أثارت تدريبات مشتركة بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) جدلا في البلاد، بعد أن أعرب قادة المستوطنات في الضفة الغربية عن غضبهم، بالإضافة إلى انتقادات من بعض وزراء حكومة بنيامين نتانياهو، وفقا لما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة، فإن قيادة الجيش الإسرائيلي نفذت، الإثنين، وبالتعاون مع مسؤولين في الشاباك “متخصصين في الجرائم القومية”، تدريبا شاملا يهدف إلى ضمان جاهزية وكفاءة القوات.
وشملت التدريبات التي تنتهي الثلاثاء، سيناريوهات مختلفة، بما في ذلك تسلل “إرهابيين” إلى داخل المستوطنات، وتنفيذ هجمات إطلاق نار على الطرق المؤدية إليها.
مناطق توتر وخلاف على الشرعية.. حقائق عن مستوطنات الضفة الغربية
بين أريحا ورام الله، توجد طريق تسمى المعرجات، حين يمر منها الفلسطينيون يشعرون بالخوف لسبيين، الأول، وعورة الطريق التي تلتف بشكل خطر فوق منحدرات حادة، حيث شقت على أطراف جبال جرداء. أما السبب الثاني، فهو هجوم مباغت قد ينفذه مستوطنون إسرائيليون في أي وقت.
وما أثار غضب المستوطنين في تلك التمرينات، سيناريو جرى فيه “اختطاف فلسطينيين على يد بعض المستوطنين، كعمل انتقامي لهجوم أدى إلى مقتل رضيع إسرائيلي”، وفق الصحيفة.
وفي ذلك التمرين، ارتدى المشاركون الذين قاموا بدور الخاطفين سترات مكتوب عليها “قوات العدو”.
وانتقد قادة المستوطنين، مثل يوسي داغان وشلومو نعمان ويسرائيل غانتس، قيادة الجيش الإسرائيلي بشدة، وحثوا رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، على “التحرك بسرعة”.
وطالبوا في بيان طرد “كل من خطط لذلك التدريب في هذا الوقت، وذلك بدلا من التركيز على محاكاة هجمات إرهابية على المستوطنات الإسرائيلية”.
واعتبروا أن مثل ذلك التدريب كان تشويها لـ”المشروع الاستيطاني وتعريضا الأرواح للخطر، من خلال إهدار الذخيرة والقوة البشرية في سيناريو مثير للسخرية”.
“تحريضي وغير مسؤول”.. انتقادات أميركية وفرنسية لمؤتمر “الاستيطان في غزة”
وصف البيت الأبيض، الاثنين، التصريحات التي أدلى بها بعض الساسة الإسرائيليين عن إعادة استيطان غزة بأنها متهورة وتحريضية، وفقا لرويترز.
“جنون وتشويه”
وانتقد وزير الأمن القومي اليميني، إيتمار بن غفير، التمرين ووصفه بأنه “تشويه وجنون تام”.
وتابع: “في الوقت الذي يحتجز فيه 136 رهينة إسرائيلية لدى حركة حماس الشبيهة بالنازية، يأمر قائد القيادة (المركزية) بإجراء تمرين يركز على سفك دماء المستوطنين وشيطنتهم”.
ودعا بن غفير وزير الدفاع إلى “التدخل الفوري في الأمر والتحقيق في الحادث”.
كما انتقد وزير المالية الإسرائيلي اليميني، بتسلئيل سموتريش، تنفيذ هذا التمرين، قائلا: “شخص ما في القيادة العليا للجيش الإسرائيلي شارك في المؤامرة.. وللأسف هذه ليست المرة الأولى”.
وزاد: “أيا كان المسؤول فلا يمكنه أن يستمر في دوره، أو أن يعهد إليه بحياة بحماية لمستوطنين وصون أمنهم”.
في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي ردا على تلك الانتقادات، إن القوات التي شاركت في التدريبات “مارست أكثر من 100 سيناريو مختلف، بما في ذلك المواقف القابلة للحدوث”.
وشرح البيان أن الجيش “لم يحاكي سيناريوهات تصور المستوطنين على أنهم أعداء، والعلامات الموجودة على السترات كانت تهدف إلى التمييز بين المشاركين في التدريبات”.
وتابع: “إنها جزء من إجراءات السلامة الروتينية، وقد كان استخدام مثل هذه العلامات خطأ، ونحن نأسف لذلك، ولدى جيش الدفاع الإسرائيلي علاقة قوية مع مجتمع المستوطنين، ويعمل على مدار الساعة من أجل حمايتهم”.
عقوبات وانتقادات لعنف مستوطنين
تأتي هذه الأحداث في خضم الانتقادات الدولية للعنف الذي يمارسه مستوطنون بحق فلسطينيين في الضفة الغربية، والذي دفع فلسطينيين للفرار من بيوتهم وقراهم.
ودعت الولايات المتحدة إسرائيل مرارا، إلى مواجهة عنف المستوطنين بحزم، وفرضت عقوبات مالية على 4 مواطنين إسرائيليين مرتبطين بالعنف ضد المدنيين في الضفة الغربية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان الأسبوع الماضي، إنه “تم فرض هذه التصنيفات بموجب أمر تنفيذي جديد يمنح الولايات المتحدة سلطة إصدار عقوبات مالية ضد أولئك الذين يوجهون أو يشاركون في أعمال العنف أو التهديد بها ضد المدنيين، أو ترهيب المدنيين لحملهم على مغادرة منازلهم، أو تدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها، أو القيام بنشاطات إرهابية في الضفة الغربية”.
وكان موقع “أكسيوس” قد نقل في وقت سابق عن مسؤولين أميركيين لم يكشف عن هويتهم، أن إدارة الرئيس جو بايدن “فكرت في إدراج” الوزيرين الإسرائيليين بن غفير وسموتريش (وهما من اليمين المتشدد) في قائمة الأفراد الخاضعين للعقوبات، لافتا إلى أنها “قررت استبعادهم في الوقت الحالي، والتركيز على أولئك الذين ارتكبوا الهجمات”.
والجمعة، قال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، إن حكومته تدرس فرض عقوبات على مستوطنين “متطرفين” في الضفة الغربية.
وأضاف في تصريح صحفي: “نبحث كيفية التأكد من محاسبة المسؤولين عن عنف المتطرفين أو عنف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية”.