إسرائيل تعلن إصابة 14 شخصا جراء هجوم بمسيرات وصواريخ

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

بين من اعتبره “مسرحية” ووصفه آخر بـ”الانتصار” تباينت الآراء حيال الهجوم الذي نفذته إيران ضد إسرائيل، وبعدما أعلن كل طرف عن حصيلة ما جناه على الأرض وفي الجو وفي وقت يواصلان التهديد تثار تساؤلات عن ما حققه الطرفان سياسيا، وكذلك الأمر بالنسبة للخسائر.

تتجه الأنظار الآن إلى إسرائيل، وشكل الرد الذي تهدد بتنفيذه ضد إيران، وما إذا كان سيدفع الأخيرة للهجوم مجددا، خاصة أنها ألمحت إلى ذلك، الاثنين، ووضعته في إطار زمني محدد بـ”ثوانٍ”.

وبينما يتواصل تسرب المعلومات نقلا عن مسؤولين في وقت يشار إلى السيناريوهات المتوقعة، يكاد يطغى التهديد والتهديد المضاد بين إسرائيل وإيران على مجريات الحرب في غزة، والمأساة الإنسانية الحاصلة فيها.

الرد الإيراني جاء بعد أسبوع من إشارات وتلميحات وتأكيدات أطلقها المسؤولون في طهران وشاركوها مع نظرائهم في المنطقة، حسبما أعلنوا بعد تنفيذ “الرد” ليلة السبت.

وكان للتوقيت الذي استغرقته إيران حتى إطلاق المسيرات والصواريخ اتجاه إسرائيل دور في اعتبار معلقين من خبراء وصحفيين وأشخاص عاديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن ما حصل لم يخرج عن نطاق “المسرحية” والتفاهمات المسبقة.

وزاد من ذلك طبيعة الهجوم وإعلان إسرائيل تصديها لمعظم المسيرات والصواريخ قبل أن تصل إلى هدفها، ودون أن تسفر عن أية خسائر.

ومع ذلك ينظر خبراء تحدثوا لموقع “الحرة” إلى ما حصل بعين مختلفة يتخلل مشهدها على نحو أكبر “مكاسب سياسية” لا تقتصر على طرف دون آخر.

لكنها في المقابل تؤثر على دائرة التركيز والاهتمام الدولي والإقليمي التي كانت منصبة قبل أيام على غزة ورفح والمجاعة التي ضربت من بقي على قيد الحياة.

“بين هجومين”

في تقرير تحليلي على صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” يسلط الكاتب والصحفي الإسرائيلي، يعقوب ماجد، الضوء على المحطات التي سلكتها إسرائيل منذ بداية ضربتها لقنصلية طهران في دمشق، وصولا إلى دفع الأخيرة للرد بالمسيرات والصواريخ.

ويرى أنها صبّت في إطار نجاحها بتحويل موقف الولايات المتحدة، من انتقاد إسرائيل بشأن مساعيها لتنفيذ عملية كبرى في رفح إلى الدفاع عنها بقوة ضد إيران.

من جانب إيران، فقد “بنت ردها لاستعادة الردع أولا وعلى الصورة العسكرية الإسرائيلية التي اهتزت في السابع من أكتوبر ثانيا”، كما يقول الباحث في الشأن الإيراني، محمود البازي.

ويضيف لموقع “الحرة” أنها بنته أيضا من منطلق أن “المواجهات المحدودة قد تمنع الأطراف من الانزلاق للحرب الكلاسيكية المدمرة التي لا يرغب بها الطرفان”.

يعتقد الباحث أن التصدي الأميركي الأردني البريطاني والفرنسي لبعض الصواريخ والمسيرات أظهر للأخيرة أهمية أن “تعود إلى مشروعها القديم في بناء تحالف إقليمي، وبناء منظومة دفاع جوي إقليمية تعمل لصالحها في الدول العربية”.

ولا يستبعد أن “نشهد توجها واندفاعا إسرائيليا غير مسبوق نحو إقناع الدول العربية بالتطبيع”.

بالنسبة لإيران، فهي تدرك أهمية بناء منظومة دفاع جوي مشابهة في عملها بمنظومة القبة الحديدية الناجحة، وفق البازي.

ويوضح أن ذلك يرتبط بفكرة أن “أراضيها التي تبلغ مساحتها 1.6 مليون كيلومتر مكشوفة حاليا”.

من كسب ومن خسر؟

بينما يعتبر البازي أن وصف ما حدث “بالمسرحية” يحول دون فهم ما جرى ولا يسمح بفهم التحولات الإقليمية بعد الضربة الإيرانية يتفق بذات الفكرة المحلل الإسرائيلي، يوآف شتيرن.

يوضح شتيرن لموقع “الحرة” أن إسرائيل وبعدما كانت في طريقها للرد خلال الساعات الماضية “يبدو أنها امتنعت عن ذلك بقرار من نتانياهو وفي أعقاب حديثه مع الرئيس الأميركي بايدن”.

ويرى أن ما سبق “سيعود بالكثير من المكاسب على إسرائيل”، وأن “الدفع سيكون في قطاع غزة”، على حد تعبيره.

ويضيف شتيرون: ” من خلال امتناعها عن الرد تقول إسرائيل لحلفائها إنني أفهم احتياجاتهم وطلباتكم بعدم الرد على إيران لكن يجب أن تتفهموا طلباتي بموضوع غزة”.

ويضيف: “ربما في ظل ذلك ومع رفض حماس التقدم بالمفاوضات أن تقوم إسرائيل تقوم بالتصعيد في غزة”.

بلغة المكاسب والخسائر، يشير المحلل الإسرائيلي إلى أن إيران أثبتت أنها “قادرة ولا تخشى من الهجوم المباشر على إسرائيل”.

كما أثبت الإيرانيون أن لديهم إمكانيات، لكن وعند مقارنة ذلك على الطرف المقابل لا يقارن الأمر بالمكتسبات التي حصلت عليها إسرائيل، وفق المحلل الإسرائيلي.

ويشرح بالقول: “المنطقة انقسمت بعد الرد إلى قسمين: عربي إسرائيلي وإيراني. الهجوم الإيراني أثبت فاعلية الائتلاف الذي قدمته أميركيا والذي يشمل دولا عربية وإسرائيل”.

كما أن إسرائيل حظيت، حسب شتيرن، ومن خلال ما أقدمت عليه طهران “بوقوف الدول الغربية إلى جانبها وبقوة، إضافة إلى دول عربية”.

ماذا عن غزة؟

وكان الهجوم الإيراني على إسرائيل أول مواجهة مباشرة وعلنية.

ورغم عدم تحقيقه لنتائج عسكرية فعلية على الأرض كما أكدت الرواية الإسرائيلية، يشير الباحث البازي إلى أنه وبموجبه تكون “جميع الخطوط الحمر بين إسرائيل وإيران قد سقطت”.

وبالهجوم الإيراني الذي حصل السبت أيضا تكون “مواجهات الظل بين الطرفين قد خرجت للعلن”، حسب البازي.

كما يرى أن “تداعيات هذه المواجهة ستغير من شكل الشرق الأوسط وتحالفاته”.

ويوضح سليم بريك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، أن إيران أرادت بهجومها “ردع إسرائيل عن الاستمرار باستهداف جنودها وضباطها”، وأن ذلك يشكل نهاية “الصبر الاستراتيجي”.

ويقول لموقع “الحرة” إن السؤال الأبرز الآن هو: كيف يمكن الرد لحفظ هيبة إسرائيل من غير الانزلاق لتصعيد خطير؟، مردفا: “يبدو أن هذا ما يخططون له الآن”.

بريك يعتقد أن وضع إسرائيل “تحسّن بعد الضربة”، وأن العالم لم يعد يتعامل مع أحداث غزة.

ويوضح أن ما سبق “يقوي مفاهيم التحالف الاستراتيجي في الأمن القومي الإسرائيلي”، و”العمل المشترك مع قوى غربية وعربية ضد إيران في المنطقة”.

وما يزال نتانياهو يؤكد على أهمية شن عمليات برية في رفح من أجل تفكيك ما تبقى من كتائب حركة حماس، على الرغم من الضغوط التي مارستها واشنطن.

وقد كرر مسؤولون أميركيون، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة لم تر أي بوادر لخطة شاملة من الإسرائيليين بشأن كيفية تنفيذ مثل هذه العملية، بما في ذلك نقل غالبية المدنيين الذين يقدر عددهم بـ 1.4 مليون مدني خارج رفح.

ويعتقد الباحث البازي أن تأخر إسرائيل وتضارب تصريحات مسؤوليها حول الرد على إيران هو “مساومة من جانبها للحصول على دعم أميركي في الهجوم على رفح”.

وتحاول إدارة بايدن ثني نتانياهو عن الهجوم على إيران لاعتبارات عدم رغبتها بحدوث حرب إقليمية واقتراب الانتخابات الأميركية.

ولذلك يتوقع الباحث أن “امتناع إسرائيل عن الرد أو الرد بشكل منسق ومحدود أو الرد عبر هجوم سيبراني فقط سيعني حصول إدارة نتانياهو على الضوء الأخضر لشن هجوم على رفح”.

وفي غضون ذلك يعتبر البازي أن “القول إن الهجوم الإيراني صرف أنظار العالم عن الحرب في غزة هو كلام غير دقيق، لأن الحرب هناك مستمرة منذ سبعة أشهر كما أن قرار الهجوم على رفح تم اتخاذه بشكل نهائي ولا رجعة فيه”.

ويقول إن “التصعيد بين إيران وإسرائيل كان لاعتبارات أمن قومي لكلا الطرفين وليس لصرف أنظار”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *