هل تنجح الجهود الأميركية في تحقيق “هدنة أوكرانيا”؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن عن موافقته المبدئية على اقتراح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، لكنه شدد على ضرورة وضع شروط واضحة لضمان استدامة السلام.

هذه الخطوة، وإن كانت تبدو إيجابية، إلا أنها تثير تساؤلات بشأن إمكانية تحولها إلى سلام دائم في ظل تعقيدات الصراع وتباين المواقف بين الأطراف المعنية.

هدنة مشروطة مع ضمانات أمنية

وفقاً لتصريحات أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم الإنسانية في موسكو، نزار بوش خلال حديثه لغرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية”، فإن روسيا تنظر إلى أي وقف لإطلاق النار على أنه فرصة لأوكرانيا لإعادة تنظيم صفوفها العسكرية واستعادة المبادرة.

بوش أشار إلى أن بوتين لم يغير وجهة نظره الاستراتيجية، بل يعتبر الهدنة بداية لمسار أوسع نحو سلام دائم.

وأضاف: “روسيا تريد ضمانات أمنية، خاصة فيما يتعلق بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهو ما تعتبره جذر الأزمة”.

وأوضح بوش أيضاً خلال تصريحاته أن روسيا ترى في الهدنة فرصة لتعزيز مكاسبها الميدانية، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها حاليا، مثل أجزاء من دونباس وشبه جزيرة القرم.

وأكد أن بوتين لن يتنازل عن المكاسب الإقليمية التي حققتها روسيا، قائلاً: “الأمر الواقع هو أن هذه المناطق الأربعة (دونيتسك، لوغانسك، زاباروجيا، وخيرسون) ستبقى جزءاً من روسيا”.

ترامب وسعيه لتحقيق تقدم دبلوماسي

من جهته، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تصريحات بوتين بشأن وقف إطلاق النار كانت “واعدة للغاية”، لكنها لم تكن كاملة.

ترامب يرى أن الهدنة يمكن أن تكون خطوة أولى نحو حل دبلوماسي أوسع، لكنه يدرك أن الطريق لن يكون سهلا. وأكد جوناتان جيليام، الخبير الأمني والعميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)،في هذا الشأن أن ترامب يسعى إلى تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات، لكنه يدرك أن الطريق نحو السلام لن يكون سهلا.

جيليام قال أيضا ان : “ترامب يريد خطوات ملموسة نحو إيقاف الحرب، وليس مجرد هدنة مؤقتة.”

أشار جيليام خلال حديثه لغرفة الأخبار إلى أن ترامب يدرك أن أي اتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية لروسيا، خاصة فيما يتعلق بوجود حلف الناتو على حدودها.

وأضاف: “روسيا لن تقبل بانضمام أوكرانيا إلى الناتو، وهذا أحد الشروط الأساسية لديها”.

أوكرانيا.. بين الضغوط العسكرية والمطالب السياسية

أشار الكاتب والباحث السياسي محمد العروقي إلى أن أوكرانيا تواجه ضغوطاً كبيرة، خاصة بعد خسارتها لأجزاء من أراضيها.

العروقي قال: “أوكرانيا تريد ضمانات أمنية، لكنها لن تتنازل عن أراضيها المحتلة”، وأضاف أن الهدنة المقترحة قد تكون بداية لمفاوضات أوسع، لكنها لن تحل الجذور العميقة للصراع، خاصة فيما يتعلق بموضوع انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

العروقي أشار أيضاً إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجد نفسه في موقف ضعيف، خاصة بعد خسارته لدعم عسكري كبير من الغرب.

وقال: “زيلينسكي يريد أن يجلس على طاولة المفاوضات، لكنه يرفض التنازل عن أراضيه. هذا يضع أوكرانيا في مأزق صعب”.

الدور الأوروبي.. بين الدعم والقلق

أكد أستاذ العلاقات الدولية خطار أبو ذياب أن أوروبا تقف أمام تحديات كبيرة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية.

أبو ذياب قال: “أوروبا تريد السلام، لكنها لا تريد الاستسلام”. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يحاول دعم أوكرانيا، لكنه يواجه صعوبات في تحقيق توازن بين الضغوط الروسية والمصالح الأوروبية.

ويشير أبو ذياب في السياق ذاته إلى أن أوروبا تخشى من أن تكون الهدنة مجرد تكتيك روسي لتعزيز مكاسبها الميدانية.

وقال: “روسيا تريد أن تظهر كطرف راغب في السلام، لكنها في الواقع تريد تعزيز سيطرتها على الأراضي التي احتلتها”.

التحديات المستقبلية.. هل الهدنة بداية لسلام دائم؟

رغم التفاؤل الحذر الذي تثيره الجهود الأميركية، إلا أن تحقيق سلام دائم في أوكرانيا يبقى بعيد المنال في ظل التحديات العديدة.

أولا: هناك انعدام الثقة بين الأطراف، خاصة بين روسيا وأوكرانيا.

ثانيا: تتعارض المصالح الاستراتيجية للقوى الكبرى، حيث تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، بينما تحاول الولايات المتحدة وأوروبا الحد من هذا النفوذ.

أضف إلى ذلك أن أي اتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار المطالب الأوكرانية بخصوص استعادة الأراضي المحتلة، وهو ما ترفضه روسيا بشكل قاطع.

كما أن موضوع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو يبقى نقطة خلاف رئيسية بين الطرفين.

بين الأمل والواقع

تفتح الجهود الأميركية لتحقيق هدنة في الحرب الأوكرانية الباب أمام احتمالات تحقيق سلام، لكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل المواقف المتعارضة للطرفين.

بينما ترى روسيا الهدنة كبداية لسلام دائم، تعتبر أوكرانيا أنها فرصة لتعزيز موقفها العسكري. في الوقت نفسه، تحاول أوروبا لعب دور الوسيط، لكنها تواجه صعوبات في تحقيق توازن بين المصالح المتضاربة.

يبقى السؤال: هل ستكون هذه الهدنة بداية لإنهاء الصراع، أم مجرد استراحة مؤقتة قبل عودة القتال؟

الإجابة ستتحدد بناءً على مدى استعداد الأطراف للتسوية ووضع مصالح الشعوب فوق المصالح السياسية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *