أبدت إسرائيل عزمها على حصار المدينة الرئيسية في قطاع غزة، الأحد، ونشرت صورا لدبابات على الساحل الغربي للقطاع الفلسطيني بعد 48 ساعة من إصدار أوامر بالتوسع في عمليات التوغل البرية عبر حدوده الشرقية، وفقا لوكالة “رويترز”.
وسعت إسرائيل في بادئ الأمر إلى عدم كشف خطتها الحالية من حربها المستمرة مع مقاتلي حركة حماس، منذ ثلاثة أسابيع، إذ كانت قواتها تتحرك تحت جنح الظلام وفي ظل انقطاع الاتصالات عن الفلسطينيين. لكن إسرائيل أعلنت لاحقا ما سمته “المرحلة الثانية” من عملياتها ضد الحركة المدعومة من إيران.
وأكدت حركة حماس، مساء الأحد، أن مقاتليها يخوضون “اشتباكات عنيفة” مع الجيش الإسرائيلي في غزة، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
وقال سكان في غزة إن خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت بدأت في العودة تدريجيا، الأحد، بعد انقطاع تام لما يزيد على يوم، ما أثّر بشدة على عمليات الإنقاذ في الوقت الذي قصفت فيه إسرائيل أهدافا لحركة حماس التي تدير القطاع، وخصوصا في شمال مدينة غزة حيث مقر حكومتها ومراكز القيادة، بحسب “رويترز”
وبخلاف صور الدبابات التي نشرها الجيش الإسرائيلي، أظهرت بعض الصور على الإنترنت جنودا إسرائيليين يلوحون بالعلم الإسرائيلي في عمق غزة.
ولم تتمكن “رويترز” من التحقق من تلك الصور.
وقالت حماس إنها أطلقت قذائف مورتر على القوات الإسرائيلية في شمال غزة وقصفت دبابات إسرائيلية بالصواريخ، ما يقلل من شأن التقارير التي تحدثت عن إحراز عدوها تقدما كبيرا.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مقاتلاته الحربية قصفت أكثر من 450 هدفا عسكريا لحركة حماس في قطاع غزة من بينها مراكز قيادة عمليات ومواقع مراقبة ومنصات لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وأضاف أن عدة مسلحين سقطوا بين قتيل وجريح في اشتباك مع القوات بعدما خرجوا من أحد الأنفاق قرب حدود إسرائيل.
وفي شمال غزة، أصيب عسكري إسرائيلي بجروح خطرة جراء سقوط قذائف هاون أثناء الليل، وأصيب آخر بجروح طفيفة خلال القتال، حسب الجيش.
وقال المتحدث باسم الجيش، الأميرال دانيال هاغاري، في إفادة “نوسع النشاط البري تدريجيا ونطاق قواتنا في قطاع غزة… سنبذل كل ما في وسعنا من الجو والبحر والبر لضمان سلامة قواتنا وتحقيق أهداف الحرب”.
وأضاف أن دعواته للفلسطينيين في قطاع غزة للتوجه إلى الجنوب بعيدا عن مركز الحرب على حماس صارت الآن أمرا ملحا.
وتابع “على مدى الأسبوعين الماضيين، كنا ندعو سكان شمال قطاع غزة ومدينة غزة إلى الانتقال جنوبا مؤقتا… من أجل سلامتهم الشخصية”.
وقال “نؤكد اليوم أن هذا نداء عاجل”.
ونشر الجيش صورا لجرافات يبدو أنها تفتح طرقا في قطاع غزة، ومقاطع بالأبيض والأسود تظهر غارات جوية ودبابات ميركافا برفقة قوات مشاة.
مستشفى القدس
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، الأحد، إنه تلقى تحذيرات من السلطات الإسرائيلية لإخلاء مستشفى القدس في قطاع غزة على الفور. وأضاف أن القصف الجوي، الأحد، وقع على بعد 50 مترا من المستشفى.
ويقول الهلال الأحمر إن نحو 14 ألفا لجأوا إلى المستشفى هربا من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وتتهم إسرائيل حماس بإقامة مراكز قيادة وبنية تحتية عسكرية أخرى في مستشفيات غزة، وهو ما تنفيه الحركة.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن نحو 50 ألف شخص يحتمون في مستشفى الشفاء في غزة، وعبروا عن قلقهم حيال التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشن هجوم على المنشأة الطبية.
ودعا الجيش الإسرائيلي، السبت، مجددا المدنيين في شمال غزة إلى “المغادرة فورا” باتجاه جنوب القطاع.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أعلن، السبت، بدء “مرحلة ثانية” في الحرب مع حماس.
وفي الأثناء، دعت الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل إلى “اتخاذ كل الإجراءات الممكنة المتوفرة لديها للتمييز بين حماس (…) والمدنيين”، حسب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جاك ساليفان.
وقُتل في القصف الإسرائيلي أكثر من 8 آلاف شخص، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة في حكومة حماس.
وقُتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون قضوا يوم الهجوم الذي احتجزت خلاله حماس 239 رهينة “بينهم كثير من العمال الأجانب”، وفق السلطات الإسرائيلية.
توتر على الحدود مع لبنان
وتشهد الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان عمليات قصف وإطلاق نار يومية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
وقالت إسرائيل إنه تم إطلاق عدد من الصواريخ أو قذائف المورتر من لبنان على أراضيها وإنها كانت ترد على مصادر إطلاق النار، في حين قال حزب الله إنه أسقط طائرة مسيرة إسرائيلية.
وبدورها، أعلنت كتائب القسام أنها أطلقت من لبنان 16 صاروخا على منطقة نهاريا داخل إسرائيل.
في وقت سابق، الأحد، قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إن أحد أفرادها أصيب بعدما سقطت قذائف على قاعدة تابعة لها بالقرب من قرية الحولة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، السبت.
مساعدات محدودة
تزامنا، قال الهلال الأحمر الفلسطيني اليوم إن 24 شاحنة مصرية تحمل مواد غذائية وأدوية وصلت إلى غزة عبر معبر رفح ليصل عددها الإجمالي حتى الآن إلى 118، وهو أقل كثيرا مما يلبي الاحتياجات الفعلية. وأضاف أن الشاحنات لم تجلب أي وقود إلى القطاع.
وشددت الأمم المتحدة على أن القطاع يحتاج 100 شاحنة يوميا على الأقل لتوفير الأساسيات لسكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في مؤتمر صحفي في مصر، الأحد، إن عرقلة إمدادات الإغاثة لسكان غزة قد تشكل جريمة بموجب اختصاص المحكمة.
وأضاف أنه يتعين على إسرائيل أن تبذل “جهودا ملحوظة، ودون مزيد من التأخير، لضمان حصول المدنيين على (احتياجاتهم) الأساسية من الغذاء والدواء”.
وتوجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، الأحد، في زيارة لم تكن معلنة، ونشر مقطعا مصورا على منصة التواصل الاجتماعي إكس.
ودعا مسؤول في حماس، الأحد، مصر إلى اتخاذ “موقف حاسم” للتعجيل بإدخال المساعدات إلى غزة. وقال عضو المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، “لا يجوز أن تبقى مصر متفرجا”، مضيفا “نأمل ونتوقع من الجانب المصري اتخاذ موقف حاسم لإدخال المساعدات في أقرب وقت”.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لفرانس برس طلب عدم كشف هويته، إن من المتوقع أن تدخل غزة “أكثر من أربعين” شاحنة مساعدات أخرى في وقت لاحق، الأحد.
وأضاف “إسرائيل ملتزمة تعديل عملية التفتيش لتتمكن من فحص 100 شاحنة يوميا”.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن المواد الغذائية والمياه والأدوية تصل عبر الحدود المصرية وإنهم يتوقعون زيادة الكميات.
وقال مسؤول إسرائيلي، الأحد، إن إسرائيل ستسمح بزيادة المساعدات الموجهة إلى قطاع غزة بصورة كبيرة في الأيام المقبلة ودعا المدنيين الفلسطينيين إلى التوجه إلى ما وصفها بمنطقة “إنسانية” بجنوب القطاع.
وقال الكولونيل إيلاد غورين من وحدة تنسيق أعمال الحكومة مع الفلسطينيين، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية “نعتزم الأسبوع المقبل زيادة حجم المساعدات بصورة كبيرة”. وكان يتحدث عن المساعدات المتجهة إلى غزة من مصر.
وقال غورين لوسائل إعلام خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت: “لقد أنشأنا منطقة إنسانية في جنوب قطاع غزة في منطقة خان يونس… وما زلنا نوصي بأن يذهب السكان المدنيون الذين جرى إجلاؤهم إلى هذه المنطقة”.
ولم يذكر غورين ما إذا كانت المنطقة الإنسانية جديدة أم منطقة قائمة.
حماية المدنيين
وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكد خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، على ضرورة حماية المدنيين و”تدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكبير لتلبية احتياجات المدنيين في غزة” حيث تشهد الإمدادات نقصا كبيرا في القطاع المحاصر.
كما شدد بايدن على ضرورة دفاع إسرائيل عن نفسها لكن بطريقة تتماشى مع القانون الدولي الذي يكفل حماية المدنيين.
وقال البيت الأبيض إن بايدن والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تعهدا بتسريع تدفق المساعدات إلى غزة، اعتبارا من الأحد.
وفي ظل تزايد الأزمة الإنسانية، حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من انهيار “النظام العام” مع انتشار الفوضى بعد نهب مستودعات ومراكز لتوزيع المساعدات الغذائية تابعة لها.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأحد، من أن الوضع في غزة “يزداد يأسا ساعة بعد أخرى”.
وأوروبيا، أكد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي الحاجة إلى “دعم إنساني عاجل لغزة”.