اعتقال “أوغلو” يُثير الاحتجاجات في تركيا.. والمعارضة تحاول استغلالها في الانتخابات

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

تحوّلت شوارع إسطنبول إلى مسرحٍ لصراعٍ سياسي مكشوف، بعد أن اجتاحت مظاهراتٌ حاشدة المدينة؛ احتجاجًا على اعتقال عمدتها إكرام إمام أوغلو؛ في خطوةٍ اعتبرها المراقبون اختبارًا مصيريًا لمستقبل الديمقراطية التركية.

وبين الأقنعة المُتحدية لتقنيات التعرُّف البصري، وهتافات الغاضبين التي اخترقت سماء الليل، برز سؤالٌ واحدٌ: هل تستطيع تركيا استعادة نبضها الديمقراطي؟

حراكٌ شعبي

اندلعت الاحتجاجات كرد فعلٍ عنيف على دهمٍ فجري نفّذته قوات الأمن لاعتقال إمام أوغلو؛ العمدة المنتمي للمعارضة، بتهم فساد وإرهاب؛ ينفيها هو وحزبه. تحوّلت المواجهة سريعًا إلى حراكٍ شعبي واسع، امتد من الجامعات إلى المدن الصغيرة، حاملًا غضبًا متراكمًا من الأزمات الاقتصادية وتضييق الحريات.

وليلة أمس، تحدّى عشرات الآلاف حظر التجمُّع، مُشعلين الألعاب النارية وهاتفين: “هذه معركة كرامة”، وبين الحشود، التقط الشباب صور “السيلفي” كتحدٍ رمزي، بينما ارتدى آخرون أقنعةً لتجنُّب بطش الأمن، في مشهدٍ يذكّر باحتجاجات جيزي بارك 2013، وفقاً لصحيفة “الجارديان” البريطانية.

اتهاماتٌ مُتبادلة

واتهمت الحكومة المحتجين بـ”إرهاب الشوارع”، بينما وصف المعارضون الاعتقال بأنه “تصفية سياسية” تستهدف إقصاء الخصم الأبرز للرئيس رجب أردوغان؛ قبل الانتخابات الرئاسية المُنتظرة. وزير العدل يلماز تونج؛ هاجم مَن يشككون في نزاهة التحقيقات، مُعتبرًا انتقادها “وقاحة غير مسؤولة”.

من جهته، أكّد حزب الشعب الجمهوري أن التهم ملفقة، مُشيرًا إلى توقيت الاعتقال المشبوه، خاصة بعد خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم مقعده التاريخي في إسطنبول عام 2023، وتُظهر تسريبات أن القضاء التركي يطلب حبس إمام أوغلو رهن المحاكمة؛ ما يزيد المخاوف من منعه من الترشح للرئاسة.

ردودٌ دولية

على عكس الغضب الداخلي، ظلت ردود الفعل الدولية باهتة. اكتفت الأمم المتحدة بدعوة تركيا لـ”احترام الإجراءات القانونية”، بينما تجنّبت واشنطن التعليق، في إشارةٍ إلى تحالفها الإستراتيجي مع أنقرة. المفارقة أن البنك المركزي التركي أنفق 11.5 مليار دولار يوم الاعتقال لدعم الليرة المنهارة، كاشفًا هشاشة الاقتصاد الذي يغذي السخط الشعبي.

وفي أوروبا، فضّلت القوى الكبرى الصمت، وسط تطلعاتٍ لتعاونٍ مع تركيا في ملفات مثل أوكرانيا. رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين؛ كانت الاستثناء الوحيد، داعيةً أنقرة لحماية “حقوق المنتخبين”، لكن دون ضغوط ملموسة.

اشتباكاتٌ عنيفة

وتُظهر مقاطع متداولة اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في أنقرة وإسطنبول، مع استخدام المدافع المائية والغاز المسيل للدموع، وزارة الداخلية أعلنت اعتقال 343 شخصًا، بينما تُنذر الأعداد المتزايدة للمحتجزين بالتصعيدٍ.

ويُصرّ متظاهرون على أن المعركة تجاوزت شخص إمام أوغلو؛ إلى مطلبٍ أعمق: إعادة تركيا إلى مسار الديمقراطية. تقول ديلر، إحدى المحتجّات: “سئمنا الانهيار الاقتصادي وتكميم الأفواه.. هذا انتفاضة ضد سنوات القمع”.

واللافت أن الاحتجاجات تجذب شباباً لم يعاصروا صعود أردوغان، مما يضع النظام أمام جيلٍ جديدٍ أقل خوفًا.

مع تصاعد الأزمة، يبدو المشهد التركي أشبه بوعاءٍ من الضغط، قد ينفجر في أي لحظة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *