قالت صحيفة واشنطن بوست إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بات “خارج المنافسة” بعد وفاة المعارضة البارز، أليكسي نافالني، وبعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الأوكرانية.
وأثارت وفاة نافالني موجة تنديد في الدول الغربية التي حملت روسيا المسؤولية، فيما لزم الكرملين الصمت حيال هذا الحدث.
ورغم القمع الصارم والتحذيرات، شارك مئات الروس في تجمعات صغيرة في عدة مدن تكريما لنافالني، أشد معارضي الكرملين والذي أعلنت وفاته عن 47 عاما في معتقل في منطقة القطب الشمالي الروسية.
وأوقفت السلطات الروسية أكثر من 400 شخص، الجمعة والسبت، خلال تجمعات جرت في 36 مدينة، ولاسيما سانت بطرسبرغ وموسكو، بحسب منظمة “أو في دي إنفو” غير الحكومية لحقوق الإنسان.
وجاء في تحليل لصحيفة واشنطن بوست أنه “عندما أعلنت السلطات وفاة نافالني، أقوى المعارضين السياسيين لبوتين، بدا أن الرئيس الروسي يفيض بالبهجة. وفي كلمة أمام مجموعة من العمال والطلاب في مصنع للآلات في مدينة تشيليابينسك الصناعية الروسية، الجمعة، لم يشر بوتين المبتسم إلى وفاة نافالني، لكنه أعلن أنه راض عن التقدم التكنولوجي في البلاد” وقال “إلى الأمام! إلى حدود جديدة!”
وتقول واشنطن بوست إنه “مع وفاة نافالني والصعوبات التي تواجهها أوكرانيا في ساحات المعارك، يبدو أن الكثير يسير في صالح بوتين قبل شهر من الانتخابات الرئاسية التي من المؤكد أنه سيفوز بها.
وقال أندريه كولسنيكوف، وهو باحث كبير في مركز كارنيغي إن بوتين الآن “خارج أي منافسة”.
ولا تزيل وفاة نافالني شوكة سياسية كبرى فحسب، وإن كانت بعيدة، فهي أيضا بمثابة تحذير لمعارضي بوتين المحتملين.
وفي الصيف الماضي، كان الإسقاط السريع والواضح للطائرة التي كانت تقل يفغيني بريغوجين، قائد “فاغنر” الذي قاد تمردا ضد القيادة العسكرية الروسية، بمثابة إشارة مخيفة إلى أي معارض لمسار الكرملين الحالي.
وهذا الشهر، سارعت سلطات الانتخابات الروسية إلى منع المرشح الليبرالي المناهض للحرب، بوريس ناديجدين، من المشاركة في الاقتراع الرئاسي، بدعوى وجود مخالفات في التوقيعات المطلوبة للترشح.
ولم يكن أمام ناديجدين أي فرصة للفوز، ولكن الكرملين لن يتسامح حتى مع أدنى إظهار للمعارضة.
وقال كولسنيكوف: “يظل بوتين الآن وحيدا. إنه الملك الوحيد. ولا يمكن لأحد أن يمنعه من الانتصار”.
ولكن البعض يحذر من أن بوتين يواجه تحديات، وأشاروا إلى مكانة نافالني بين بعض أعضاء النخبة الروسية، كما ان بوتين يواجه خطر قيام الغرب بالتعامل بشكل أكثر صرامة مع نظامه وربما حتى زيادة مساعداته لأوكرانيا.
وتجهت السفيرة الأميركية في روسيا، لين تريسي، الأحد، إلى مزار أقيم للمعارض الروسي في موسكو بعدما قمعت السلطات بشدة أي تجمع من هذا النوع منذ إعلان وفاة المعارض الأكبر للكرملين في سجنه الجمعة.
وكتبت السفارة في حسابها على تلغرام: “اليوم عند نصب سولوفيتسكي، نبكي وفاة أليكسي نافالني وضحايا آخرين للقمع السياسي في روسيا”.
وقالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة “آر- بوليتيك”، وهي شركة استشارات سياسية روسية مقرها فرنسا، إن بوتين سيواصل قمع فلول المعارضة الروسية، بدافع من المخاوف من أن الغرب قد يستغل وفاة المعارض البارز.
وأضافت: “في نظر بوتين، يظل خطر التدخل الغربي خطيرا للغاية”.
لكن بالنسبة للمعارضة الروسية المحاصرة، لم يتبق لبوتين الكثير ليفعله لشل حركتها بالكامل، ففي يناير، دعا نافالني إلى احتجاج على مستوى البلاد في يوم الانتخابات الرئاسية، وإلى تجمع الناخبين في صناديق الاقتراع عند الظهر كدليل على المعارضة ضد بوتين، لكن محللين وسياسيين معارضين قالوا إنه ليس من الواضح عدد الأشخاص الذين استجابوا للدعوة نظرا للمخاوف بشأن تكتيكات بوتين القمعية المتزايدة.
ومع ذلك، قالوا إن وفاة نافالني قد تكون علامة على أن الكرملين لا يريد ترك أي شيء للصدفة. و
أضاف كولسنيكوف أن السلطات في موسكو “حساسة للغاية الآن تجاه أي تفاصيل”.
وخرج الآلاف إلى شوارع موسكو احتجاجا على اعتقال نافالني عند عودته إلى روسيا في يناير 2021 في مشاهد شبهها بعض المراقبين باحتجاجات أغسطس 2020 في مينسك والتي هددت بالإطاحة بالرئيس البيلاروسي.
لكن جينادي جودكوف، وهو سياسي معارض روسي كبير يعيش الآن في المنفى في باريس، قال إن المتظاهرين في موسكو اليوم سيواجهون “حشدا هائلا من المسلحين”.
وقال جودكوف: “لا يمكن للاحتجاجات في الشوارع أن تنجح إلا إذا خرج الملايين… ولكن لأن الناس غير منظمين وليس لديهم أي موارد أو صحف أو قادة سياسيين أو أحزاب أو نقابات، فلا يوجد شيء”.