البحرية البريطانية تعلن اصطدام سفينتين في ميناء البحرين وفتح تحقيق

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

يتراجع الجنيه المصري بشكل شبه يومي أمام الدولار في السوق الموازي، ما يثير تساؤلات لدى المصريين حول مصير العملة المحلية وتأثير وتداعيات ذلك على المواطنين، بينما يكشف مسؤولون ومختصون تحدث معهم موقع “الحرة” أسباب ذلك التراجع وتداعياته والحلول الممكنة للتعامل مع تلك الأزمة.

ومنذ مارس العام الماضي، ظل السعر الرسمي للجنيه المصري ثابتا عند 30.85 جنيها للدولار.

وخلال تعاملات السبت، بالسوق الموازية قفز الدولار مقابل الجنيه بنحو 3 جنيهات دفعة واحدة مقارنة بتعاملات، الجمعة، ليسجل مستوى تاريخيا جديدا لأول مرة في مصر، وفق وسائل إعلام محلية بينها موقع “مصراوي”.

وتتراوح قيمة الدولار بالسوق الموازية بين 61 و64 جنيها، مقابل 39 قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، في السابع من أكتوبر.

ما الأسباب؟

في تصريحات لموقع “الحرة”، يوضح رئيس لجنة الخطة والموارنة بمجلس النواب المصري والخبير الاقتصادي، فخري الفقي، أن “المضاربات” هي السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق الموازية.

ويؤكد الفقي أنه عند حدوث أزمات يتحول اقتصاد الدول إلى “اقتصاد مضاربات”، مشيرا إلى “تداعيات لأزمات متعددة بداية من جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك الحرب في قطاع غزة، وما تبعها من توترات بالبحر الأحمر، فضلا عن نزوح عدد كبير من السودانيين لمصر”.

ويتحول بعض الأفراد إلى “المضاربة” على عدة سلع، ونتيجة ندرة الدولار، تحول البعض إلى “مضاربين” في العملة الأميركية بالسوق الموازية، وفق رئيس لجنة الخطة والموازنة.

وهناك ثلاث فئات بالسوق الموازية تضغط على الدولار، وهم “المستودون” وهم يشكلون 50 بالمئة من الطلب “الحقيقي” على العملة الأميركية، والفئة الثانية تمثل 10 بالمئة وهم ينظرون للدولار على أنه “مخزن للقيمة”، بينما الفئة الثالثة وهي “الخطيرة وسبب المشكلة”، والتي “تضارب بالعملة”، بحسب الفقي.

ويشير إلى أن الفئة الثالثة تشتري الدولار بهدف بيعه بسعر أعلى، وهم يشكلون 40 بالمئة من حجم السوق السوداء، و”يصبون الزيت على النار”.

ومن جانبه، يتحدث الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، عن عدة أسباب لاستمرار نزيف الجنيه أمام العملة الأميركية في السوق الموازية، وعلى رأس تلك الأسباب “تراجع الحيلة الدولارية، مع زيادة الطلب على الدولار”.

وتسبب توجيه البنوك المصرية لعدد من المستوردين بإمكانية قبول العملة الأميركية لتمويل وارداتهم من الخارج بشرط التنازل للبنك عن 120 بالمئة من قيمة التمويل المطلوب بالدولار، في زيادة سعر الأخير بالسوق السوداء، وفق ما يكشفه عبدالمطلب لموقع “الحرة”.

وجاءت التوقعات بتخفيض قيمة الجنيه، لتتسبب في زيادة الطلب على الدولار كـ”مخزن للقيمة”، لتدفع العملة المصرية للمزيد من التراجع.

ويشير الخبير الاقتصادي المصري إلى “ارتفاع سعر الدولار بالذهب والمشغولات الذهبية، وتوقف بعض الشركات عن بيع السبائك، والتخوف من وجود ذهب مغشوش، مما أعطى انطباعا لدى حائزي الثروات بأن الاستثمار في العملة الأميركية هو الأفضل”.

أما الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع، فيشير إلى أن “الشح الدولاري المستمر بشكل يومي، نتيجة تزايد الطلبات الدولارية “غير المُلباة بالجهاز المصرفي”، هو السر وراء الارتفاع المطرد لسعر العملة الأميركية بالسوق السوداء.

ومع زيادة الشح والندرة الدولارية يتزايد سعر صرف الدولار بالسوق الموازية، بسبب “التفاوت والفجوة الكبيرة بين المطلوب والمعروض الدولاري”، حسبما يوضح لموقع “الحرة”.

وهذا العام مصر مطالبة بسداد ٢٥ بالمئة من دينها الخارجي، ما يجعل من السوق السوداء “نشطة”، لأن الحكومة والبنك المركزي لديهما “نهم لجمع وتحصل الدولار من الأسواق”، وفق نافع.

وتحتاج مصر إلى العملة الأجنبية ليس فقط لاستيراد السلع الأساسية ولكن أيضا لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها في السنوات العشر الماضية. 

ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام.

وتلقى اقتصاد مصر المتدهور بالفعل ضربة جديدة موجعة نتيجة التراجع الحاد في الإيرادات بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي باليمن “التي تصنفها واشنطن جماعة إرهابية”، على سفن الشحن التي أدت إلى تحويل الملاحة التجارية بعيدا عن قناة السويس لتزداد معها الحاجة الملحة إلى إجراءات إصلاحات والحصول على مساعدات من الخارج.

وباتت الآن كل المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية تقريبا، وهي صادرات الغاز الطبيعي والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومؤخرا قناة السويس، تحت ضغط شديد، وفق وكالة “رويترز”.

والأسبوع الماضي، قال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، إن عائدات القناة انخفضت 40 بالمئة في أول 11 يوما من يناير.

وفي السنة المالية المنتهية في 30 يونيو، حققت القناة إيرادات قياسية لمصر بلغت 8.76 مليار دولار، وفي الربع الثالث أضافت 2.40 مليار دولار أخرى.

ولا تزال مصادر العائدات الأخرى، مثل تحويلات العاملين في الخارج التي تذهب في الأساس إلى أفراد، تساهم في تحسين وضع مصر من النقد الأجنبي، وإن لم يكن الحكومة مباشرة.

وهوت التحويلات 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لأرقام البنك المركزي.

ويتردد المصريون في الخارج في إرسال مدخراتهم المالية إلى بلادهم عندما يكون سعر العملة منخفضا بفارق كبير عن قيمتها في السوق السوداء وذلك مع استشراء التضخم.

وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وفقا لبيانات البنك المركزي وذلك نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار العالمية. 

وبلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي في السنة المالية 2022-2023 زهاء 7.20 مليار دولار.

وتباطأت السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023 ثم 4.45 مليار دولار في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، منذ اندلاع أزمة غزة. 

الدولار بالسوق السوداء.. إلى أين؟

إذا استمرت نفس السياسات فسوف يستمر ارتفاع الدولار بشكل مضطرد، ومع عدم وجود “سياسات واضحة” لوقف تدهور الجنيه، فسوف يكون هناك تدهور كبير في سعر صرف العملة المصرية، وارتفاعا أكبر لقيمة العملة الأميركية بحلول شهر رمضان القادم، وفق توقعات عبدالمطلب.

ويتفق معه نافع، الذي يؤكد أن الدولار قد يتصاعد “بلا سقف” طالما استمرت نفس السياسات، وسوف يظل يتحرك نحو الصعود “بلا كوابح”، وسيكون لذلك أثار سلبية للغاية على الاقتصاد لأنه “سيزيد فاتورة الاستيراد وسداد الدين بشكل مرعب”.

تداعيات “خطيرة”

يحذر نافع من أن “الارتفاع المطرد في سعر الدولار بالسوق السوداء سيؤثر سلبا على فرص الاستثمار الأجنبي والمحلي، ويضطر السوق المحلية للاستغناء عن بعض مستلزمات ومدخلات الإنتاج ما يؤدي لقلة المعروض وزيادة التضخم”.

والمواطن البسيط سوف يدفع فاتورة ذلك بالمزيد من التضخم والديون التي يتحملها في صورة “قرارات تهدف لتحصيل الأموال بأي طريقة”، ما يعني ارتفاع أسعار “الخدمات التي تقدمها الحكومة”، حسبما يوضح الخبير الاقتصادي.

ومن جانبه، يؤكد عبدالمطلب أن تأثير ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء على الاقتصاد واضح، حيث يرفع أسعار مستلزمات الانتاج والمواد الخام المستوردة، ما يقلل من قدرة المنتجات المحلية على منافسة نظيرتها العالمية في السوق المصري والأسواق الدولية على السواء.

ويؤثر ذلك على المواطن، ويزيد من معاناته ويقلل قدرته على الوفاء باحتياجاته اليومية، حسبما يشير الخبير الاقتصادي.

هل توجد حلول؟

يؤكد الفقي أن “مواجهة واحتواء موجة التضخم” هو المعركة الأساسية لصانع القرار الاقتصادي في مصر.

واستمرار التضخم لفترة طويلة يتسبب في “توترات اجتماعية ويؤثر على النسيج الاجتماعي، وزيادة الفجوة بين الطبقات”، ولذلك اتخذت الدولة عدة قرارات بداية من مطلع العام الحالي، حسبما يوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.

 وعلى رأسها تلك القرارات إدراج 7 سلع استهلاكية أساسية في خانة السلع الاستراتيجية التي يُمنع حبسها أو المضاربة بأسعارها، باعتبارها سلعا غذائية هامة للمجتمع، وهي “السكر، الأرز، زيت الطعام، الفول، اللبن، والمكرونة، والجبن الأبيض”، 

ويوضح الفقي أن البنك المركزي يتعامل بالسعر الرسمي لفتح الاعتمادات للمستوردين، ما يساهم في احتواء معدلات التضخم، وتقليل الواردات وبالتالي الضغط على الدولار بطريقة “غير مباشرة”.

وتم كذلك رفع سعر الفائدة بالبنوك خلال أقل من عامين 11 نقطة، ما أدى لتراجع معدلات التضخم على مستوى مصر من 40.3 في سبتمبر ٢٠٢٣، إلى 33.7 بالمئة في ديسمبر.

ويجب أن يكون هناك “تشدد نقدي ومالي” من خلال البنك المركزي ووزارة المالية، حتى يتراجع التضخم لحد الـ20 بالمئة خلال الأشهر القليلة القادمة، وفق الفقي.

ويوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري أن المعركة الأخرى التي تخوضها الحكومة المصرية تتعلق بـ”مرونة سعر الصرف”، في وجود “متطلبين أساسيين” حتى لا تتفاقم معدلات التضخم التي قد “تمس بالأمن القومي المصري”.

وعن المتطلبين الواجب وجودهما لتحريك سعر الصرف، فهما ” وجود حصيلة كافية من النقد الأجنبي لدى البنوك والمصارف لفتح الاعتمادات للمستوردين”.

ولا تقل تلك الحصيلة عن 5 مليارات دولار، حسب تقديرات الفقي.

ويوضح أن المتطلب الثاني يتعلق باستمرار انخفاض معدل التضخم حتى يصل إلى 20 بالمئة خلال الأشهر الستة القادمة، ويمكن بعد ذلك “تحريك سعر صرف الجنيه المصري”.

ومن جانبه، يقول نافع  إن “من واضح أن الحكومة مطمئنة لإجراءاتها الحالية ما يعني أنه لا يوجد حلول جديدة سوى انتظار التمويلات القادمة من الخارج”.

وغالبية تلك التمويلات ليست استثمارية لكنها “تمويلات دين” وبالتالي سوف تضاعف مشكلة المديونية في الأجل المتوسط، بحسب الخبير الاقتصادي.

أما عبدالمطلب فيشير إلى “حل وحيد” لمواجهة الأزمة، من خلال “رؤية واضحة للموقف من اتفاق صندوق النقد الدولي، ووضع وبرنامج واضح بخصوص سعر الصرف يضمن استقراره من جهة، ويمكن المستثمر من التنبؤ بسعر الصرف لخمسة أعوام قادمة من جهة أخرى”.

والجمعة، قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي إن بعثة الصندوق موجودة في القاهرة في الوقت الراهن لمناقشة قرض من الصندوق قيمته ثلاثة مليارات دولار وبرنامج إصلاحات.

وأضاف أن المناقشات جارية بخصوص تمويل إضافي لتخفيف الضغوط المرتبطة بالحرب في غزة عن مصر، وفق ما ذكرته وكالة “رويترز”.

وذكر المتحدث أن البعثة، برئاسة إيفانا فلادكوفا هولر، “ستواصل المناقشات بخصوص المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح المصري المدعوم بتسهيل الصندوق الممدد. سنتواصل في نهاية الزيارة”.

وقال المتحدث إن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور،  زار القاهرة أيضا هذا الأسبوع خلال فترة المراجعة السنوية للمكاتب الإقليمية التابعة للإدارة، واجتمع مع السلطات المصرية والأطراف المعنية في المنطقة.

وفي الأسبوع الماضي، قالت المتحدثة  باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، للصحفيين إن التمويل الإضافي “شديد الأهمية” لنجاح البرنامج المصري، لكن تجري مناقشة القيمة والمصروفات المحتملة.

كما تجري أيضا مناقشة الحاجة لتشديد السياسة المالية والنقدية.

وتعاني مصر، التي يعيش ثلثا سكانها تحت أو بالكاد فوق خط الفقر، من أزمة اقتصادية مستمرة منذ ثورة 2011، بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد غالبية حاجاته الغذائية، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *