إيران والخيار العسكري.. مفاوضات على حافة الهاوية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

وبينما تتمسك طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم وتطالب بضمانات ملموسة لرفع العقوبات، تبدو واشنطن في موقع يفرض شروطا تعتبرها إيران غير واقعية.

وفي هذه الأجواء، يرتفع منسوب الحديث عن الخيار العسكري، وسط تحذيرات متبادلة ورسائل واضحة من الأطراف المعنية.

القيادة المركزية الأميركية أعلنت استعدادها الكامل لسيناريوهات تصعيدية. الجنرال مايكل كوريلا صرح بوضوح: “لدينا مجموعة واسعة من الخيارات العسكرية إذا فشلت المفاوضات”.

أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فرغم تشكيكه بجدوى التفاوض، لمح إلى بديل “سيء جدا” في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، ما فتح باب التحليلات على مصراعيه.

خبراء: ترامب لن يخوض حربا لكن الرسائل العسكرية حاضرة

يرى الخبير في العلاقات الدولية مهند العزاوي، في حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن المشهد الحالي معقد ومتشابك، حيث تتقاطع فيه الرسائل العسكرية بالخطاب السياسي.

ويؤكد في حديثه إلى سكاي نيوز عربية أن “الولايات المتحدة تمتلك أدوات الردع، لكن دونالد ترامب لا يميل إلى استخدام القوة العسكرية، ويفضل الضغوط السياسية والعقوبات”.

ويضيف العزاوي: “القيادة المركزية الأميركية رفعت من جاهزيتها قبل مغادرة بايدن السلطة، وتحريك القوات ليس مجرد استعراض، بل يعبر عن استعداد فعلي، حتى لو لم تكن النية الفعلية هي الحرب”.

ويرى العزاوي أن التردد الأميركي يمنح إيران مساحة للمناورة، مشيرا إلى أن طهران “تراهن على تعددية أدواتها – من القدرة النووية، إلى الصواريخ، فالوكلاء الإقليميين”، معتبرا أن “التلويح بالقوة دون تنفيذ يفقد تأثيره بمرور الوقت، وهو ما تفهمه طهران جيدا”.

من جهته، شدد المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية محمد صالح صدقيان، خلال حديثه على أن “إيران تدخل جولة المفاوضات الجديدة وهي مصرة على الحفاظ على حقها في تخصيب اليورانيوم”، لافتا إلى أن “طهران تعتبر هذا الحق غير قابل للمساومة، ولا يمكن تحويله إلى ورقة تفاوضية”.

وأوضح صدقيان أن ما نشهده حاليا هو “صراع إرادات” بين واشنطن وطهران، حيث يسعى كل طرف إلى لي ذراع الآخر.

وقال: “الإيرانيون يريدون تهدئة مخاوف الغرب دون تقديم تنازلات جوهرية. هناك مقترحات بديلة يحضر لها الإيرانيون، لكن تفكيك أجهزة الطرد المركزي ليس من بينها”.

وأشار صدقيان إلى أن موعد جولة المفاوضات القادمة – التي تعقد في مسقط – يحمل رمزية مرتبطة بمهلة الشهرين التي أعلنها ترامب، إذ تحاول طهران استخدام توقيت الجولة للضغط السياسي والتكتيكي.

خبير أميركي: إيران تستغل التردد الأميركي

من جهته، اعتبر توم حرب، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، أن “إيران تستثمر في ارتباك الإدارة الأميركية وغياب التنسيق الحاسم مع إسرائيل”. وأشار إلى أن طهران تسعى إلى كسب الوقت وتمرير اتفاق بشروطها.

وفي حديثه إلى سكاي نيوز عربية، قال حرب: “طهران تضع واشنطن أمام معادلة صعبة: إما اتفاق وفق شروطها، أو العودة إلى التصعيد المحسوب. وهي تراهن على أن واشنطن غير مستعدة حاليا لتكلفة خيار عسكري واسع النطاق”.

وشدد حرب على أن أي تنازل أميركي دون ضمانات صارمة لأمن إسرائيل “سيفتح الباب أمام مواجهة معقدة”، مشيرا إلى أن “الضغط الإسرائيلي اليوم يتمثل في إبقاء الخيار العسكري مطروحا وعرقلة أي اتفاق لا يعالج المخاوف الأمنية”.

أما غدير كمال مريح، عضو الكنيست الإسرائيلية السابقة، فقد عبرت عن موقف أكثر صراحة، محذرة من أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالوصول إلى قدرات نووية تهدد وجودها.

وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية، قالت مريح: “إيران تخوض حرب استنزاف ضد إسرائيل عبر وكلائها في المنطقة. والهجمات الحوثية اليومية، والدعم المفتوح لحزب الله، كلها تؤكد أن طهران تسعى لإحاطة إسرائيل بخطر دائم”.

وأكدت مريح أن “الحكومة الإسرائيلية تأخذ بعين الاعتبار سيناريوهات متعددة، ومن بينها الضربات الوقائية”، معتبرة أن “إسرائيل لا تحتاج دائما إلى ضوء أخضر أميركي عندما يتعلق الأمر بأمنها القومي”.

وأضافت: “ما بعد 7 أكتوبر غير قواعد اللعبة. لا يمكن أن تبقى إسرائيل مكتوفة الأيدي في ظل هذا التهديد المتصاعد”.

إسرائيل والولايات المتحدة.. تباين في التوقيت والأولويات

تعيش العلاقات الأميركية الإسرائيلية حالة من التوتر المكتوم، بسبب تباين الرؤى حول الملف الإيراني. فبينما تبدي واشنطن تمسكا بالمسار التفاوضي، تصر تل أبيب على أن “الوقت ينفد”، وأن البرنامج النووي الإيراني يقترب من مرحلة اللاعودة.

المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، وفي تصريح خاص لسكاي نيوز عربية، أكد تصميم بلاده على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، مشيرا إلى أن “إيران تدير حربا إقليمية ضد إسرائيل، عبر دعمها لوكلاء مسلحين في غزة، لبنان، واليمن”.

حسابات الردع وأفق السيناريوهات

مع تصاعد الحديث عن الخيار العسكري، يبرز التساؤل الأهم: هل نحن على أعتاب مواجهة مفتوحة، أم أن سيناريوهات الردع والردع المتبادل ستفرض توازنا جديدا؟.

يرى مهند العزاوي أن “السيناريو الأقرب هو استمرار التفاوض مع تحريك أدوات الردع”، مشيرا إلى أن “الضربات الجوية الإسرائيلية ضد البنية الدفاعية الإيرانية أثبتت أن طهران لا تملك دفاعات فعالة، خصوصا في مواجهة الأنظمة الحديثة”.

لكن العزاوي يحذر في الوقت نفسه من “مجازفة محسوبة قد تقدم عليها إسرائيل”، خاصة إذا فشلت الضغوط الدبلوماسية في كبح المشروع النووي الإيراني، أو إذا استمرت الهجمات من الوكلاء دون رد رادع.

مرحلة مفصلية والقرار بيد المترددين

يبقى الملف الإيراني رهينة الحسابات السياسية والعسكرية المتشابكة. وبينما تؤكد طهران أنها لن تقبل إملاءات، وتتمسك بحقوقها النووية، تواصل واشنطن التأرجح بين التفاوض والتهديد. وفي الخلفية، تضغط إسرائيل لفرض إيقاعها الخاص.

في خضم هذه التفاعلات، تبقى خيارات الأطراف كافة مفتوحة – ولكن مكلفة. وتبقى المعادلة كما يراها صدقيان: “من يستطيع أن يلوي ذراع الآخر أولا؟”.

وفي ظل هذا الواقع المعقد، يتضح أن هامش الخطأ يضيق والخطر يتسع، مما يجعل من المرحلة الراهنة نقطة تحول حاسمة تتطلب من جميع الأطراف إعادة حساباتها بعناية فائقة لتجنب انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة قد تكون عواقبها كارثية على الجميع.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *