أطلقت أذربيجان، الثلاثاء، ما وصفتها بأنها “عمليات لمكافحة الإرهاب” تستهدف القوات الأرمنية في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، وذلك عقب توترات خلال الأشهر الأخيرة بين الجانبين.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية، في بيان: “بدأت عمليات لمكافحة الإرهاب في المنطقة”، مضيفة أنها تستخدم “أسلحة عالية الدقة عند الخطوط الأمامية وفي العمق” في إطار هذه العمليات.
ونقلت وكالة “فرانس برس”، أن هناك دوي انفجارات في عاصمة المنطقة ستيباناكرت.
وقالت أذربيجان إنها “أبلغت روسيا وتركيا بعمليتها”، متذرعة “بمقتل 4 من شرطيين ومدنيين بانفجار لغمَين في ناغورني قره باغ” لإطلاقها. واتّهمت الانفصاليين الأرمن بالمسؤولية عن هذه الأعمال التي وصفتها بـ”الإرهابية”.
بالتزامن مع مفاوضات.. مقتل 4 جنود أرمينيين في “ناغورني قرة باغ”
قتل أربعة جنود أرمينيين، الأربعاء، في إقليم “ناغورني قره باغ”، بنيران القوات الأذربيجانية كما أعلنت سلطات المنطقة الانفصالية المتنازع عليها منذ عقود بين الطرفين، فيما تجري الدولتان محادثات سلام بوساطة أميركية.
وجاءت التوترات الأخيرة في ظل اتهام أرمينيا لأذربيجان بعرقلة حركة المرور في ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيد الذي يربط أرمينيا بالإقليم الانفصالي الذي تسكنه غالبية من الأرمن.
اتهامات متبادلة
وكانت وكالة “تاس” الروسية، قد ذكرت، الأحد، أن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، قال إن “بلاده وأذربيجان بإمكانهما التوصل إلى اتفاق سلام بحلول نهاية العام”، وأن يريفان “تبذل قصارى جهدها” لتحقيق ذلك.
ونقلت الوكالة الروسية عن، باشينيان، قوله إنه “من غير المرجح توقيع أي وثائق خلال لقائه مع رئيس أذربيجان، إلهام علييف، في أكتوبر”.
وأعربت أذربيجان، بوقت سابق هذا الشهر، عن استعدادها للسماح للصليب الأحمر بإدخال مساعدات إنسانية إلى منطقة ناغورني قره باغ “بشكل منتظم”، متّهمة انفصاليين أرمن بعرقلتها.
وأعلن وزير الخارجية الأذربيجاني، جيحون بيراموف، “التزام حكومته واستعدادها لتوفير سبيل لوصول مساعدات”.
أرمينيا تبينت الخطأ.. هل يفلت أحد أقدم حلفاء روسيا من قبضة الكرملين؟
أثار وصول جنود أميركيين للمشاركة في تدريبات لقوات حفظ السلام في أرمينيا غضب الحكومة الروسية التي كانت على مدى عقود كضامن أمني وحيد للجمهورية السوفيتية السابقة.
وقال لصحفيين في جنيف، إنه التقى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المدينة السويسرية، و”أكد مجددا التزام بلاده بالتعاون”.
واندلع القتال عام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان، من أجل فرض السيطرة على الإقليم، مما أسفر عن مقتل 6500 شخص. وانتهى القتال بهدنة بوساطة روسية.
تراجع نفوذ الكرملين؟
وتعتبر أرمينيا حليفا لروسيا منذ بدء هذا الصراع، في وقت تجد فيه أذربيجان دعما قويا من تركيا.
لكن مؤخرا توترت العلاقات بين روسيا وأرمينيا، بعدما وصل جنود أميركيون للمشاركة في تدريبات لقوات حفظ السلام في أرمينيا.
وبحسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الأميركية، فقد دفعت هذه الخطوة الحكومة الروسية إلى اعتبارها أحدث إجراء “غير ودي” من حليفها التقليدي.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف: “من الواضح أن إجراء هذه التدريبات لا يسمح باستقرار الوضع في المنطقة، ولا يعزز مناخ ثقة متبادلة”.
وأرجعت “سي إن إن” مساعي أرمينيا للتقرب من شركاء دوليين جدد إلى “إحباطها من روسيا”، التي لم تدافع عنها ضد ما اعتبرته “عدوانا” من أذربيجان المجاورة.
اتفاق ناغورنو قره باغ.. الرابح والخاسر والوضع في الميدان
بعد نحو ست أسابيع من المعارك في ناغورني قره باغ، وقع الجانبان اتفاقا لإنهاء النزاع، والذي كان برعاية روسيا.
وقال الرئيس الأرميني، نيكول باشينيان، إن بلاده “بدأت تتذوق مرارة الخطأ الاستراتيجي” للثقة في روسيا، وقدرتها على الدفاع على أراضيها.
وأضاف في تصريحات سابقة لصحيفة “لاروبيبليكا” الإيطالية: “لكننا نرى اليوم أن روسيا نفسها بحاجة إلى أسلحة.. وحتى لو رغب الاتحاد الروسي في ذلك، فإنه لا يستطيع تلبية احتياجات أرمينيا”.
تاريخ الصراع
انفصل الإقليم عن باكو بعد حرب أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي، وهو معترف به دوليا كجزء من أذربيجان، لكن غالبية سكانه البالغ عددهم 120 ألف نسمة، من الأرمن.
تعود جذور الخلاف إلى 1921، عندما ألحقت السلطات السوفيتية هذا الإقليم بأذربيجان.
لكن في عام 1991، أعلن الإقليم استقلالا من جانب واحد بدعم أرمينيا، مما تسبب حينها بحرب راح ضحيتها 30 ألف قتيل، وتوقفت بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في 1994. يبعد الإقليم عن العاصمة الأذرية 170 ميلا، وهو قريب جدا من الحدود مع أرمينيا.
هذا النزاع شأنه شأن أغلب النزاعات التي تدور في العالم، حيث التدخلات الأجنبية لها دور كبير في تغذية وتأجيج الصراع، إذ تدعم روسيا أرمينيا، فيما تدعم تركيا أذربيجان.
ويسعى الاتحاد الأوروبي الذي تقع هذه الأحداث بالقرب منه، إلى التهدئة ووقف المواجهة العسكرية.