أثارت برمجيات جديدة مثل “تشات جي بي تي” اهتماما واسعا بالذكاء الاصطناعي التوليدي، حول العالم، بعد طرح هذه البرامج للاستخدام في نهاية العام الماضي، وذلك لقدرتها على إنشاء نصوص متقنة مثل رسائل البريد الإلكتروني والمقالات والقصائد، أو برامج معلوماتية أو ترجمات، في ثوان فقط.
ومع إجراء انتخابات في بلدان يبلغ عدد سكانها نحو 4 مليارات نسمة في عام 2024، في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وإندونيسيا والمكسيك وتايوان، تظهر مخاوف جدية من إمكانية تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على آراء الناخبين ونزاهة العملية الانتخابية برمتها.
وقبل نحو عام من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أعرب الرئيس التنفيذي للشركة المنتجة لروبوت المحادثات “تشات جي بي تي” عن قلقه من استخدام الذكاء الصناعي للتدخل في نزاهة الانتخابات.
وأمام مجلس الشيوخ في مايو الماضي، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن أيه آي”: “أنا قلق من هذا الأمر”، مشيرا إلى ضرورة وضع قواعد وإرشادات توجيهية.
وقال ألتمان: “نعتقد أن التدخل التنظيمي من طرف الحكومات سيكون ضروريا للتخفيف من مخاطر النماذج التي تزداد قوة”، مشيرا إلى تحديات مثل التضليل وإلغاء الوظائف.
وتتسابق الشركات العملاقة والصغيرة على استخدام الذكاء الصناعي، وخصصت له بيانات ضخمة ومليارات الدولارات، بينما يخشى منتقدون من أن تؤدي هذه التكنولوجيا إلى تفاقم الأضرار على المجتمع.
وأثارت برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي مخاوف بعد نشر صور زائفة لكنها تبدو واقعية، على وسائل الاجتماعي.
وتقول مجلة إيكونوميست في تقرير عن هذه القضية إنه حتى قبل ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، كان التضليل يمثل بالفعل مشكلة في الديمقراطيات المختلفة.
وتشير إلى أنه إذا تضاعفت حملات التضليل بسبب هذه التقنية، فقد يقنع ذلك الناس بالتصويت بشكل مختلف، وقد يصبح اكتشاف شبكات الروبوتات الدعائية أكثر صعوبة ما يؤثر على ثقة الناخبين التي تراجعت بالفعل في دولة مثل الولايات المتحدة.
لكن المجلة تستبعد قدرة هذه التقنية حاليا على “تدمير تجربة البشرية مع الديمقراطية التي دامت 2500 عام”، مشيرة إلى أنها لن تكون قادرة على إقناع الناخبين في قضايا سياسية مهمة مثل تحديد هوية الرئيس الذي يريدون انتخابه.
وترى أن خوارزميات توليد الصور الجديدة مثيرة للإعجاب، ولكن من دون ضبطها والحكم البشري، فإنها لاتزال عرضة لإنتاج صور يصعب تصديقها، ما يجعل إمكانية التزييف العميق بعيدة المنال في الوقت الحالي.
وتشير رويترز إلى انتشار صورة جنائية زائفة لوجه الرئيس السابق، دونالد ترامب، على وسائل التواصل الاجتماعي صاحبها وصف زائف بأنها لترامب بعدما سلم نفسه لسجن في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا.
ويظهر ترامب في الصورة وهو يقف أمام جدار مدون عليه أرقام وحروف ويرتدي قميصا أسود اللون. وصاحب الصورة تعليق يقول “الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يسلم نفسه تمهيدا لمحاكمته بتهمة التلاعب بنتيجة انتخابات 2020”.
وقال خبراء لرويترز إن الصورة ليست حقيقية ومنتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي بسبب الحروف والأرقام المطبوعة في الخلفية والتي تبدو غير واقعية، وقالوا إن بعض الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تواجه صعوبات في التعامل مع النص المطبوع.
وتقول إيكونوميست إنه حتى لو أثبتت الحملات الانتخابية المعززة بالذكاء الاصطناعي فعاليتها في بعض الأحيان، فالتأثير التراكمي لعمليات التأثير سينفر الناخبين منها ويجعلها غير قابلة للاستخدام.
ويشير التقرير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنتشر المعلومات المضللة فيها، قالت إنها تبذل جهودا لمنعب التلاعب في الانتخابات، وأصبحت منصات التكنولوجيا الكبرى، التي تعرضت لانتقادات بسبب نشرها معلومات مضللة في انتخابات عام 2016 في وضع أفضل حاليا من ناحية تحديد الحسابات المشبوهة.
ومع ذلك، فإن التنظيم الطوعي له حدود، ويمكن استخدام النماذج مفتوحة المصدر لتوليد نصوص وصور دون إشراف.
وقالت المجلة: “على الرغم من أنه من المهم أن نضع في اعتبارنا قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على إعاقة الديمقراطيات، إلا أن الذعر غير مبرر. وقبل التقدم التكنولوجي في العامين الماضيين، كان الناس قادرين تماما على نقل جميع أنواع الأفكار المدمرة لبعضهم البعض”.
وتوقعت أن تشوب حملة الرئاسية الأميركية لعام 2024 معلومات مضللة بشأن سيادة القانون ونزاهة الانتخابات لكن بسبب المشرحين أنفسهم وليس البرامج.