أوستن: سنتخذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن القوات الأميركية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

لم تعد القضايا المتعلقة بملاحقة مجرمي الحرب السوريين تُسمع في دولة أو مدينة أوروبية بعينها دون أخرى بل أصبحت تتردد بازدياد من ألمانيا إلى السويد فهولندا وأخيرا في بلجيكا، حيث صدر منها قبل أيام مذكرة توقيف بحق رجل سوري “كان قائدا في ميليشيا تابعة لنظام الأسد” في سوريا.

ويرى حقوقيون سوريون أن فتح ملفات الانتهاكات في هذه البلدان الأوروبية من شأنه أن يؤكد على فكرة عدم الإفلات من العقاب.

ويشيرون من جانب آخر إلى أنه يشكّل حافزا لمواصلة العمل ضد المجرمين ليس فقط الذين ارتبط اسمهم بالحرب، بل أولئك الذين تخطوا الخطوط الحمراء للإنسانية.

ودائما ما يكون التحرك ضد مرتكبي الانتهاكات في سوريا والذين وصلوا إلى أوروبا مؤخرا قائما على “أساس”، حسب ما يوضح المحامي السوري أنور البني، مدير “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية”.

ويقول لموقع “الحرة”: “لا يمكن أن نستهدف أحدا ونبحث عن الشهود أو أدلة ضده، بمعنى أن ننطلق بهذه المهمة من تلقاء أنفسنا”.

ويؤكد المحامي السوري أن “التحرك والمضي بالملف يكون عندما يكون بمتناول اليد شهود ومعلومات عن مشتبه بهم، وعلى هذا الأساس يبدأ العمل”.

ويضيف: “قد نتوصل لأدلة جديدة وكذلك الأمر بالنسبة للشهود. وكل هذه العملية تتم بشكل سري”.

“دائرة الملاحقة تتوسع”

وكان البني قد أعد ملف المشتبه به (حسين.أ) بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وسلمه للمدعي العام البلجيكي، وعلى إثر ذلك أصدر الأخير مذكرة توقيف بحقه، بعد تنفيذ عمليات تفتيش في منزله ببروكسل.

وفي التفاصيل التي نشرتها وسائل إعلام بلجيكية، الأحد، ذكرت أن المشتبه به كان رئيسا لميليشيا تابعة لنظام الأسد بين عامي 2011 و2016، وبينما كان يتركز نشاطه القمعي في مدينة سلمية بريف حماة أقدم على عمليات تعذيب وقتل العديد من الأشخاص.

ويوضح المحامي السوري أنهم تمكنوا من جمع أكثر من 10 شهود في قضية المتهم في بلجيكا، وأنهم كلهم من الضحايا الذين تعرضوا للاعتقال والتعذيب، مشيرا إلى أن “التهم الموجهة ضده مهمة لأن التعذيب يرتكب بأوامر عليا”.

فتح ملف “حسين.أ” في بلجيكا يأتي بعد ستة أيام فقط من إصدار القضاء الهولندي حكما بالسجن لمدة 12 عاما على عنصر سابق في “لواء القدس” الذي تشكل عام 2011 في سوريا، لتورطه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

وفي هولندا أيضا كانت السلطات قد ألقت القبض، في منتصف ديسمبر الماضي، على قيادي بارز في ميليشيا “الدفاع الوطني”، التي ساندت جيش نظام الأسد، واشتركت معه بالكثير في الجرائم والانتهاكات.

وبالتوازي مع ذلك أعلنت النيابة العامة الاتحادية الألمانية في ديسمبر الماضي أيضا إلقاء القبض على سوري قالت إنه عمل مع “حزب الله” اللبناني في سوريا بين عامي 2012 و2013، و”ارتكب جرائم ضد الإنسانية من خلال التعذيب والحرمان من الحرية، وجرائم حرب ضد الأشخاص”.

ويعتقد البني أن “توسيع دائرة ملاحقة مجرمي الحرب السوريين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية يزيد من مساحة عمل الحقوقيين”. 

وبعدما بدأت هذه الملاحقات من ألمانيا ومن ثم في السويد وهولندا والنمسا باتت تحطّ في بلجيكا وفرنسا، وقبل ذلك في سويسرا وإسبانيا، اللتان تشهدان قضايا متعلقة برفعت الأسد عم رئيس النظام السوري.

ويرى المحامي السوري أن توسع فتح الملفات المتعلقة بالانتهاكات في سوريا بدول أوروبية لا يمكن أن ينفصل عن “تضحيات الشهود وهم الضحايا الذين لا يمكن العمل دون وجودهم”.

ورغم أن هناك جهدا يتعلق بالمنظمات الحقوقية السورية يؤكد البني أن “الضحايا هم الأبطال الحقيقيين ونحن جسرهم للوصول إلى العدالة”.

ويشير إلى أنهم يخاطرون بوضعهم الأمني ووضع عائلاتهم الموجودة في مناطق سيطرة النظام السوري.

“لا تسقط بالتقادم”

وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية لعبت ألمانيا دورا رائدا في محاكمة مجرمي الحرب السوريين بموجب قوانين الولاية القضائية العالمية، التي تسمح للمحاكم بمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في أي مكان في العالم. 

ويُحاكم طبيب سوري (علاء موسى) يشتبه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تعذيب السجناء داخل المستشفيات العسكرية في سوريا، أمام محكمة فرانكفورت، وهي أحدث قضية في البلاد بسبب مزاعم التعذيب المرتبطة بالنظام السوري.

وفي أغسطس العام الماضي عادت الفضائح المرتبطة بالفرع الأمني “227” التابع لنظام الأسد إلى الواجهة من جديد، مع إعلان ألمانيا إلقاء القبض على مواطن سوري، الخميس، “للاشتباه القوي بارتكابه جرائم حرب وضد الإنسانية في سوريا”، في الفترة الممتدة بين عامي 2012 و2015. 

المعتصم بالله الكيلاني وهو قانوني سوري مختص بالقانون الدولي يوضح أن “كل الخطوات التي تحصل في أوروبا باستخدام الولاية القضائية العالمية أو الولاية خارج إطار الإقليم تدل على عزم الاتحاد الأوروبي على مكافحة الإفلات من العقاب في سوريا”.

ويقول لموقع “الحرة”: “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم”.

وتعرّف جرائم الحرب، بحسب “اتفاقيات جنيف” بأنها تلك التي تنتهك قوانين الحرب، وتشمل استهداف المدنيين والتعذيب وقتل أسرى الحرب أو إساءة معاملتهم.

أما الجرائم ضد الإنسانية فهي عبارة عن جرائم تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منظم ضد المدنيين في أوقات السلم أو الحرب.

وتشمل الاختفاء القسري والقتل والاسترقاق (العبودية) والترحيل أو النقل القسري للسكان وعمليات الاغتصاب الجماعي الممنهجة.

ومنذ 10 سنوات كان للحالة السورية نصيب كبير من هذين النوعين.

وعلى الرغم من أن القسم الأكبر منها يرتبط بنظام الأسد والتشكيلات المسلحة المساندة له، إلا أن جزءا منها ينسحب إلى بقية الأطراف الأخرى من غربي البلاد وشمالها، وصولا إلى شرقها.

ويعود الفضل الأول والأخير للملفات التي بات فتحها يتم بازدياد في أوروبا إلى “الضحايا والشهود الذين لا يتوانون عن التعاون مع وحدات جرائم الحرب في الدول الأوروبية لتقديم الشهادات وكل المعلومات”، وفق القانوني السوري.

ويشير إلى “الجهد الكبير للمنشقين الذين يبذلون كل المعلومات المهمة لتقديمها لمكاتب الادعاء العام في دول الاتحاد الأوروبي”.

ومن خلال المعلومات التي يقدمونها “يتم تفكيك سلاسل القيادات الخاصة بالقطع العسكرية أو بالأفرع الأمنية لتحديد المسؤولية الجنائية الفردية، والتي يمكن للادعاء العام أن يحدد عبرها المشتبه بهم بشكل عام”، حسب الكيلاني.

“يعدون للعشرة”

وأمام توسع الجهود المتعلقة بملاحقة مرتكبي الانتهاكات في سوريا بدول أوروبية يعتقد المحامي السوري أنور البني أن “مجرمي الحرب باتوا يعدّون للعشرة قبل أن يتخذوا قرار الذهاب إلى أوروبا، أي يحسبون كل الخيارات قبل الإقدام على ذلك”.

في المقابل هناك قسم آخر منهم في أوروبا “أصبح يفكر بالخروج منها بسبب تضييق  الخناق”، وفق البني.

المحامي السوري يشير إلى أشخاص “أزالوا صور تأييدهم للنظام السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، واتجه آخرون إلى تبديد كل ما يشير إلى ارتباطهم بقوات النظام السوري وأفرعه الأمنية”.

ويضيف: “كل ما زاد عدد الشهود أكثر وأكثر كلما توسعت دائرة الملاحقات”.

ومع ذلك يوضح أن “هناك استطاعة لدى القضاء الأوروبي، فضلا عن القيود الصارمة التي يفرضها كل ادعاء بشأن الاتهامات والأدلة، وخاصة أنهم ليسوا في مكان الجريمة”.

ويعتبر القانوني السوري، المعتصم بالله الكيلاني أن “وجود عدد كبير من المشتبه بهم ضمن الاتحاد الأوروبي يشكّل تحديا وتهديدا وعبء”.

ويقول: “يفرض اليوم دور كبير على الضحايا للتعرف على المشتبه بهم وتبليغ السلطات، وكذلك الأمر بالنسبة للحقوقيين السوريين المستقلين ومنظمات المجتمع المدني، إذ عليهم احتضان هؤلاء ومساعدتهم على تقديم الشهادات”.

الكيلاني يشير إلى أن “جرائم الحرب وضد الإنسانية لا تسقط بتغيير الحال”، وأنه “إذا ارتكب شحص جريمة ومن ثم انشق إلى الصف الآخر فهذا لا يعفيه من العقاب”.

ويضيف أن “العدلة يجب أن تكون للجميع ويجب أن نسعى لتكون كذلك دون أي استثناء. نحن مع كل الضحايا وضد جرائم الحرب وضد الإنسانية من كل التقسيمات”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *