واشنطن والقاهرة تدعوان إلى “إبداء المرونة” في محادثات هدنة غزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة

أثار تهديد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة في حال شنت هجوما بريا على رفح، انتقادات داخلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، خاصة بسبب ما وصفته صحف إسرائيلية محلية بـ”إهانة” حلفائه اليمينيين المتشددين للولايات المتحدة ودفع الإدارة الأميركية لاتخاذ مثل هذا الموقف.

ومواقف وزراء اليمين المتشدد أثارت تساؤلات عن تأثيرها على استمرار وبقاء حكومة نتانياهو، خاصة مع الضغط الذي تواجهه من الوزراء المعتدلين.

مواقف اليمين بعد القرار الأميركي

رفض نتانياهو، على ما يبدو، الخميس، التهديد الذي قطعه  بايدن بوقف بعض إمدادات الأسلحة لإسرائيل إذا هاجمت رفح قائلا إن بلاده مستعدة للوقوف بمفردها إذا لزم الأمر.

وهدد الرئيس الأميركي بحجب الأسلحة عن إسرائيل إذا اجتاحت قواتها المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة، وفي أشد تصريحاته حدة حتى الآن، قال بايدن في مقابلة مع شبكة سي.إن.إن أمس الأربعاء “أوضحت أنهم إذا دخلوا رفح… فلن أزودهم بالأسلحة”. وذكر بايدن أن إسرائيل لم تقدم خطة مقنعة لتأمين المدنيين في رفح.

بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين انتقدوا طريقة تعامل حكومة نتانياهو مع الصراع في غزة.

ووفقا لموقع شبكة “سي بي أس نيوز”، وجه بعض كبار السياسيين اليمينيين المتشددين في إسرائيل، انتقادات، الخميس، للرئيس بايدن، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي نشر رسالة قصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يشير فيها، مع رمز تعبيري على شكل قلب، إلى أن حركة “حماس (تحب) بايدن” لتهديده بحجب الأسلحة.

ونقل الموقع عن البرلماني دان إيلوز، وهو مشرع من حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو، قوله إن تصرف الرئيس الأميركي “لا يعرض إسرائيل للخطر فحسب، بل العالم الحر بأكمله”.

وذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل” أن وزير التراث عميخاي إلياهو، من حزب عوتسما يهوديت المتشدد، اتهم بايدن باتباع طريق رئيس الوزراء البريطاني السابق، نيفيل تشامبرلين، الذي حاول استرضاء الدكتاتور الألماني النازي، أدولف هتلر، في عام 1938.

ومواقف اليمين المتشدد وتصريحاته ضد بايدن أثارت انتقادات عدد من الوزراء المعتدلين والمعارضين ضد نتانياهو وحكومته، الذين اعتبروا أن ما يحدث يهدد بخسارة أقرب وأهم حليف لإسرائيل وهي الولايات المتحدة.

بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين انتقدوا طريقة تعامل حكومة نتانياهو مع الصراع في غزة.

بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين انتقدوا طريقة تعامل حكومة نتانياهو مع الصراع في غزة.

ويرى موقع “سي بي أس نيوز” أن الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتزوغ، الذي يعتبر سياسيا أكثر اعتدالا، وليس عضوا في حكومة نتانياهو الائتلافية اليمينية المتشددة، أشاد بـ”الولايات المتحدة الأميركية أكبر حليف لإسرائيل”، وشكر بايدن بالاسم على دعمه “منذ اليوم الأول للحرب”.

وقال في إشارة إلى ردود فعل بعض أعضاء اليمين المتشدد: “حتى عندما تكون هناك خلافات ولحظات خيبة أمل بين الأصدقاء والحلفاء، هناك طريقة لتوضيح الخلافات، وواجبنا جميعا تجنب التصريحات والتغريدات التي لا أساس لها وغير المسؤولة والمهينة والتي تضر بالأمن القومي لدولة إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة”.

وتعد الولايات المتحدة أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، كما سرعت عمليات تزويدها بالأسلحة بعد هجوم حركة حماس. وأقر بايدن بأن القنابل التي قدمتها بلاده لإسرائيل استخدمت في قتل مدنيين في غزة خلال الهجوم المستمر بالقطاع منذ سبعة أشهر.

اليمين يضغط على نتانياهو

وفي تقرير آخر، ذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل” أن عددا من الوزراء اليمينيين المتشددين انتقدوا طريقة تعامل الحكومة مع الصراع في غزة بعد إعلان وزير الدفاع، يوآف غالانت، خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة أن العملية الإسرائيلية في رفح، آخر معقل متبقي لحركة حماس في جنوب غزة، أصبحت قريبة.

وردا على ذلك، أطلقت وزيرة المستوطنات والمشاريع الوطنية، أوريت ستروك، انتقادات، قائلة إن “غالانت قال إن المفاوضات لن تتم إلا تحت إطلاق النار، لكن هذا لم يحدث حتى الآن”.

FILE PHOTO: Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu convenes the weekly cabinet meeting, in Tel Aviv

بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين انتقدوا طريقة تعامل حكومة نتانياهو مع الصراع في غزة.

وفي السياق نفسه، وجه بن غفير اتهامات إلى غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت، جنرال هرتسي هاليفي، بتقييد أيدي القوات المسلحة، متهما إياهم بـ”عدم السماح للجيش الإسرائيلي بالقتال”.

ورداً على ذلك، ذكر الموقع أن نتانياهو رد بالإصرار على “القضاء على حماس رغم التأخير”.

وبينما كان الوزراء يتجادلون، دعا متظاهرون إلى شن هجوم فوري على رفح. وقبل دخوله إلى الاجتماع، قال وزير الرياضة والثقافة، ميكي زوهر، للمتجمعين في الخارج إن تحقيق “أهداف الحرب هو شرط ضروري لاستمرار وجود الحكومة”، حسبما ذكرت “القناة 12” الإسرائيلية.

وفي كلمته أمام المتظاهرين خارج مكتب رئيس الوزراء، دعا وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريش، إلى توغل عسكري فوري في رفح، معلنًا أنه لن يسمح لنتانياهو وزملائه في الحكومة بـ”إطفاء روح البطولة”.

هل يهدد اليمين المتشدد حكومة نتانياهو؟

وقال جيفري غوردون، مستشار الأمن القومي السابق في حملة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لموقع “الحرة” إنه “منذ بداية الحرب، يغض رئيس الوزراء الإسرائيلي النظر عن تصريحات ومواقف أعضاء حكومته من اليمين المتشدد، مثل بن غفير ووزير المالية، بتسلئيل سموتريش”. وأضاف أنه “يعتقد على نطاق واسع أن بقاء نتانياهو السياسي في المستقبل بين أيديهما”.

وتابع: “رغم أن نتانياهو قد يتمكن من النجاة من انسحابهم من ائتلافه بسبب اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس أو الفشل في شن هجوم واسع النطاق على رفح، فإن سياسات اليمين الإسرائيلي تهدد بقاءه بطرق أكثر تأثيرا وفاعلية”.

وأوضح السياسي الأميركي أنه “خلال الحرب، أدى الموقف المتشدد لـ بن غفير على وجه الخصوص إلى توسيع الدعم السياسي والمالي لنتانياهو وحزب الليكود الذي يتزعمه من قبل الأوساط السياسية المتشددة والتي يعبر عنها بن غفير”.

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزي من معبر رفح

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الغزي من معبر رفح

وبالنسبة لأهمية وثقل وزير المالية سموتريش، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، لموقع الحرة” إن سموتريش يضغط بقوة على نتانياهو لاجتياح رفح، مضيفا أن تأثيره يأتي من كونه وزيرا للمالية وفي يده صلاحية رفع الضرائب على الشعب الإسرائيلي من أجل تغطية العجز المالي في إسرائيل بسبب نفقات الحرب، وهذا ما يحتاجه نتانياهو في الوقت الحالي”.

وأوضح نيسان أن تصريحات بن غفير التي انتقد فيها بايدن “تثير استياء أغلب الشعب الإسرائيلي وهو ما ظهر في حديث الرئيس هرتزوغ، لأنها تضر بالعلاقات الأميركية-الإسرائيلية، خاصة أن بايدن وقف للنهاية بجانب إسرائيل رغم موقفه الأخير بشأن رفح”.

وبالنسبة لمدى تأثير مواقف وزراء اليمين المتطرف على فرص استمرارية وبقاء حكومة نتانياهو، قال المحلل الإسرائيلي إن “بن غفير وسموتريش هددا أكثر من مرة بالانسحاب من حكومة نتانياهو”، لكنه يرى أن “هذه التصريحات لا تتعدى كونها مجرد تهديدات”.

وقال إن “بن غفير وسموتريش يعلمان أنه في حال إسقاط حكومة الحالية، فلن يستطيع نتانياهو تشكيل حكومة جديدة في ظل استطلاعات الرأي العام التي تشير إلى تدني كبير في شعبية نتانياهو، حيث يحصل على 19 مقعدا بدلا من 32 مقعدا الذي لديه الآن في الكنيست، وبالتالي سييعود بن غفير وسموتريش إلى مقاعد المعارضة مرة أخرى”.

وأعطى نيسان مثالا على التهديدات التي يطلقها سموتريش لكنه لن ينفذها، قائلا إنه “هدد نتانياهو، الأربعاء، وأمهله 4 أيام للموافقة على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهذا أمر يعارض سياسة نتانياهو في الوقت الحالي لأنه لا يريد المزيد من الخلافات مع الولايات المتحدة، وبالتالي لن يستجيب لهذا التهديد”.

وأوضح الخبير الإسرائيلي أن “نتانياهو يرى الصورة بشكل أوسع مما يراها سموتريش أو بن غفير ولن يرضخ لكافة مطالبهم وتهديداتهم على أرض الواقع على طول الطريق”.

الحرب في غزة مستمرة منذ 7 أشهر

الحرب في غزة مستمرة منذ 7 أشهر

وما يبدو واضحاً على نحو متزايد هو أن نتانياهو، في رضوخه لأوامر اليمين المتشدد، بما في ذلك ما يتعلق باجتياح رفح وعدم الموافقة على وقف إطلاق النار، يصبح على نحو متزايد يسير عكس رغبة غالبية الإسرائيليين، وفقا لصحيفة “ذا غارديان”.

ووجدت سلسلة من استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، بما في ذلك معهد الديمقراطية الإسرائيلي، أن 56% من الجمهور اليهودي يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن يجب أن يكون له الأولوية القصوى، مقارنة بالثلث الذين يعتقدون أن الهجوم على رفح ينبغي أن يكون التركيز الرئيسي للحكومة.

ويكشف استطلاع للرأي أجرته “القناة 13” الإسرائيلية صورة مماثلة من التشكك بين الرأي العام الإسرائيلي، حيث يعتقد 52% أن عملية رفح لن تحقق النصر على حماس، مقارنة بـ 30% يعتقدون أنها ستحقق النصر. ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو استطلاع للرأي أجرته صحيفة “إسرائيل هايوم” اليمينية، والذي جاء فيه أن 28% يعتقدون أن “صورة النصر المفضلة” ستمثل إطلاق سراح الرهائن، في حين اختار 17% صورة تمثل تدمير حماس.

يوجد في رفح أكثر من مليون فلسطيني فروا من مناطق أخرى بالقطاع

يوجد في رفح أكثر من مليون فلسطيني فروا من مناطق أخرى بالقطاع

وقال المحاضر بكلية تسوية النزاعات الدولية بجامعة “جورج ميسون”، عمرو صلاح، لموقع “الحرة” إن “حكومة نتانياهو ستنتهي عاجلا أم آجلا، سواء قررت اجتياح رفح أم لا، لكن ذلك لن يحدث بسبب مواقف اليمين في حد ذاتها لأنها بالأساس تتسق وتتماشى مع مواقف نتانياهو الأصلية”.

وأضاف أن نتانياهو يدرك أن قرار إيقاف الحرب يعني نهاية حكومته، لأنه بذلك لن يكون قد أرضى اليمين المتشدد الذي يريد استمرار الحرب للنهاية، كما أنه لن يكون قد أرضى اليمين الأقل تشددا الذي يهتم بشكل رئيسي بعودة الأسرى الإسرائيليين، وكذلك لن يكون أرضى من هم على يساره الذين يرون أن التكلفة البشرية للحرب وضعت إسرائيل في موقف متوتر مع شركائها وحلفائها”.

وتابع أنه في “بشكل عام، تتعدد الأسباب والعوامل التي تشير إلى سقوط حكومة نتانياهو، وستتبلور لحظة إعلان إيقاف الحرب على غزة”.

وأوضح أنه في داخل إسرائيل تعتقد الغالبية أن هذه الحكومة فشلت، فمن هم على يمين نتانياهو يعتبرونه فشل أمنيا، ومن هم على يساره يرونه دخل في حرب أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة بلا أفق وبدون تحقيق أهداف استراتيجية ويستحيل أن تقضى على حماس، فضلا عن فشله في إعادة الرهائن”.

ويرى أن “نتانياهو حاليا يشعر بالضعف، ولذلك فإن السبيل الوحيد للحفاظ على استمرارية حكومته يتمثل في متابعة الحرب”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *