صحيفة “وول ستريت جورنال” قالت في تقرير لها إن “الاعتذار” يوضح “الموقف المشحون” لنتنياهو في مواجهة الفشل الاستخباراتي وملف الرهائن والتقدم العسكري وتهديد مستقبله السياسي في ظل كل ذلك.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو على مدى 35 عاما في السياسة رسم لنفسه صورة “الصقر” الأمني المتشدد المستعد للتعامل مع “العنف الفلسطيني” و “التهديد المتمثل في إيران النووية”، إلا أن صورة “الصقر” تلك تحطمت بحسب الصحيفة يوم 7 أكتوبر عندما دخل مقاتلو حماس إلى إسرائيل فيما وصفه العديد من الإسرائيليين بأنه أسوأ فشل أمني واستخباراتي في تاريخ البلاد.
وتجنب أعضاء حزب الليكود الذين تحدثوا مع صحيفة “وول ستريت جورنال” انتقاد رئيس الوزراء علنا، قائلين إن البلاد بحاجة إلى التركيز أولا على هزيمة حماس قبل إجراء تحليل لما حدث من خطأ ومن يقع عليه اللوم في 7 أكتوبر.
وقال أحد كبار المسؤولين في الحزب إن مصير نتنياهو يعتمد على الكيفية التي ستنتهي بها الحرب مع حماس، ولكن من غير المرجح أن يبقى كزعيم للحزب، وبالتالي كرئيس للوزراء.
حسابات حماس
أصبح نتنياهو رئيسا للوزراء لأول مرة في عام 1996، وخدم لفترة ولاية واحدة فقط، قبل أن يفوز بإعادة انتخابه في عام 2009 بتفويض لمعالجة التحديات الأمنية والاقتصاد.
كانت حماس قد سيطرت على غزة، وواجه نتنياهو التحدي المتمثل في إدارة ما تعتبره إسرائيل “منظمة إرهابية” في ساحتها الخلفية.
وقال عوزي أراد، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي في عهد نتنياهو من عام 2009 إلى 2011، إنه بينما ضغط بعض أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أجل تجريد حماس من السلاح، اختار نتنياهو اتباع استراتيجية تسمح لحماس المسلحة بالحكم في غزة.
دعمت المؤسسة الأمنية إلى حد كبير سياسة احتواء حماس، لكن خبراء سياسيين إسرائيليين قالوا إن نتنياهو كان أيضا على استعداد للسماح لحماس بتسليح وحكم غزة، لأن ذلك يقسم القيادة الفلسطينية بين القطاع والضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية.
وقال يوهانان بليسنر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس، إن المسؤولين الأمنيين “تحدثوا باستمرار عن الحاجة إلى تعزيز السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا، وتقويتها على حساب حماس”، لكنه أضاف أن نتنياهو رأى “أنها نتيجة مرغوبة للغاية أن يكون هناك كيانان سياسيان منفصلان يمثلان الشعب الفلسطيني”.
تبعات يوم 7 أكتوبر
في صباح يوم 7 أكتوبر ظل نتنياهو صامتا لبضع ساعات، وفي منتصف النهار، أصدر بيانا قائلا إن إسرائيل “في حالة حرب”.
في وقت لاحق من ذلك اليوم، التقى بزعيم المعارضة، يائير لابيد حول تشكيل حكومة وحدة وطنية من الأحزاب الرئيسية لتوجيه البلاد خلال الصراع.
وقال لابيد علنا إنه طلب من نتنياهو إزالة شركائه اليمينيين المتطرفين من الائتلاف كشرط لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
قال رؤوفين حزان، من قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس: “قال نتنياهو لا، مما يعني أنه يفكر بالفعل في كيفية الحفاظ على هذه الأغلبية لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب”.
بدلاً من ذلك، قام نتنياهو بإحضار بيني غانتس من حزب الوحدة الوطنية، الذي قال إنه سينضم إلى الحكومة دون إجبار أي حزب على الخروج.
وبعد فترة وجيزة من الهجمات، اندلع الغضب الشعبي ضد نتنياهو، وظهرت الصور على الإنترنت وفي الأماكن العامة لوجه نتنياهو مغطى بيد حمراء ملطخة بالدماء.
بعد ذلك، سرعان ما أعلن قائد الجيش الإسرائيلي مسؤوليته علناً عن الهجما،. وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس أجهزة الأمن الداخلي وبعض وزراء نتنياهو، لكن نتنياهو ظل صامتا بشأن المسؤولية عن الاختراق الأمني.
غضب شعبي
في استطلاع للرأي، قال 4 من كل 5 إسرائيليين إن نتنياهو يجب أن يعترف بالمسؤولية.
وأظهر استطلاع منفصل أجرته صحيفة معاريف انهيارا في عدد المقاعد البرلمانية التي سيفوز بها حزب الليكود بزعامة نتنياهو في الانتخابات، مما يعني أنه سيتم إقصاؤه من السلطة إذا جرت الانتخابات الآن.
وقال إيهود يعاري، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمعلق السياسي الإسرائيلي المعروف، إن نتنياهو لن يتحمل أبداً المسؤولية عن الهجمات وسيحاول بدلاً من ذلك أن ينسب إليه الفضل في صراع ناجح مع حماس من أجل البقاء في السلطة.
وقال يعاري: “إنه مكرس بالكامل، لبقائه السياسي والشخصي”.