أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها قيام المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق بشأن ممارسات إسرائيل في غزة، وسط تقارير عن تخوف مسؤولين إسرائيليين من إصدار الهيئة، ومقرها في لاهاي، مذكرات توقيف بحقهم.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير إنه ليس من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إصدار الأحكام بحق المسؤولين الإسرائيليين.
جاء ذلك في الإحاطة الإعلامية للمتحدثة الأميركية، أمس الاثنين، تعليقا على احتمال إصدار الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين لارتكابهم مجازر في غزة.
وذكرت جان-بيير أن موقف الولايات المتحدة لم يتغير في ما يتعلق بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية، قائلة: “نحن لا نؤيده ونعتقد أنه ليس من اختصاصها”.
والولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من أعضاء المحكمة، لكن السلطة الفلسطينية انضمت إليها في عام 2015.
وتحدثت وزارة الخارجية الإسرائيلية مساء الأحد، في بيان، عن شائعات حول احتمال أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين سياسيين وعسكريين كبار.
والأربعاء، تداول إعلام عبري تقارير تفيد باحتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، على خلفية الممارسات الإسرائيلية خلال الحرب على قطاع غزة.
تحذيرات وتهديدات
وقال موقع أكسيوس الإخباري الأميركي إن نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن خلال محادثة هاتفية الأحد مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصيا أو تستهدف وزير الدفاع في حكومته أو رئيس الأركان.
وذكر الموقع أن أعضاء في الكونغرس الأميركي وجهوا تحذيرات وتهديدات قوية للمحكمة الجنائية الدولية، في أعقاب الحديث عن الإصدار المحتمل لمذكرات اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين.
وقال رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، الإثنين، إن مذكرات الاعتقال المزعومة “مشينة وغير قانونية”.
وأوضح في بيان، “لو لم يتم مواجهة ذلك من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تخلق وتدّعي امتلاكها سلطة غير مسبوقة متعلقة بإصدار مذكرات اعتقال بحق القادة السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين”.
ودعا جونسون إدارة بايدن إلى المطالبة بشكل فوري لا لبس فيه، بتراجع المحكمة الجنائية الدولية واستخدام كل الأدوات المتاحة لمنع مثل هذا “الفعل الشنيع” على حد تعبيره.
عزلة دولية
من جانبه، قال ماثيو جيليت، المحاضر في القانون الدولي بجامعة إسيكس بإنجلترا، إنه لن يتمكن أي شخص تصدر بحقه مذكرة اعتقال من السفر لأكثر من 120 دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها معظم الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، وإلا يمكن احتجازه.
وأضاف أنه إذا صدرت أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين فقد تتخذ بعض الدول الحليفة لإسرائيل إجراءات مثل تقليص عمليات نقل الأسلحة أو تقليل الزيارات الدبلوماسية، وهو ما يزيد من عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي.
وأردف أن ذلك سيجعل “من الصعب بشكل أكبر على الديمقراطيات الليبرالية الغربية التعامل مع إسرائيل”.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلا عن مصدر إسرائيلي أن مذكرات اعتقال مسؤولين إسرائيليين ربما صدرت سرا وأنهم لن يواجهوها إلا عند سفرهم.
قلق إسرائيلي
وفي رد فعل على تقارير إعلامية إسرائيلية تفيد بأن المحكمة الجنائية الدولية، ربما تصدر قريبا أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، حذر وزير الخارجية يسرائيل كاتس -الأحد الماضي- السفارات الإسرائيلية من خطر مواجهة “موجة شديدة من معاداة السامية” مطالبا بتعزيز إجراءاتها الأمنية.
وقال كاتس: “نتوقع إحجام المحكمة الجنائية الدولية عن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في إسرائيل”. وأضاف: “لن نحني رؤوسنا ولن يردعنا ذلك وسنواصل القتال”.
وقال نتنياهو يوم الجمعة إن أي قرارات للمحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لكنها ستشكل سابقة خطيرة، على حد قوله.
وتواصل إسرائيل الحرب على غزة رغم إصدار مجلس الأمن قرارا بوقف القتال فورا، وكذلك رغم صدور تعليمات من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
ومنذ 17 عاما، تحاصر إسرائيل قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية.