أثار تقرير نشرته شبكة “ناشيونال جيوغرافيك” الأميركية مخاوف من تكرار كارثة مدينة درنة الليبية في العراق حيث يوجد “أخطر سد” في العالم.
وناقش التقرير التداعيات التي يمكن أن يخلفها انهيار سد الموصل في شمالي العراق سواء من ناحية الخسائر البشرية وكذلك تلك المتعلقة بالمواقع الأثرية التي تنتشر على جانبي نهر دجلة، حيث يقع السد.
ويعد سد الموصل أكبر خزانات العراق المائية، لكنه مبني على أساسات من الجص ويتطلب حقنا منتظما للإسمنت لملء التشققات في هيكله.
وفي 2016 حذرت السفارة الأميركية في بغداد مواطنيها وطلبت منهم الاستعداد لمغادرة البلاد في حال وقوع ما وصفته بالكارثة إذا انهار السد.
وجاء التحذير بعد عامين من سيطرة تنظيم داعش على الموصل وأجزاء أخرى من العراق مما عرقل إجراء عمليات الصيانة على السد.
وفي السنوات التي تلت هذا التحذير، ساعدت الحكومة الإيطالية في إصلاح سد الموصل، وتواصل تقديم المساعدة للحكومة العراقية للحفاظ على بنية السد.
ومع ذلك تقول الشبكة إن الكثير من الخبراء يعتقدون أن التهديد بانهياره لا يزال قائما.
وتنقل الشبكة عن خبراء أن انهيار السد يمكن أن يؤدي إلى موت مليون ونصف المليون شخص ممن يعيشون على ضفاف نهر دجلة في حال لم يتم إخلاء مسار الفيضان في الوقت المناسب في غضون ثلاث أو أربع ساعات.
كما لفت الخبراء إلى أن المياه ستغمر مدينة الموصل، أكبر مدن شمال العراق، بارتفاع 21 مترا خلال ساعات من انهياره، وكذلك تندفع موجة مد داخلية لمسافة 280 كيلومترا باتجاه الجنوب على طول نهر دجلة.
يرى التقرير أن احتمال حدوث كارثة إنسانية ضخمة واضح تماما، لكن الانهيار يمكن أن يمحو أيضا آلاف المواقع الأثرية والثقافية على طول نهر دجلة.
كذلك تشمل هذه المواقع نمرود ونينوى، العاصمة الآشورية القديمة التي كانت ذات يوم أكبر مدينة في العالم وأولى الإمبراطوريات الحقيقية التي ظهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد.
كل هذه المواقع، بالإضافة إلى متحف الموصل وعدد لا يحصى من المواقع الدينية، التي تعرضت جميعها للتخريب على يد تنظيم داعش في 2014.
ويقول التقرير إن الباحثين يكافحون من أجل تقدير حجم الخسائر التي يمكن أن يتسبب بها الانهيار المحتمل للسد.
ويرى أستاذ علم الآثار في جامعة بوسطن مايكل دانتي أن “من الصعب التوصل إلى تقديرات أخرى غير أن آلاف المواقع الأثرية والمواقع التراثية سوف تُمحى”، مضيفا: “ستكون خسارة غير مسبوقة”.
ومنذ اكتمال بناء السد في 1984 سعت الحكومة العراقية إلى تدعيم أساسه بضخ مادة إسمنت خاصة في الفجوات التي تظهر تحت البناء.
ويبلغ ارتفاع السد، الذي وصفه سلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي في عام 2006 بـ”أخطر سد في العالم”، 113 مترا وعرضه ثلاثة كيلومترات.
ولم يتسن لموقع “الحرة” الحصول على تعليق رسمي من وزراة الموارد المائية العراقية للتعليق على ما ورد في التقرير.
وفي الشهر الماضي، أكد وزير الموارد المائية العراقية عون ذياب أن حالة سد الموصل مطمئنة ومستقرة.
وقال ذياب في لقاء متلفز إن “هناك قلقا سابقا حول سد الموصل، لكن هذا القلق زال والسد في أفضل حالاته وسيتم تطويره أكثر”.
كذلك أفادت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في وقت سابق الشهر الماضي أن سد الموصل “آمن”.
وقال معاون مدير مشاريع المنظمة هاري بيتشكروفت لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إنه “تم استدعاء مجلس خبراء عالمي إلى سد الموصل لغرض التقييم، وكانت النتائج مطمئنة جدا”.
وأضاف بيتشكروفت أن المجلس “أوصى في آخر زيارة له برفع المنسوب إلى 325 مترا فوق مستوى سطح البحر، وهذا يعني أن السد آمن وبالإمكان رفع منسوب المياه فيه من دون أي مشاكل”.
وتتزامن التحذيرات بشأن سد الموصل مع الكارثة الإنسانية التي شهدتها مدينة درنة الليبية حيث تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن عاصفة البحر الأبيض المتوسط “دانيال” في حدوث فيضانات وسيول مميتة مطلع الأسبوع الماضي.
وغمرت الفيضانات سدين، مما أدى إلى تدفق المياه بارتفاع عدة أمتار عبر وسط درنة، تسبب في تدمير أحياء بأكملها وجرف الناس إلى البحر ومقتل الآلاف.