وحدات أوكرانية تتحصن في مصنع في أفدييفكا.. وبايدن ينتقد “تقاعس” الكونغرس

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

انسحبت القوات الأوكرانية من مدينة أفدييفكا الشرقية التي تدهور الوضع فيها إلى حد كبير خلال الأيام الأخيرة، حسبما أعلن قائد الجيش الأوكراني الجديد، أولكسندر سيرسكي.

ووجدت أوكرانيا نفسها مضطرة إلى التخلي عن هذه المدينة التي أصبحت مدمرة إلى حد كبير، في مواجهة نقص متزايد في الموارد، وتعطل المساعدات العسكرية الأميركية، في حين عززت روسيا قواتها بالمزيد من العناصر والذخيرة، قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير.

وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي، السبت، سيرسكي، أن قوات كييف انسحبت من بلدة أفدييفكا في شرق البلاد، الأمر الذي يمهد الطريق لأكبر تقدم روسي منذ مايو 2023، عندما استولت موسكو على مدينة باخموت.

وقال سيرسكي، الذي تولى منصبه بعد تغيير كبير في قيادة الجيش الأوكراني في الأسبوع الماضي، إن القوات الأوكرانية انسحبت إلى مواقع أكثر أمنا خارج البلدة.

وذكر بيان للقوات المسلحة نقلا عن قائد الجيش “قررت سحب وحداتنا من البلدة والتحرك للدفاع عن خطوط أكثر ملاءمة لتجنب الحصار والحفاظ على حياة وصحة الجنود”.

سياق خسارة

وقالت كييف، إن الجيش الروسي يكثف هجماته رغم خسائره البشرية الثقيلة منذ أكتوبر، وهو وضع يذكر بمعركة مدينة باخموت التي سيطرت عليها موسكو في مايو 2023 بعد عشرة أشهر من القتال الذي كلفها عشرات آلاف القتلى والجرحى.

وبعد فشل الهجوم المضاد الكبير الذي شنته أوكرانيا في الصيف، صار الروس المبادرين بالهجوم على الجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات في تجديد قواته ويفتقر إلى الذخائر.

وتحملت أفدييفكا وطأة الضغط الهجومي المتزايد من قبل القوات الروسية في الشرق، بينما أدى تراجع المساعدات العسكرية الغربية إلى تفاقم إرهاق القوات التي تقاتل، منذ ما يقرب من عامين.

وتتعرض القوات الأوكرانية لضغوط على طول خط المواجهة، مع صفوفها المنهكة والمستنزفة، إضافة إلى النقص في قذائف المدفعية، الذي تفاقم بسبب توقف حزمة تمويل أميركية ضخمة، وفقا لصحيفة الغارديان.

ووفقا للصحيفة البريطانية، فقد قصف الروس مدينة أفدييفكا لعدة أشهر، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق اختراقات كبيرة إلا في الأسابيع الأخيرة، حيث تمكنت مجموعات صغيرة من القوات المتقدمة من الوصول إلى المدينة نفسها.

الجيش الأوكراني انسحب.. كييف تخسر أفدييفكا

انسحب الجيش الأوكراني من مدينة أفدييفكا الشرقية التي تدهور الوضع فيها إلى حد كبير خلال الأيام الأخيرة، حسبما أعلن قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي.

القيمة الرمزية والاستراتيجية

ولأفدييفكا قيمة رمزية واستراتيجية كبرى بالنسبة للجانبين، فقد سقطت لفترة وجيزة في العام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف، فضلا عن قربها من مدينة دونيتسك معقل أنصار روسيا منذ عشر سنوات.

وتبقى السيطرة على أفدييفكا خطوة أساسية في هدف روسيا المتمثل في تأمين السيطرة الكاملة على الإقليمين اللذين يشكلان منطقة دونباس الصناعية، دونيتسك ولوهانسك، وقد تمنح الرئيس فلاديمير بوتينـ نصرا ميدانيا بينما يسعى لإعادة انتخابه الشهر المقبل.

وتأمل موسكو أن تؤدي السيطرة على المدينة الصناعية  التي اشتهرت في السابق بمصنع فحم الكوك المترامي الأطراف، إلى تأمين دونيتسك من القصف الأوكراني المنتظم، عبر هجمات انطلق بعضها من المدينة، إذ أن من  الاستيلاء عليها  يمنح روسيا السيطرة الكاملة على المنطقة المحيطة بالإقليم.

وقال عمدة أفدييفكا، فيتالي باراباش، إن 923 مدنيا ما زالوا في المدينة، بانخفاض عن عدد السكان قبل الحرب الذي كان يبلغ حوالي 32 ألف نسمة. وأغلبهم من كبار السن الذين رفضوا مغادرة منازلهم، حتى مع اشتداد القتال في الأشهر الأخيرة، ولا توجد إمكانية لإجلائهم، وفقا للغارديان.

وتدور معارك ضارية حول المدينة التي دمرت بشكل شبه كامل منذ أكتوبر. وقال لواء الهجوم الثالث الأوكراني، الذي تم نشره حول أفدييفكا، في بيان الخميس، إن الوضع في المدينة “جحيم”.

وكان الكرملين قد جعل السيطرة على أفدييفكا أولوية في عام لم يكن من المتوقع فيه أن يحقق أي من الجانبين مكاسب استراتيجية كبيرة في ساحة المعركة، بحسب تقرير لوكالة بلومبرغ.

وأرسل سيرسكي، الذي تولى المنصب الأعلى هذا الشهر فقط، تعزيزات إلى أفدييفكا قبل بضعة أيام، غير أن مشكلات الإمدادات تصعب المهمة بالنسبة لكييف التي تحولت الآن إلى الدفاع عن المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعد فشلها في استعادة أراضيها بهجوم مضاد، العام الماضي.

وسبق أن علق ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي، على أهمية المدينة قائلا: “أفديفكا مهمة بالنسبة لهم للسيطرة على الفضاء المحيط بدونيتسك، يمكنهم من بناء ممرات لوجستية لتزويد منطقة كبيرة من الجبهة”.

وأضاف بودولياك، مطلع الشهر الجاري: “الأمر لا يتعلق بالرمزية، بل يتعلق بالأهمية العملياتية لمنطقة معينة”.

وشبه عدد من المحللين، الوضع في أفدييفكا بالقتال العنيف الذي دار أثناء دفاع القوات الأوكرانية عن باخموت العام الماضي، والذي تكبدت خلاله القوات الأوكرانية خسائر فادحة قبل أن تسقط المدينة في أيدي الروس.

في المقابل، يرى مايكل كوفمان، الزميل البارز في مركز أبحاث “كارنيجي إندومنت”، أن أفدييفكا “ليست مثل باخموت، لكنني أشعر بالقلق من أن القيادة الأوكرانية سوف تختار تحميلها أهمية سياسية، لا تحتاجها، كجزء من ميل ملحوظ نحو عدم التنازل عن الأراضي في أي مكان بغض النظر عن التكلفة أو الواقع العسكري”.

للمدينة أهمية استراتيجية كبيرة لقربها من دونيتسك

ماذا يعني سقوط أفدييفكا لمسار الحرب؟

يؤكد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أنه على المدى القصير، يبقى السؤال الأكثر إلحاحا بالنسبة لأوكرانيا هو ما إذا كان جنودها قادرون على الخروج من أفدييفكا أحياء.

ويقول اللواء الثالث المنتشر في المدينة، إنهم كانوا يتعرضون لهجوم “من كل الاتجاهات من قبل المشاة”. وتشير التقارير، إلى أن الروس قاموا أيضا بقطع طريق الإمداد الرئيسي للقوات الأوكرانية بالمدينة.

وقد حشدت روسيا مقاتليها الأفضل تدريبا في المنطقة، ويعتقد أنها تسقط ما يصل إلى 60 قنبلة يوميا على المواقع الأوكرانية.

وفي المرة الأخيرة التي استولى فيها الروس على مدينة أوكرانية (باخموت) تعرض القائد الحالي للجيش لانتقادات بسبب تمسكه بها لفترة طويلة، حيث اتُهم الجنرال أولكسندر سيرسكي بالسعي لـ”تحقيق نصر رمزي” على حساب خسائر لا داعي لها، وفقا للغارديان.

وعلى المدى المتوسط. يوضح تقرير “بي بي سي”، أن القتال الجاري بين كييف وموسكو، أصبح “حرب استنزاف”، لافتا إلى الفارق الكبير بين حجمي البلدين وتعدادهما السكاني.

ويقول محللون عسكريون أوكرانيون وغربيون، إن الهجوم الروسي على أفدييفكا تسبب في خسائر بشرية فادحة للروس.

وفي نوفمبر الماضي، قالت المخابرات العسكرية البريطانية، إن القتال ساهم في “سقوط  أعلى معدلات الضحايا الروس في الحرب حتى الآن”.

غير أن التقرير، يوضح أنه بالرغم من خسارة آلاف الجنود في هذه العملية، فقد عززت موسكو حضورها من خلال تجديد قواتها على الفور تقريبا، قبل أن تنجح في اختراق التحصينات الأوكرانية التي تم تشييدها على مدى السنوات العشر الماضية، منذ بدء حملة العدوان التي شنتها موسكو لأول مرة.

وفيما يشير التقرير إلى أن من غير المرجح أن يتوغل الروس، خلال المستقبل القريب، أكثر نحو مدن مثل بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، يوضح أن هدف الهجوم الأخير يبقى تخفيف الضغط على مدينة دونيتسك.

وقال ميكولا بيليسكوف من المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث رسمي في كييف، إن السيطرة على أفدييفكا “لن يقلب الوضع بشكل حاسم لصالح موسكو، ولكنه سيجعل الوضع أكثر قابلية للاستمرار بالنسبة لدونيتسك المحتلة كمركز لوجستي روسي رئيسي”.

وعلى المدى الطويل، يبرز التقرير أنه أصبح للسياسة العالمية تأثير أكثر أهمية على ساحة المعركة، مشيرا إلى أن توقف تدفق الأسلحة والمساعدات الغربية، قد يدفع كييف لتنفيذ انسحابات أخرى، ما يفتح الباب أمام بوتين من أجل الاستيلاء الكامل على البلاد.

ويعتقد بيليسكوف، أن الدافع وراء المعركة في هذه المدينة الشرقية “رغبة الكرملين في تعزيز موقف المتشككين الغربيين الذين يدعون إلى خفض الدعم لكييف”، والذين يشيرون إلى التأثير المحدود للمساعدات العسكرية بمليارات الدولارات.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *