جاء الإعلان الأخير عن اختراق القوات الأوكرانية لخط الدفاع الروسي الأول في مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرق) ليعزز الآمال لدي كييف بتحقيق مكاسب استراتيجية بعد أشهر من الانتقادات للهجوم المضاد الذي يسير “ببطء”.
“كل شيء أمامنا”.. أوكرانيا تكسر خط الدفاع الأول للروس
استطاعت أوكرانيا اختراق الخط الدفاعي الأول لروسيا بالقرب من منطقة زابوريجيا وذلك بعد أسابيع من إزالة الألغام، بينما تتوقع كييف تحقيق “مكاسب أسرع” مع ضغطها على الخط الروسي الثاني الأضعف، حسب مقابلة لصحيفة “الغارديان” البريطانية مع قائد الهجوم الأوكراني الجنوبي المضاد.
وقال الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد الهجوم الأوكراني الجنوبي المضاد، إن كييف استطاعت اختراق الخط الدفاعي الأول لروسيا بالقرب من منطقة زابوريجيا، بعد أسابيع من إزالة الألغام، وتوقع تحقيق “مكاسب أسرع” مع ضغطها على الخط الروسي الثاني الأضعف، حسب مقابلة له مع صحيفة “الغارديان” البريطانية، الأحد.
وقال في أول مقابلة له منذ الاختراق: “نحن الآن بين خطي الدفاع الأول والثاني”، مؤكدا أن القوات الأوكرانية تتقدم الآن على جانبي الثغرة وتعزز قبضتها على الأراضي التي استولت عليها خلال القتال الأخير.
ورأت شبكة “سي أن أن” أن هذا التقدم يعني أن كييف تقترب من اختراق الشبكة المترامية الأطراف لموسكو على طول الجبهة الجنوبية، والتي تتألف من خنادق محصنة.
وقال جنود أوكرانيون إنهم يتوقعون اندلاع معارك للسيطرة على الأراضي في جنوب وشرق قرية نوفوبروكوبيفكا في زابوريجيا، التي قامت كييف بتأمينها الأسبوع الماضي “وسط هجوم مضاد مرهق”.
وقالت الشبكة إن ذلك حقق مكاسب إضافية مع اقتراب القوات من الخط الثاني من الدفاعات الروسية.
وتأتي أنباء التقدم الأخير بعد التقارير التي تفيد بأن حلفاء كييف قلقون من بطء وتيرة الهجوم المضاد. وذكرت “شبكة سي أن أن”، في وقت سابق من هذا الشهر، أن الولايات المتحدة كانت تتلقى “تحديثات مثيرة للقلق” بشكل متزايد.
كان ذلك قبل أن يعلن نائب وزير الدفاع الأوكراني، حنا ماليار، في الأول من سبتمبر الجاري أن القوات الأوكرانية تغلبت على “خط الدفاع الأول” الروسي في بعض المناطق باتجاه زابوريجيا، ومع ذلك، أكد أن الوضع لايزال صعبا بسبب التحصينات الخرسانية الروسية الإضافية وحقول الألغام الكثيفة.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في 2 سبتمبر نقلا عن أفراد عسكريين أوكرانيين أن القوات الروسية تنشر مواد قابلة للاشتعال في الحقول الملغومة وتشعلها بقنابل تطلقها مسيرات، بينما تعمل القوات الأوكرانية على إزالة تلك الألغام.
وذكر معهد دراسات الحرب في 15 أغسطس الماضي أن ضباطا من “جيش الأسلحة المشتركة الـ58” وهو وحدة أساسية في خط المواجهة بمنطقة زابوريجيا تواصلوا مع قائدهم السابق، إيفان بوبوف، مع استمرار تدهور الوضع على خط المواجهة.
وقال المعهد إن هذا التحرك طلبا للمساعدة، بدلا من الاعتماد على قائدهم الجديد، يعكس انعدام الثقة في قيادتهم الحالية.
وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، الجمعة، لـ”سي ان أن” إن كييف “لم تفشل” في هجومها الماضي ولكنها “تمضي قدما”، وشدد على أن “شركاءنا الذين يساعدوننا، بما في ذلك الولايات المتحدة، يدركون أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح… إنها معركة صعبة”.
وصرح الجنرال سيرهي بارانوف، رئيس المديرية العامة للقوات الصاروخية والمدفعية الأوكرانية، لوسائل الإعلام الأوكرانية، الخميس، بأن كييف استفادت من المدفعية بعيدة المدى التي قدمها حلف “الناتو”. وقال إنه في حين يبلغ متوسط مدى المدفعية الروسية 24 كيلومترا، فإن الأسلحة المقدمة إلى أوكرانيا يمكن أن تطلق النار على مسافة تتراوح بين 30 و40 كيلومترا.
وقال بارانوف: “هذا جعل من الممكن تدمير بنادق العدو أو إتلافها، وكذلك نقل مدفعية العدو من خط المواجهة إلى العمق ومنع الحرب المضادة للبطاريات ضد مدفعيتنا”.
ويبدو أن الوحدات الأوكرانية تتموضع على مسافة قصيرة إلى الغرب من قرية فيربوف في الجنوب الشرقي للبلاد، حيث أفاد مدونون عسكريون روس بنشاط متزايد لكنهم قالوا إن القوات الروسية تقاوم حتى الآن تقدم كييف.
وقال معهد دراسات الحرب، في آخر تحديث له، إن قائد مركز استخبارات قوات الدفاع الإستونية، مارغو غروسبيرغ، ذكر في الأول من سبتمبر أن قدرات المدفعية الأوكرانية “مساوية أو حتى أفضل” من قدرات القوات الروسية، وتمكنت من دفع وحدات المدفعية الروسية إلى الخلف من خط المواجهة، ما منعها من دعم القوات الروسية.
لكن المعهد قال إن هذه الملاحظة “ليست صحيحة بشكل عام عبر خط المواجهة”، حيث تشير التقارير بانتظام إلى أن الوحدات الأوكرانية تتعرض لقصف مدفعي روسي كثيف.
وذكر غروسبيرج أيضا أن القوات الأوكرانية نجحت في إلحاق أضرار جسيمة برادارات المدفعية الروسية منذ يوليو.
وقد أعربت مصادر روسية مرارا وتكرارا عن مخاوفها منذ منتصف يوليو بشأن الافتقار إلى النيران المضادة للمدفعية، خاصة في جنوب أوكرانيا.
ودفعت كييف بوحداتها ناحية بلدة توكماك الاستراتيجية، في الأسابيع الأخيرة، وهي مركز لوجستي للقوات الروسية يمر عبره خط سكة حديد ينقل الإمدادات، وفق “سي أن أن”.
وتصاعد القتال نحو الضواحي الشمالية لنوفوبروكوبيفكا، وهي بلدة ريفية صغيرة تبعد حوالي 4 كيلومترات جنوب روبوتاين، وعلى مقربة من خط التحصينات الروسية في زابوريجيا، وفقا للواء 46 الذي يقاتل في المنطقة.
وقالت قناة اللواء على تليغرام “إن تجاوز المرتفعات من الشمال الشرقي مكن من الضغط على الجهة اليمنى للعدو والوصول إلى خط دفاعه الأول الواقع على المرتفعات جنوبا”.
وأضافت: “(الروس) يشنون هجمات مضادة باستمرار ويدافعون بقوة. نحن نتحرك ونضغط على المحتلين، لكن شهرا من القتال أظهر أن العدو لن يتخلى عن الأراضي التي استولى عليها. هناك الكثير من العمل أمامنا”.