كشف تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أن واشنطن وكييف تبحثان عن “استراتيجية جديدة” بعد الهجوم المضاد “الفاشل” في أوكرانيا، وذلك في وقت يزور فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وأوكرانيين، أن الاستراتيجية الجديدة ربما تبدأ مطلع العام المقبل، من أجل إحياء حظوظ أوكرانيا وتعزيز الدعم لها في حربها لمواجهة الغزو الروسي.
تأتي الخطوة بعد “فشل” الهجوم المضاد في تحقيق هدفه باستعادة المناطق التي فقدتها أوكرانيا بعد الغزو الروسي الذي بدأ في فبراير 2022، وفي أعقاب أسابيع من النقاشات الساخنة بين كبار المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين، وفق الصحيفة.
ووصل زيلينسكي إلى وشنطن، الإثنين، حيث سيعقد اجتماعات مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وأعضاء بالكونغرس، حيث من المقرر أن يحاول الرئيسان إظهار التضامن وتعزيز الدعم لأوكرانيا في وقت حاسم، سواء على جبهة القتال أو في الكونغرس.
وكان بايدن قد حث، الأربعاء، الكونغرس على الموافقة على تأمين مساعدات لأوكرانيا، معتبرا أن رفضها سيكون “أعظم هدية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين”.
كيف يؤثر تقلص المساعدات الغربية لأوكرانيا على ساحة المعركة؟
يتسابق المسؤولون في كييف لتعزيز القدرات العسكرية لبلادهم ويعملون على تعميق العلاقات مع الحلفاء الآخرين الذين يظلون ثابتين في دعمهم، بالنظر إلى “العواقب الوخيمة” التي تواجه أوكرانيا حال عدم تمكن الولايات المتحدة من إيجاد طريقة لمواصلة تقديم المساعدة العسكرية، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
وقال مسؤولون أميركيون لنيويورك تايمز، إن الكثير من القادة الأوكرانيين لا يدركون “مدى عدم استقرار” الدعم الأميركي للحرب، مضيفا أن هؤلاء الجنرالات والمسؤولين المدنيين لديهم “توقعات غير واقعية” حول ما يمكن الولايات المتحدة دعم كييف به.
وأشار إلى أنهم يطلبون على سبيل المثال، الملايين من القذائف المدفعية من المخزونات الغربية، وهي بالأساس غير متوفرة.
فيما ذكر مسؤولون أميركيون للصحيفة أيضًا، أن أوكرانيا سيكون عليها في الوقت المقبل “القتال وفق ميزانية أقل”.
“شديدة الجرأة”
ورأى بعض المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة، أنه يجب على أوكرانيا بدء استراتيجية تعتمد على “التمسك والبناء”، حيث تركز على الحفاظ والتمسك بالمناطق التي تسيطر عليها، وبناء قدرتها على إنتاج الأسلحة خلال عام 2024.
وتعتقد الولايات المتحدة أن الاستراتيجية ستحسّن القدرات الأوكرانية وتضمن قدرتها على مواجهة أي تحرك روسي جديد، بحسب “نيويورك تايمز”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من استراتيجية كهذه، هو “خلق تهديد كاف يدفع روسيا إلى أن تضع في اعتبارها أن تنخرط في “مفاوضات جدية بنهاية عام 2025”.
وعلى صعيد متصل، تدرس أوكرانيا استراتيجيات استخدمتها بشكل ناجح حينما شنت هجمات على شبه جزيرة القرم الخريف الماضي.
وأوضحت الصحيفة الأميركية، أنهم يبحثون “طرقا مبتكرة لجعل روسيا غير متزنة، عبر شن هجمات ضد مصانع ومخازن الأسلحة وخطوط القطارات التي تستخدم لنقل الذخائر، وتحقيق انتصارات رمزية”.
ورفض مسؤول عسكري أوكراني بارز سابق، مناقشة المقترحات، لكنه قال إن “الخطة الجديدة يجرى تنقيحها، وهي شديدة الجرأة”.
فيما أشار مسؤولون أميركيون إلى أنه حال عدم تغيير الاستراتيجية التي تعمل بها كييف، سيكون عام 2024 مماثلا لعام 1916، وهو الأسوأ من حيث عدد القتلى في الحرب العالمية الأولى، حيث قتل الآلاف من الشباب ولم تتغير خطوط المعركة إلا قليلا.
خلاف كبير
ما زاد الخلاف مع القادة العسكريين في الولايات المتحدة، بحسب “نيويورك تايمز”، هو عدم التوافق حول كيف وأين سيتم تطبيق تلك الاستراتيجية الجديدة، حيث يرى المسؤولون في كييف وعلى رأسهم زيلينسكي، أن شرقي البلاد كان المسرح الأكثر أهمية، حيث ركزت القوات الروسية جهودها هناك.
لكن الولايات المتحدة، ترى شرقي أوكرانيا ومن بينها منطقة دونباس، أقل أهمية من الساحل الجنوبي الذي تحتله روسيا أيضًا.
بايدن يحذر الكونغرس من “أعظم هدية لبوتين”
حث الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأربعاء، الكونغرس، على الموافقة على تأمين مساعدات لأوكرانيا، معتبرا أن رفضها في تصويت، اليوم، سيكون “أعظم هدية للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين”.
وذكرت “نيويورك تايمز”، أن “واشنطن أرادت أن تركز كييف على الجنوب من أجل إنهاء أو تهديد قبضة روسيا على الأراضي الواقعة بين شبه جزيرة القرم والحدود الروسية، فيما رأت القيادة الأوكرانية أن الدفاعات الروسية لا يمكن اختراقها، بسبب الألغام التي ستتسبب في خسائر فادحة”.
ونتيجة لهذا الخلاف، أبقت كييف قواتها منقسمة بين الشرق والجنوب، ورفضت تنفيذ الهجوم من جبهة واحدة، وبدلا من تحقيق تقدم بارز، بات الوضع في حالة من الجمود. ويعتقد القادة العسكريون في أوكرانيا أن التوقعات الأميركية كانت “غير واقعية”، خصوصا فيما يتعلق بحقيقة عدم وجود قوة جوية تحمي وحداتهم على الأرض.
وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس، الإثنين، بأن بايدن وكبار المسؤولين في البيت الأبيض “على اتصال وثيق ومستمر مع المشرعين، بشأن الحاجة الملحة للموافقة على تقديم مساعدة أمنية جديدة لأوكرانيا بنحو 50 مليار دولارط.
وقال بيتس في تصريحات نقلتها وكالة رويترز: “أمننا القومي على المحك في أوكرانيا. أشار بوتين إلى أنه إذا نجح هناك، سيكون لديه مخططات بشأن دول أخرى في شرق أوروبا أعضاء في حلف شمال الأطلسي ونحن ملزمون بالدفاع عنها”.
وأضاف: “سيصبح الأمر أكثر تكلفة من كل النواحي إذا لم نتحرك بشأن هذا التمويل الإضافي”.