نشرت مجلة “بيزنس إنسايدر” تقريرا يشير إلى علامات لاستعداد الصين لتنفيذ عمل عسكري ضد تايوان في غضون بضع سنوات فقط، مشيرة إلى دلائل وعلامات تحذيرية على ذلك، لاسيما في ظل التوترات بين البلدين التي وصلت إلى “نقطة الغليان”.
وذكر التقرير أنه في حين أن الغزو الصيني لتايوان سيكون عملية معقدة وخطيرة بشكل لا يصدق، فإن خبراء يدقون ناقوس الخطر بشأن الاستعدادات التي تقوم بها الصين، والتي يكاد يكون من المؤكد ارتباطها بالاستيلاء على الجزيرة، وهي تعزيز القوات البحرية الصينية، ومخزونات الطاقة والغذاء، والتدريبات العسكرية واسعة النطاق قبالة سواحلها مباشرة.
ويقول خبراء إن الصين قد تكون مستعدة لمواجهة بشأن الجزيرة، بحسب التقرير الذي ذكر أن الصين تنخرط في تحديث سريع لقواتها المسلحة على مدى العقدين الماضيين. وأوضحت أن البحرية الصينية، على سبيل المثال، تجاوزت حجم الأسطول الأميركي، كما أن قدرتها على بناء السفن هي الأكبر على مستوى العالم.
وهذا التقدم ذكرت المجلة أنه أثار قلق المسؤولين العسكريين الأميركيين وفتح خيارات أمام الزعيم الصيني، شي جين بينغ، بشأن كيفية إعادة توحيد تايوان، الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة والتي تعتبرها بكين منشقة.
لكن خرجت تقارير لوزارة الدفاع التايوانية والأميركية وكذلك الصينية تقول إن السفن والطائرات الصينية التي تحاول غزو الجزيرة أو حصارها لإجبارها على الاستسلام ستكون معرضة بشدة لترسانة تايوان من الأسلحة المتقدمة مثل الطائرات المقاتلة من طراز F-16 وبطاريات صواريخ باتريوت وصواريخ هاربون المضادة للسفن.
ولذلك تساءلت المجلة عما إذا كانت الصين قد قامت ببناء قوة غزو قادرة على تحمل الأضرار الناجمة عن هذه الأسلحة في ما يمكن أن يكون أول غزو برمائي منذ سبعة عقود.
ورأى محللون علامات على أن الصين تقوم بمحاصرة الشحن المدني اللازم لتلبية الاحتياجات المادية الثقيلة لأسطول الغزو البرمائي، بحسب المجلة.
ووفقا للمجلة، كتب قائد غواصة سابق بالبحرية الأميركية والزميل الكبير المساعد في مركز أبحاث الأمن الأميركي الجديد، توماس شوغارت، لمجلة War on the Rocks في أغسطس 2021 أن “القادة الصينيين بدأوا بالفعل في تنظيم الشحن المدني في وحدات مساعدة تابعة للقوات الجوية الأميركية” مع تسليط الضوء على أمثلة على العبارات الكبيرة المتدحرجة المستخدمة في التدريبات الهجومية البرمائية، وهو ما أكدته وسائل الإعلام الصينية في وقت لاحق، وأضافت أن السفن المدنية كانت تحمل كلاً من وحدات مشاة البحرية والقوات البرية.
وأوضحت أنه في حين أن هذه العبارات ليست بالضرورة مصممة لإنزال القوات الهجومية، كما أشار شوغارت، إلا أنها مصممة لنقل عدد كبير من الأشخاص، وتحميل القوات البرية بسرعة ومن دون سابق إنذار، وإنزال قواتهم، والعودة لنقل المزيد.
ونقلت المجلة عن أحد الخبراء قوله “تظهر الأدلة أن هذه الأساطيل كلها جاهزة للتعبئة، في أي لحظة. وتمتلك الصين أكبر الموانئ في العالم وهي مليئة بهذه السفن، لذا فإن تجميعها معًا في أساطيل للقيام بهذا الهجوم سيكون سريعًا جدًا، وفي غضون أيام”.
الرئيس الصيني
وبالنسبة للرئيس الصيني، أشارت المجلة إلى أنه مضى عام ونصف العام على فترة ولايته الثالثة كزعيم للصين، وتشير العديد من تحركاته الأخيرة إلى أن الصين تستعد للحرب. ونجح شي في تعزيز سيطرته على هونغ كونغ في عام 2020، وربما يضع نصب عينيه جائزة أكبر.
وذكرت “بيزنس إنسايدر” أنه في مارس الماضي، استخدمت الصين عبارة “إعادة التوحيد السلمي” عند الإشارة إلى تايوان، وأعلنت عن زيادة بنسبة 7.2% في الإنفاق الدفاعي. ويشير مخزون القوة الصاروخية الصينية أيضاً إلى أنها ستمتلك ما يكفي من الصواريخ والقذائف لاستهداف تايوان.
وأوضحت المجلة أنه تم تخزين الأمن الغذائي والطاقة، مثل احتياطيات النفط، لسنوات عديدة. وتشير القوانين الجديدة المتعلقة بالتعبئة المدنية والاعتماد على الذات اقتصاديا إلى أن شي يقوم بإعداد شعبه والاقتصاد الصيني لاحتمال الحرب.
ووفقا للمجلة، يجري الآن نشر القوات العسكرية على مقربة من تايوان أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي يؤدي فعلياً إلى اختصار زمن رد الفعل لدى تايوان.
في وقت سابق من أبريل الجاري، كتب مايك ستوديمان، القائد السابق لمكتب الاستخبارات البحرية ومدير الاستخبارات في القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، في كتابه “الحرب على الصخور”: “لا يوجد عد تنازلي واضح ليوم الإنزال لبدء الحصار أو الغزو، لكن المؤشرات الاستراتيجية الرئيسية تظهر بوضوح أن شي جين بينغ لا يزال يجهز بلاده لهذه المواجهة، وتشير التطورات الجارية إلى أن تايوان ستواجه أزمة وجودية في سنوات لا تتجاوز العشرة أعوام، على الأرجح في النصف الأخير من عشرينيات القرن الحالي أو النصف الأول من العقد المقبل.”
ووفقا للمجلة، يقدر بعض الخبراء أن الصين ستميل إلى عنصر المفاجأة، وهو جانب أساسي في عقيدتها العسكرية. وأحد المخاوف المشتركة التي أبرزتها المجلة هو أنه مع تزايد وتيرة وحجم التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان، أصبح الخط الفاصل بين التدريبات والهجوم المحتمل غير واضح.
وأشارت المجلة أنه لطالما ناقش الخبراء، فضلا عن المشرعين والمسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة وتايوان، مدى جاهزية جيش التحرير الشعبي الصيني، وهو الاسم الذي يطلق على الجيش الصيني. وأوضح أحد الخبراء أن خطة تحديث جيش التحرير الشعبي لا تزال تسير على الطريق الصحيح، وتهدف إلى أن يصبح الجيش قوة قتالية محدثة بالكامل بحلول عام 2027.
التدخل الأميركي
وفيما يتعلق بتدخل الولايات المتحدة في الدفاع عن تايوان ضد الصين، ترى المجلة أنه أمر غير معروف إلى حد كبير. وأفاد تحليل لألعاب الحرب أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية اعتبارًا من يناير 2023 أنه في معظم الجولات الـ 24، هزمت الولايات المتحدة وتايوان واليابان غزوًا برمائيًا تقليديًا من قبل الصين، لكنها تكبدت خسائر فادحة.
ووافق مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء، على أربعة مشروعات قوانين أقرها مجلس النواب، السبت، تتضمن حزمة حجمها 95 مليار دولار معظمها مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وشركاء الولايات المتحدة بالمحيطين الهندي والهادي.
وستذهب حوالي 8 مليارات دولار من أموال الحزمة لمساعدة حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ومواجهة الصين.
وسيتم تخصيص أكثر من 3.3 مليار دولار للبنية التحتية للغواصات وتطويرها، بالإضافة إلى 1.9 مليار دولار إضافية لتجديد الأسلحة الأميركية المقدمة لتايوان والحلفاء الإقليميين الآخرين.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن أمله في إحراز تقدم خلال بدء محادثات، الجمعة، مع نظيره الصيني الذي حذر من تزايد الخلافات بين القوتين.
وقال بلينكن في افتتاح الاجتماع مع، وانغ يي، إنه سيكون “واضحا جدا ومباشرا جدا”، لكنه أضاف “آمل في أن نحرز بعض التقدم في القضايا التي اتفق عليها رئيسانا”. من جهته قال وانغ يي خلال هذه المحادثات التي تجرى في بكين إن “عوامل سلبية تتراكم” بين واشنطن وبكين.
وحذر وزير الخارجية الصيني، وانغ وي يحذر من “عوامل سلبية تتراكم” بين واشنطن وبكين.
ودعا وزير الخارجية بلينكن الخميس الولايات المتحدة والصين إلى معالجة الخلافات بينهما بـ”مسؤولية”، خلال ثاني زيارة له إلى هذا البلد في أقل من سنة.
وصرح بلينكن من شنغهاي “واجبنا تجاه شعبنا، وحتى تجاه العالم، يقضي بإدارة العلاقات بين بلدينا بمسؤولية”.
والتقى الوزير الأميركي مع الرئيس الصيني، وقال في تغريدة: “التقيت اليوم برئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ في بكين. أجرينا محادثة موضوعية حول القضايا الإقليمية والعالمية والعلاقات الشعبية بين بلدينا. ستواصل الولايات المتحدة الدفاع عن مصالحنا وقيمنا، حتى في الوقت الذي نسعى فيه إلى تعميق التعاون من أجل خدمة الناس في بلدينا”.
I met with People’s Republic of China President Xi Jinping today in Beijing. We had a substantive conversation on regional and global issues and people-to-people ties between our nations. The U.S. will continue to defend our interests and values, even as we seek to deepen… pic.twitter.com/ttj0pYKyye
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) April 26, 2024
وستكون تايوان في صلب المحادثات، لا سيما بعدما أعطى الكونغرس الأميركي، الثلاثاء الضوء الأخضر، لحزمة المساعدات العسكرية.
وينقل بلينكن مخاوف الولايات المتحدة حيال الممارسات التجارية الصينية التي تعتبرها واشنطن مناهضة للمنافسة، وهي مسألة أساسية للرئيس بايدن في هذا العام الانتخابي.
وتشمل مهمة بلينكن في الصين تهدئة التوتر بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم، بعدما تراجع بشكل واضح منذ زيارته السابقة، في يونيو.
واجتمع أنتوني بلينكن خلال المحطة الأولى من جولته الصينية في شنغهاي بالمسؤول المحلي في الحزب الشيوعي الصيني، مؤكدا له أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، ملتزم إقامة حوار “مباشر ومستدام” بين البلدين.
وقال “أعتقد أنه من المهم التأكيد على قيمة.. في الواقع ضرورة.. التحاور المباشر والتحدث مع بعضنا البعض وتوضيح خلافاتنا، التي هي حقيقية، والسعي لتخطيها”.
وشدد سكرتير الحزب الشيوعي، تشن جينينغ من جهته على الدور المهم للشركات الأميركية في الاقتصاد المحلي، قائلا “سواء اخترنا التعاون أو المواجهة، فإن خيارنا سيؤثر على رفاه الشعبين والبلدين ومستقبل البشرية”.
واجتمع بلينكن بعد ذلك بطلاب من جامعة نيويورك في شنغهاي أعرب لهم عن رغبته في رؤية المزيد من الأميركيين يدرسون في الصين، مشيرا إلى أن الجامعات الأميركية مستعدة لاستقبال طلاب صينيين.
وكانت بكين نددت مرارا بعمليات الاستجواب المشددة التي يتعرض لها بعض مواطنيها، بمن فيهم طلاب، عند وصولهم إلى الأراضي الأميركية، بالرغم من حيازتهم كل المستندات اللازمة.
وصرح بلينكن أن “الرئيس بايدن والرئيس شي جينبينغ عازمان على توطيد علاقاتنا من شعب إلى شعب”.
وقبل السفر إلى بكين، التقى الوزير الأميركي مدراء شركات أميركية أكد لهم أن البلدين بحاجة إلى “علاقة اقتصادية تعمل كما يجب بما يخدم مصلحة الطرفين”.