ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل؛ توقفت عجلة الإنتاج في العاصمة الخرطوم التي تعتبر مركز الثقل الاقتصادي في البلاد؛ إضافة إلى مناطق عديدة في إقليمي دارفور وكردفان المتأثران بالحرب أيضا.
وخرجت نحو 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية ومختلف المجالات الأخرى في الخرطوم عن الخدمة تماما بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للقتال. كما تأثرت المشروعات الإنتاجية والزراعية في كافة انحاء البلاد بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.
وقدر وزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد بنحو 60 مليار دولار؛ وسط توقعات بأن ترتفع لخسائر بشكل كبير في ظل استمرار الحرب. وتوقع البدوي في مقابلة مع رويترز الشهر الماضي أن يتراجع الناتج المحلي بنحو 20 في المئة إذا لم تتوقف الحرب سريعا.
وفي ظل الفوضى الواسعة التي صاحبت القتال؛ تعرض نحو 100 فرع من أفرع المصارف العاملة في البلاد للنهب والحرق والتدمير الكامل بما فيها أجزاء كبيرة من بنك السودان المركزي الذي تشير تقارير إلى أنه يعاني حاليا من شح كبير في النقد وسط أنباء عن خطط لطباعة أوراق نقدية في الخارج وهو أمر مكلف للغاية.
وتضاعفت أسعار بعض السلع الغذائية الرئيسية بأكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد وانخفاض قيمة الجنيه السوداني؛ حيث يجري حاليا تداول الدولار الواحد عند 840 جنيها.
ووفقا لمستثمرين في القطاع الصناعي؛ فقد تعرضت البنية الصناعية في الخرطوم والتي تشكل نحو 70 في المئة من القطاع الصناعي في البلاد؛ إلى دمار وتخريب كامل.
وبالتزامن مع العمليات القتالية؛ ينتشر المئات من اللصوص والمتفلتين في المناطق الصناعية في مدن العاصمة الثلاثة وينهبون كل شيء بما في ذلك الماكينات وأجزاؤها والمواد الخام والمخزون الإنتاجي وحتى أسقف المباني وأجهزة التكييف والإضاءة في مشهد لم تره الخرطوم طوال تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.
وقال عبدالرحمن عباس الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الصناعية في مقابلة سابقة مع موقع سكاي نيوز عربية إن حجم الدمار الذي تتعرض له المصانع كان كبيرا للغاية؛ وأوضح: “فقد العديد من رجال الأعمال مصانع عملاقة استغرق بناؤها عشرات السنين وصرفت عليها أموال ضخمة للغاية”.
وأضاف “الأزمة كبيرة وستعيق الإنتاج الصناعي تماما مما سيشكل خطرا على إمدادات الغذاء والدواء على المدى القصير وسيؤدي إلى تراجع كبير في الناتج الاقتصادي”.
ويشير عباس إلى أن الدمار الحالي الذي تتعرض له المصانع ستكون له عواقب وخيمة وستفقد بسببه آلاف الأسر مصادر رزقها حيث يستوعب القطاع الصناعي في الخرطوم وسلاسل الإمداد المرتبطة به أكثر من 100 ألف وظيفة.
وخلال ايام الحرب التي شارفت على الـ 180 يوما؛ ظلت قطاعات الخدمات والصناعة والبنوك تتأثر بشكل مستمر بالقصف العشوائي الذي طال كل شيء تقريبا.
وتشهد أكثر من 80 في المئة من مناطق العاصمة شحا كبيرا في إمدادات الكهرباء والمياه بعد أن دمر القتال الكثير من المنشآت والشبكات الرئيسية؛ ولا تزال العديد من مناطق العاصمة تعيش في ظلام دامس وتوقف كامل لإمدادات المياه منذ الأسبوع الاول من بدء القتال.