ومنذ هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، ثم رد إسرائيل بشن حرب على قطاع غزة، اتخذت الصين موقفا رافضا للحرب، وناقدا لاستهداف المدنيين الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة في تقرير لها نشرته السبت، إن هذا الموقف تسبب في ضرر كبير في العلاقات بين الجانبين، واتهمت تل أبيب بكين بأنها تدعم حركة حماس، وليس فقط المدنيين الفلسطينيين.
واستشهدت بعدة مواقف لبكين، منها أنها سلطت الضوء على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلدهم، ولم تقدم على إدانة حماس، بل منعت مع روسيا قرارا في مجلس الأمن الدولي بإدانة الحركة، وفي نوفمبر قادت، بصفتها الرئيس الدولي للمجلس، مناقشات طارئة تهدف لإدانة إسرائيل.
كما شعر الدبلوماسيون الإسرائيليون بالإحباط لأن السلطات الصينية “تسترت” على حادثة طعن شريك القنصل الإسرائيلي على يد رجل في بكين يُعتقد أنه متطرف، وفق التقرير الصحفي.
ونقلت “يديعوت أحرنوت” الاندهاش الإسرائيلي من أن بكين لم تبدِ إدانة لحماس حتى مع مقتل 4 صينيين في عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حماس، بل بعدها وصف وزير الخارجية، وانغ ويي، خلال ترؤسه مناقشة في مجلس الأمن أواخر نوفمبر، تصرفات الجيش الإسرائيلي بأنها “عقاب جماعي” ونقل المدنيين الفلسطينيين داخل غزة بأنه “تهجير قسري”.
إضافة لذلك، اتهمت الصحيفة بكين بأنها ترعى ما اعتبرتها دعاية مناهضة لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على الرأي العام العالمي.
وقف بيع الأسلحة لإسرائيل
وفي تقرير سابق لذات الصحيفة قالت إن الصين تمتنع منذ 7 أكتوبر عن إمداد إسرائيل بمكونات تستخدم في مصانع التكنولوجيا الفائقة.
ووصفت الأمر بأنه أشبه بعقوبات؛ حيث كانت تلك المكونات تدخل أيضا في الصناعات العسكرية.
ولم تعلن الصين أنها تفرض على إسرائيل عقوبات تجارية، ولم ترد على التقارير التي أفادت بذلك.
أبرز مواقف الصين منذ 7 أكتوبر
- في 13 أكتوبر، قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن سبب الصراع بين إسرائيل وحماس هو “الظلم التاريخي” الذي يتعرض له الفلسطينيون والتأخير الطويل في تحقيق تطلعاتهم بإقامة دولة مستقلة، وذلك خلال لقائه مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في بكين.
- أفشلت بكين بالتعاون مع موسكو في 25 أكتوبر، باستخدامها حق النقض “الفيتو” مشروع قرار أميركيا في مجلس الأمن يدين حماس.
- لوضع حد للحرب، أبدت الصين استعدادها للوساطة بين إسرائيل وحماس، واجتمع مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، بعدة أطراف خلال أكتوبر.
- ترأس وزير الخارجية جلسة مجلس الأمن حول غزة، في 29 نوفمبر، وخلالها طالب بتحويل الهدنة المؤقتة لوقف دائم لإطلاق النار، مؤكدا رفض بلاده التهجير القسري لسكان غزة.
أزمة تايوان في حرب غزة
يربط الخبير في الشأن الصيني، مازن حسن، بين الموقف الصيني الرافض للحرب الإسرائيلية، المدعومة أميركيا، على غزة، وبين صراعاتها مع واشنطن بشأن النفوذ العالمي، خاصة في الملفات الآتية، حسبما يوضح لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- غضب بكين من تدخل واشنطن في تايوان، في إشارة إلى أن وقوف الصين بجانب الفلسطينيين ضد إسرائيل هو رد على وقوف واشنطن بجانب التايوانيين ضد الصين.
- بكين تريد كذلك وضع قدم لها في الشرق الأوسط من خلال القضية الأولى في المنطقة، وهي فلسطين.
- تحاول الصين نقل معاركها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة من أراضيها إلى مكان آخر، كالشرق الأوسط، فهي كانت من قبل تتبع سياسة النأي بالنفس عن أزمات لا علاقة لها بها، لكنها شعرت أنها بذلك تركت مساحة كبيرة لتدخل أميركي في هذه الأزمات، وليس لديها هي مساحة ترد فيها على ما يحدث في تايوان أو غيرها.
- ظهر هذا أيضا في الوساطة الصينية بين السعودية وإيران، والتي انتهت بالاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلد بعد سنوات طويلة من القطيعة.
هذه التجاذبات بين قوتين كبيرتين، الصين والولايات المتحدة “أعطت لفلسطين ميزة كبيرة في أن تكسب دعم بكين وأيضا موسكو، حتى أنهما تتدخلان لتعطيل أي مشروع قرار في مجلس الأمن ليس لصالحها” بحسب تقدير حسن.
دور أكبر قادم
يتفق الخبير في الشأن الدولي، جاسر مطر، في أن موقف الصين من حرب غزة، يتماشى مع سعيها لتكون “قطبا عالميا جديدا”، وإداركها بأن هذا يرتبط بوجودها في الشرق الأوسط، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويتوقع مطر أن الصين “ستلعب دورا أكبر في المستقبل في القضية الفلسطينية، حتى لو اقتصر حاليا على دعم العرب في مجلس الامن”.