“نريد تسريحا كاملا، يجب ألا يشارك المدنيون في القتال، لقد سئمنا”. عبارات احتجاجية جاءت على لسان مجموعة من السيدات الروسيات تعبيرا عن معارضتهن لضم أزواجهن وأبنائهن لصفوف القوات التي تشارك في الحرب على أوكرانيا.
وفي بلد قلما تجد فيها معارضة، تظهر حركة شعبية ناشئة حديثا اكتسبت زخما في روسيا، في الأسابيع القليلة الماضية، مكونة من زوجات وأمهات آلاف الرجال الروس الذين تم تجنيدهم، ما يكشف بعض الصعوبات الداخلية التي تواجهها القيادة الروسية مع اقتراب الحرب من ذكراها السنوية الثانية، بحسب صحيفة “الغارديان”.
It is Russian women who have the courage to challenge Putin. ‘We’re tired of being good girls’: Russia’s military wives and mothers protest against Putin https://t.co/4KflMwUvi4
— Roberta Staley (@RobertaStaley) December 25, 2023
وأوضحت الصحيفة أنه في سبتمبر 2022، تم تجنيد 300 ألف رجل روسي، بالتزامن مع فترة حرجة بالنسبة للكرملين عندما احتاج إلى تعزيز أعداد قواته بعد أن استعادت أوكرانيا مساحات واسعة من الأراضي في جنوب وشمال البلاد.
وأشارت الصحيفة إلي أنه بعد مرور أكثر من عام، ومع بقاء رجالهن وأبنائهن في ساحة المعركة، تنظم العديد من النساء احتجاجات عامة ويكتبن رسائل مفتوحة تهاجم الرواية الرسمية للدولة الروسية التي تقول إن حشد القوات مطلوب في حرب روسيا في أوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن ماريا أندريفا، 34 عاما، وهي واحدة من القادة غير الرسميين للحركة الشعبية، إن الحركة ظهرت في سبتمبر بعد أن قال أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان، للصحافة إنه لن يكون هناك تناوب للقوات في أوكرانيا، وسيعودون إلى وطنهم بعد انتهاء العملية العسكرية الخاصة.
وأندريفا، التي تقول للصحيفة إنها ليست خائفة لأنها سئمت، أكدت أنها تتواصل مع زوجات وأخوات وأمهات الجنود الأخريات على تطبيق “تيليغرام”، وهو واحد من آخر المنصات التي تستضيف الأصوات المستقلة. ويتم تنسيق معظم أعمالهن على قناة “بوت دوموي” (الطريق إلى البيت)، التي جمعت أكثر من 35 ألف عضوة منذ تأسيسها في سبتمبر.
وحتى الآن، اختارت السلطات عدم سجن النساء أو مضايقتهن، وأمرت وسائل الإعلام الحكومية بتجاهل مناشداتهن، بينما رفضت أيضا طلباتهن للحصول على تصاريح للتجمع في جميع أنحاء البلاد.
وفي محاولة لمعالجة بعض الغضب المتصاعد، ذكرت الصحيفة أن بوتين تحدث سابقا مع أمهات الجنود الذين يقاتلون في أوكرانيا في اجتماع تم تنسيقه بعناية. وأظهر تحقيق أجرته صحيفة “الغارديان” أن النساء الجالسات مع بوتين كن جزءا من كادر مختار بعناية من أمهات الجنود الذين تربطهم علاقات بالسلطات.
أموال لزوجات الجنود مقابل عدم الاحتجاج
وتقول أندريفا، التي رفضت اجتماع بوتين ووصفته بأنه “عرض سياسي”، إن بعض الأصوات الأعلى في مجموعتها قد عُرض عليها المال مقابل الصمت. وتقول: “لا يمكن لأي مبلغ من الروبل أن يعيد زوجك”.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية، في ٣ ديسمبر الجاري، أن “الكرملين يدفع لزوجات الجنود الروس أموالا، مقابل عدم الاحتجاج على وجود أزواجهن في جبهات القتال لفترات طويلة”، وذلك في أعقاب مظاهرات صغيرة شهدتها العاصمة موسكو.
ونقلت صحيفة “إندندبنت” البريطانية، الأحد، عن بيان وزارة الدفاع: “من المرجح أن السلطات الروسية تحاول قمع المعارضة العامة من قبل زوجات الجنود الروس المتواجدين في جبهات القتال، بما في ذلك عن طريق محاولة دفع أموال لهن أو تشويه سمعتهن عبر الإنترنت”.
وتابع البيان: “من المرجح أن السلطات الروسية عرضت في الأسابيع المنصرمة مبالغ نقدية على العائلات، مقابل امتناعهم عن الاحتجاج”.
وتتجمع النساء في المدن في جميع أنحاء روسيا لرفض ذرائع الكرملين بأن القوات التي جرى تعبئتها ضرورية في القتال إلى أجل غير مسمى، لضمان النصر في أوكرانيا، وفق الصحيفة.