزح إليها بالفعل نحو 2.3 مليون شخص.

وأجبر الاجتياح الإسرائيلي لرفح الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من المدينة التي نزح إليها نحو نصف سكان القطاع.

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، الثلاثاء، أن نحو مليون شخص فروا من المدينة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، محذرة من أنه أصبح “شبه مستحيل” تقديم الدعم والحماية لهؤلاء الأشخاص.

وفي أعقاب الغارة، قتل جندي مصري في تبادل لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والقوات المصرية على جانبي معبر رفح الذي سيطرت عليه إسرائيل بعد الاجتياح. وحذرت مصر من أن التوغل الإسرائيلي في رفح قد يهدد معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ عقود.

واعتبرت  صحيفة هارتس الإسرائيلية في تحليل للموقف أن الحادث عكس شدة التوتر “مع التقاء الحدود الثلاثة والذي اشتد بشكل كبير مع توغل الجيش الإسرائيلي في رفح”.

وبعد الإدانات الدولية التي أعقبت غارة الأحد التي أسفرت عن مقتل 45 شخصا وإصابة 249 آخرين، تم الإعلان، الثلاثاء، عن مقتل 21 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية جديدة على مخيم للنازحين غرب مدينة رفح.

استهداف مخيم النازحين في رفح.. ماذا يقول القانون الدولي؟

توالت ردود الفعل المنددة بالغارة التي نفذتها إسرائيل بمخيم للنازحين في رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، الأحد، بعد مقتل مدنيين في الغارة.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، أن حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي في حي تل السلطان في شمال غرب رفح وصلت إلى 45 شخصا على الأقل وإصابة 249 آخرين

وجاءت الغارتان في أعقاب صدور قرار من محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة طالب إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح، وفتح معبر رفح الحدودي للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق.

وقرر مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة مغلقة بعد ظهر الثلاثاء بشأن الوضع في رفح بناء على طلب الجزائر، الممثل العربي في المجلس.

ومع تصاعد الضغوط الدولية، أعلن وزير الخارجية الأيرلندي، ميشيل مارتن، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أجروا “للمرة الأولى نقاشا مهما حول فرض عقوبات على إسرائيل، إذا لم تلتزم بالقانون الإنساني الدولي”، حسب ما جاء في مجلة بوليتيكو الأميركية.

وقال مارتن للصحفيين، الاثنين، عقب انعقاد مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي: “كان هناك إجماع واضح للغاية حول ضرورة دعم المؤسسات القانونية الإنسانية الدولية”.

مستقبل نتانياهو

وأثارت الغارتان الأخيرتان تساؤلات عن مدى تأثيرهما على مستقبل نتانياهو وائتلافه اليميني، وعن احتمالات أن تسفر عن تغيير في سياسة الحكومة ووقف الحرب في نهاية المطاف.

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه فتح تحقيقا في غارة الأحد، بعدما قال، إنه استهدف “بذخائر دقيقة” مسؤولين في حماس، فيما وصف رئيس الحكومة، الضربة بأنها “حادث مأساوي”، مشيرا إلى أن حكومته “تحقق فيها”.

وقال المحامي العام العسكري، الاثنين، في مؤتمر لنقابة المحامين الإسرائيلية في إيلات إن الادعاءات ضد إسرائيل بشأن القتل المتعمد للمدنيين لا أساس لها من الصحة.

وكشف أنه منذ بداية الحرب، تم فتح حوالي 70 تحقيقا للشرطة العسكرية في شبهات حول سلوك إجرامي للجنود، بما في ذلك التحقيقات المتعلقة بمعاملة المعتقلين الفلسطينيين في قاعدة سدي تيمان.

وقالت صحيفة هآرتس إن المحتمل أن تكون شظية من إحدى القنابل التي سقطت في غارة الأحد قد انحرفت إلى داخل المخيم، مما أدى إلى نشوب حريق كبير هناك.

ونفت مصادر في الجيش لصحيفة هآرتس ماء جاء في بعض التقارير أن سبع قنابل تزن كل منها طنا أسقطت على الموقع. وقالت: “أسقطت قنبلتان في الهجوم”.

وقالت إدارة الصحافة الأجنبية التابعة للحكومة الإسرائيلية، إنه قبل الغارة في رفح، “خلص تقييم إلى أنه لن يكون هناك ضرر غير متوقع على المدنيين”.

وأضافت أن آلية تقصي الحقائق والتقييم التابعة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي “تحقق في ملابسات وفاة المدنيين في المنطقة بعد الغارة”، وأن الجيش الإسرائيلي “يأسف على أي ضرر يلحق بالمدنيين غير المشاركين أثناء القتال”.

وفي تصريح سابق لموقع الحرة، قال كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، الذي شغل منصب نائب لمدير المكتب الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية، إن إسرائيل “لم تستهدف، مساء الأحد، مخيما للنازحين، وإنما مبنى كان يتواجد فيه إرهابيو حماس واستخدموه كمجمع عسكري، وبالتالي، ووفقا للقانون الدولي، فهو هدف عسكري مشروع”، وفق تصريحاته لموقع الحرة.

وأضاف مايكل أن الجيش الإسرائيلي “اتخذ جميع التدابير الاحترازية لضمان منع وقوع أي أضرار جانبية”.

الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية، جوست هلترمان، قال في تصريحات جديدة لموقع الحرة، الثلاثاء، إنه بعد غارة الأحد، قد يصبح موقف نتانياهو “غير مقبول أكثر فأكثر مع تراكم مبرراته للفظائع الإسرائيلية في غزة، ما يؤدي إلى تآكل الدعم لبلاده من العواصم الغربية، وتزايد الضغوط من حلفاء إسرائيل ومن داخل النظام السياسي المحلي”.

ويشير خبير الشؤون الإسرائيلية، جلال بنا، إلى تزايد الضغوط الدولية وخاصة الأميركية على إسرائيل، وهي “تؤرق الجهاز الأمني خاصة بما يتعلق باستمرار تزويد اسرائيل بالعتاد والأسلحة”.

ورأى بنا، المقيم في إسرائيل، أن قرارات المحكمة الدولية تضع نتانياهو في مأزق لأن التبعات ستكون كبيرة عليه في المستقبل.وما يحاول نتنياهو القيام به، وفق بنا الذي تحدث لموقع الحرة، هو استمرار العمليات الأمنية والعسكرية في غزة في محاولة لإطالة عمر حكومته التي ستسقط فور إعلان انتهاء الحرب.

وفي تصريحات لموقع الحرة، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، إيدي كوهين، إنه لا يعتقد “أن ما يسمى المجزرة سيؤدي إلى وقف عملية رفح بل بالعكس، رأينا الدبابات اقتربت إلى مركز رفح وصادرنا كمية هائلة من الأسلحة”.

ويقول كوهين إن هناك “ضغوطات على إسرائيل والجميع ندد بنتانياهو لكنه سيستمر بالحرب حتى لو صارت مجزرة ثانية أو ثالثة. نتانياهو مصمم على القضاء على حماس ومصادرة جميع الأسلحة”.

“ضوضاء إعلامية كبيرة”

ولا يعتقد المحلل السياسي، حسن منيمنة، المقيم في واشنطن، أن هناك ضغوطا كبيرة يتعرض لها نتانياهو، وإنما فقط “ضوضاء إعلامية كبيرة”.

ويعتقد منيمنة في حديث لموقع الحرة أن نتانياهو سيصر على مواصلة عملية رفح، خاصة أن واشنطن لا ترفض ما تقوم به إسرائيل رغم صدور تصريحات تعبر عن الاستياء وتجاوز الخط الأحمر.

وكتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحية تحليلها: “قتل مدنيين في رفح قد يجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار حتى بدون صفقة الرهائن”.

 وأضافت أن “السؤال الآن هو ما إذا كان هذا الحادث، الذي وقع بعد يومين من صدور قرار محكمة العدل الدولية، من شأنه أن يزيد من الضغوط الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، حتى من دون أن يكون مشروطا بصفقة إطلاق سراح الرهائن”.

ويوم الاثنين، قال الوزير في الحكومة، غادي آيزنكوت، من حزب الوحدة الوطنية، في جلسة مغلقة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، إن تصاعد القتال في القطاع خلق نافذة زمنية ضيقة قدرها بنحو أسبوع، للمضي قدما في عملية السلام”.

وحتى من قبل غارة رفح، كان هناك تحذير داخلي من أهالي الرهائن من أن تضطر إسرائيل إلى التوصل إلى اتفاق تقدم خلاله تنازلات.

ونقلت تايمز أوف إسرائيل بيانا لوالدة رهينة إسرائيلية محتجزة في غزة خلال مشاركتهم في تظاهرة أسبوعية السبت: “علينا أن نفهم مرة واحدة وإلى الأبد أن شروط التوصل إلى اتفاق لم تتغير. لن يكون هناك اتفاق دون انتهاء الحرب”.وتابعة قائلة: “إذا لم تتوصل الحكومة إلى اتفاق الآن، فستضطر إسرائيل في النهاية إلى إنهاء الحرب دون عودة الرهائن”

وقالت هآرتس إن الإخلاء القسري لم يحل مشكلة القتال في منطقة كثيفة السكان (رفح) حيث ظلت رفح مزدحمة مع بقاء نحو 350 ألف شخص و”لصعوبة الأساسية في عملية رفح، إلى جانب العملية التي من المقرر أن تنتهي قريبا في جباليا شمالي غزة، لا تتعلق بالجبهة الداخلية بل بالأحرى بالضغوط المتراكمة على القوات المقاتلة”.

 وهو ما قد يؤدي إلى “نقطة انعطاف” بالنسبة للجمهور الإسرائيلي الذي يتحمل العبء مع استمرار الحرب في القطاع وتعرض البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان لنيران كثيفة يوميا من حزب الله.

“نصف توبيخ ونصف إدانة” 

ويرى كوهين في تصريحاته لموقع الحرة أن ما يهم نتانياهو هو الموقف الأميركي الذي يحمل “نصف توبيخ ونصف إدانة” وفي النهاية واشنطن “أكدت أن إسرائيل لا ترتكب جرائم حرب وطالبت إسرائيل بفعل ما تريده، كما أن نواب أميركيين يتساءلون عن السبب في ترك روسيا تفعل ما تشاء في أوكرانيا بينما يتم توبيخ إسرائيل على سلوكها في غزة”.

ويقول كوهين إنه نظرا للموقف الأميركي، يستطيع نتانياهو تحمل الضغط الهائل الذي يتعرض له، فهو “يستمد قوته من واشنطن” أما الأوروبيين “فموقفهم غير مؤثر وهم فقط يصدرون تصريحات تعبر عن التنديد بأشد العبارات وقد ظلوا لأكثر من 20 عاما ينددون ببناء المستوطنات”، أما ما يهم نتانياهو حقا هو الموقف الأميركي وهو موقف “جيد” بالنسبة له.

ويعتقد باتريك كلاوسون، كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي تحدث لموقع الحرة أن نتانياهو “لا يشعر أنه تحت ضغط كبير لتغيير المسار”.

ويضيف كلاوسون أنه يتعرض لضغوط داخلية من اليسار واليمين إما لاتخاذ مسار أكثر ضرامة أو مسار أكثر مرونة، وبهذه الطريقة تمكن من البقاء على موقفه، لذلك سوف يستمر على نهجه رغم الضغوط الدولية. ويرى أن رفح هي من حروب المدن المعقدة، وسوف سيستمر نتانياهو بالقيام بجميع أنواع التغييرات والتكتيكات من أجل عزل غزة.

ويقول منيمنة إن نتانياهو مستعد لأن تدفع إسرائيل ثمنا لسمعتها الدولية، لكن على مستوى التأييد فهو وفق استطلاعات الرأي يحظى بتأييد غالبية الجمهور الإسرائيلي.

ويشير منيمنة إلى وجود أصوات تعمل على إبرام صفقة للرهائن لكنها غير قادرة على استقطاب أكثرية الشارع و”هناك تعاطف مع قضية الرهائن لكنه لن يؤدي إلى وقف الحرب لاستعادتهم”.

ويضيف: “لم نسمع صواتا مؤثرا تأسف لمقتل عشرات الآلاف في غزة، والتدمير الممنهج للقطاع. كل الأصوات التي تطالب بتغيير السمار هي تقول إنها تريد تدمير حماس ولكن “لنستعيد الأسرى أولا” بينما الغالبية تقول إنه لا يجوز التباطؤ من أجل القضاء على حماس حتى قبل استعادة الأسرى”.

ويؤكد أن نتانياهو “شخصية خلافية والعديد يتهمهه بمختلف أنواع الاتهامات لكنه يحظى بتأييد اليمين وإذا كان الوسط يعارض نتانياهو فهو يستطيع تحمل ذلك”.

ويقول منيمنة: “لا صوابية في الكلام عن ضغط كبير. هناك ضوضاء إعلامية كبيرة حوله لكن المقومات التي تسمح له بالإصرار على منهجه لاتزال كبيرة وهي: التأييد الشعبي وتأييد واشنطن”.

ويرى بنا أن حكومة نتانياهو فشلت في تحقيق أهداف الحرب، فهي “لم تحتل غزة وتسيطر فقط على معابرها كما كانت منذ 20 عاما تقريبا ولم تحقق الهدف المعلن الأول وهو إسقاط حماس والقضاء عليها.

ويضيف: “إسرائيل تصارع مكانها فهي لم تتمكن من إعادة المخطوفين إلا عدد قليل وبالمقابل حاولت استغلال الوقت من خلال الاستمرار في المفاوضات، ولم تتمكن من إرساء الأمن لمواطنيها حتى في تل أبيب”.

ويضيف بنا: “ما يحاول نتانياهو القيام به هو المماطلة “لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو الأزمة الكبيرة في منطقة الشمال والخوف من أن تبدأ حرب مع منظمة حزب الله الذي تمكن حتى الآن من خلال المسيرات والصواريخ من إبعاد عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين عن بيوتهم وبلداتهم”.

ويرى بنا أنه “في نهاية الأمر لن يكون أمام نتانياهو أي خيار إلا إتمام صفقة الأسرى مع حماس وإعلان انهاء الحرب والموافقة وربما المساهمة في إعادة بناء قطاع غزة، وستبقى الأجهزة الامنية الإسرائيلية، الموساد والشاباك، تلاحق قيادات حماس وتحاول تصفيتها”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *