أدانت الصين وفرنسا الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة، وفي حين أعلنت الولايات المتحدة أنها أبلغت تل أبيب بموقفها من العملية، دعت مصر والأردن لوقف الهجوم على المدينة.
وصباح اليوم الثلاثاء أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه سيطر على معبر رفح بشكل كامل، ويقوم بعمليات تمشيط واسعة بالمنطقة، بعد ليلة من القصف العنيف، استهدفت محيط المعبر ومناطق شرق المدينة المكتظة بالنازحين، وذلك رغم مساعي الوسطاء للتوصل إلى هدنة.
وبرر متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الهجوم قائلا إن “هدف إسرائيل الرئيسي هو تدمير حركة حماس”، مؤكدا أن السبيل لإنهاء الصراع هو إلقاء حماس أسلحتها وإعادة الرهائن.
في المقابل، طالبت السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة بالتدخل الفوري لمنع قيام السلطات الإسرائيلية باجتياح رفح وتهجير المواطنين منها.
وشددت على أن احتلال إسرائيل معبر رفح والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء يعتبران جرائم حرب.
انتقادات دولية
دوليا، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة أوضحت آراءها لإسرائيل فيما يتعلق بعملية اجتياح بري كبيرة لمدينة رفح.
وأضاف المتحدث في رسالة عبر البريد الإلكتروني “ما زلنا نعتقد أن اتفاق الرهائن يصب في مصلحة إسرائيل والشعب الفلسطيني، وسيؤدي إلى اتفاق وقف إطلاق نار فوري، وسيسمح بزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
كما أعلنت الصين وفرنسا معارضتهما للهجوم البري الإسرائيلي على رفح، معتبرتين أنه سيؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق في قطاع غزة.
وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في بيان مشترك مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضرورة حماية المدنيين في غزة وفقا للقانون الدولي الإنساني.
وانتقد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الثلاثاء، تقدم الجيش الإسرائيلي نحو مدينة رفح في غزة.
وقال بوريل “أخشى أن يتسبب هذا مجددا في سقوط كثير من الضحايا، وأعني الضحايا من المدنيين”.
بدورها، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من هجوم عسكري واسع النطاق على رفح، قائلة إن مليون شخص لا يمكن أن يختفوا في الهواء.
وأضافت في تغريدة على موقع إكس، أن سكان رفح بحاجة بشكل عاجل إلى مزيد من المساعدة الإنسانية، ويجب فتح معبري رفح وكرم أبو سالم فورا.
كما دانت الخارجية التركية الهجمات الإسرائيلية على رفح، مؤكدة أنها تظهر أن إسرائيل لا تعمل بنية صادقة وعليها الانسحاب فورا من معبر رفح.
وأضافت أن أي هجوم على رفح سيؤثر على العالم برمته، ويجب على إسرائيل الانسحاب من الجزء الذي سيطرت عليه في معبر رفح فورا.
عواقب مدمرة
بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن اجتياحا إسرائيليا لمدينة رفح بجنوب قطاع غزة ستكون له عواقب إنسانية مدمرة، وتأثير مزعزع على استقرار المنطقة.
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه البالغ من التحركات العسكرية الإسرائيلية في رفح، قائلا إن اجتياح المدينة سيكون أمرا غير مقبول، ولا يمكن احتماله بالنظر إلى وجود نحو 1.5 مليون نازح في المنطقة.
كما وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أوامر الترحيل الصادرة عن الجيش الإسرائيلي لسكان شرق رفح بغير الإنسانية.
من جانبه، دعا وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، لتجنب المزيد من “الكوارث الإنسانية”.
وقال بيترز، في بيان على موقع الحكومة الإلكتروني، اليوم الثلاثاء “لا يمكن السماح بزيادة المعاناة في غزة. الطرفان يتحملان مسؤولية وقف النار”.
بدورها، دعت وزيرة التعاون الإنمائي البلجيكية كارولين غينيز الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
وأكدت، في مؤتمر صحفي، ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية لغزة، داعية مفوضية الاتحاد الأوروبي إلى مواصلة التزاماتها وتمويلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
مطالب عربية
عربيا، أفادت وسائل إعلام مصرية بأن القاهرة طالبت تل أبيب بوقف تحركاتها العسكرية في معبر رفح من الجانب الفلسطيني “فورا”.
ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر لم تسمه وصفته بأنه “رفيع المستوى”، بأن وفدا أمنيا مصريا حذر نظراءه في إسرائيل من عواقب اقتحام معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وطلب وقف هذا التحرك فورا.
وسبق وأدانت الخارجية المصرية، اليوم الثلاثاء، في بيان العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على المعبر.
واعتبرت أن “هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادا أساسيا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة”.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن إسرائيل احتلت معبر رفح وأغلقته أمام المساعدات الإنسانية بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات، مضيفا أن الهجوم على رفح يهدد بمذبحة أخرى. وشدد أن على مجلس الأمن التصرف بحزم فورا، كما يجب أن يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عواقب حقيقية.
وحذرت الخارجية اللبنانية اليوم الثلاثاء من أن استهداف الجيش الإسرائيلي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة ينذر بـ”كارثة إنسانية بالغة”، ويسهم في تنفيذ مخططات التهجير القسري الإسرائيلية للفلسطينيين.
وقالت في بيان إن “أي عمل ضد رفح يهدد بكارثة إنسانية بالغة على أكثر من مليون فلسطيني نزحوا إلى المنطقة جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ سبعة أشهر”.
وأمس الاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية “محدودة النطاق” في رفح، وتوجيه تحذيرات إلى 100 ألف فلسطيني بـ”إخلاء” شرق المدينة قسرا والتوجه لمنطقة المواصي جنوب غرب القطاع.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عشرات آلاف الشهداء والجرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل إسرائيل الحرب ضد القطاع رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.