إعلام أميركي: لماذا لا يستطيع بايدن أن يكون صارما إزاء إسرائيل؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

نشرت مؤسستان إعلاميتان بارزتان في الولايات المتحدة مقالتين لاثنين من كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط عن الخلاف بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي حين ركز مقال مجلة “فورين أفيرز” على نقاط الضغط التي تمنح الولايات المتحدة إمكانية التأثير على إسرائيل، تساءل كاتب المقال في صحيفة “نيويورك تايمز” عن الأسباب التي تحول دون ممارسة بايدن الضغط على تل أبيب.

يقول جونا بلانك، الباحث في مؤسسة راند ومعهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، في مقاله بمجلة “فورين أفيرز”، إن الرأي الذي ظل شائعا بخصوص المسار السياسي لبايدن، أن التعامل الصارم مع إسرائيل لا جدوى منه، بل ينطوي على مخاطر جمة.

لكن الأمور لم تعد بتلك البساطة، كما يعتقد الكاتب، ذلك لأنه بعد مرور أكثر من 5 أشهر على الحرب المدمرة في قطاع غزة، أصبح العجز عن اتخاذ موقف صارم تجاه إسرائيل يشكل خطرا كبيرا أيضا.

إحباط

ويرى بلانك أن بايدن لم يبدِ حتى الآن استعدادا لتحدي إسرائيل بطريقة مجدية، لكن ثمة دلائل تشي بأنه بات يشعر بإحباط متزايد من نتنياهو.

لكن إذا أراد الرئيس أن يتعامل بصرامة مع نتنياهو، فدون ذلك مجموعة من الخيارات؛ تتراوح من حجب المساعدات العسكرية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية.

ومع أن تنفيذ تلك الخيارات -كما يقر الكاتب- ليس بالأمر السهل من الناحية السياسية، فإنها قد تصبح أكثر جدوى في ظل ارتفاع حصيلة قتلى الحرب وانتشار المجاعة في قطاع غزة.

ورغم أن لهجة بايدن في انتقاده لحملة نتنياهو العسكرية في غزة أصبحت حادة وصريحة منذ فبراير/شباط الماضي، ودعوته إسرائيل إلى زيادة المساعدات الإنسانية، والحد من حجم عملياتها العسكرية، والخسائر في صفوف المدنيين، فعليه أن يعلن في خطاب متلفز من البيت الأبيض وقف تعامله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي “هذا إذا كان يريد أن يعطي مطالبه تلك ثقلا أكبر”، حسب بلانك.

ويرى الكاتب أنه إذا فعل ذلك فعليه أن يوضح أن انتقاده موجه لحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة، وليس لشعبها، وهو ما من شأنه رفع وتيرة الضغط على نتنياهو في الداخل ما “يجعله يعتدل في مواقفه”.

والخطوة الأخرى -برأي الباحث الأميركي في مقاله- هي “تخفيف” الدعم الدبلوماسي الأميركي لإسرائيل في الأمم المتحدة، “دون التزام سياسي محدد”.

كما أن هناك نقطة ضغط أخرى تكمن في أن بايدن يتمتع بصلاحية الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة من خلال اتخاذ إجراء تنفيذي.

تقديم حوافز

كما يمكن لواشنطن أن تتوقف عن تقديم حوافز لتشجيع إبرام اتفاق للتطبيع بين إسرائيل والسعودية، على حد تعبير مقال “نيويورك تايمز”.

وفي مقاله، أعرب المحلل والمفاوض السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، عن اعتقاده أن تصريحات الرئيس بايدن بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، التي وردت في خطابه عن حالة الاتحاد وفي مقابلته مع شبكة “إم إس إن بي سي” يوم السبت، كانت إيذانا بسياسة أميركية أكثر انتقادا لإسرائيل.

وذكر ميلر، الذي يعمل باحثا بارزا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن الرئيس دعا في ذلك الخطاب إلى وقف مؤقت على الأقل لإطلاق النار، متحدثا عن الخسائر والمعاناة التي يقاسيها سكان غزة، وموجها رسالة إلى إسرائيل بضرورة العمل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني باعتبار ذلك أولوية.

توبيخ

وبدلا من التبشير بتحول كبير في السياسة -وفق تعبير الكاتب- جاءت كلمات الرئيس واجتماع نائبته كامالا هاريس مؤخرا مع بيني غانتس، خصم نتنياهو وخليفته المحتمل، على الأرجح في إطار نهج الإدارة الأميركية الذي لا يبدو سعيدا مع حكومة نتنياهو.

وقال ميلر إن خطاب الرئيس حمل عدة رسائل منها “توبيخ” إسرائيل بسبب قصفها العشوائي لغزة؛ مبديا إحباطه من بعض تصرفات تل أبيب، وعدم اكتراثها وحتى معارضتها تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع. كما أعرب عن غضبه إزاء عدم استعداد إسرائيل كبح جماح عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويرى المحلل السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن عبارة “أنا غير سعيد بإسرائيل، لكنني لن أفعل الشيء الكثير حيالها”، التي أطلقها بايدن هي تعبير عن سياسته المدفوعة بحساسيته وخياراته السياسية التي يواجهها في التعامل مع الحرب الحالية.

ثم إن الرئيس يدري بالتأكيد أن هناك ثمنا سيدفعه في الداخل والخارج بسماحه لنتنياهو بالاستخفاف بالمصالح والقيم الأميركية، وهنا تكمن المشكلة، بحسب ميلر الذي أضاف أن ارتباط بايدن بإسرائيل هو الذي منعه من فرض شروط عليها طيلة الحرب. وأردف الكاتب بأن ما من رئيس أميركي وصف نفسه مرات ومرات بأنه صهيوني سوى بايدن.

ويرى بايدن أن حياته السياسية تتشابك مع قصة الدولة الإسرائيلية، لكن مشاعر الحب هذه لا تشمل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *