“بروتوكول هانيبال” أو “توجيه هانيبال” أو “آلية هانيبال” جميعها مسميات لبروتوكول عسكري إسرائيلي، يتيح تنفيذ هجمات يمكن أن تهدد حياة الجنود الإسرائيليين لمنع احتجازهم أحياء، فيما يصفه البعض بـ”الملاذ الأخير” للجيش الإسرائيلي.
وترفض إسرائيل المزاعم باستخدامها هذه الآلية في حرب غزة، فيما تشير تقارير سابقة إلى أن الجيش الإسرائيلي كان تخلى عن هذا البروتوكول في سنوات سابقة.
ورفضت الحكومة الإسرائيلية تقريرا أمميا يتهمها باستخدام “بروتوكول هانيبال” في حرب غزة، ووصفت اللجنة التي أعدته بأنها “منحازة وملوثة بأجندة واضحة معادية لإسرائيل”. وأشارت إلى أنها تجاهلت استخدام حماس السادي للمدنيين كدروع بشرية.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن التقرير “يصف واقعا بديلا تم فيه محو عقود من الهجمات الإرهابية”، مضيفة أن التقرير يزعم أنه “لا توجد هجمات صاروخية مستمرة على المواطنين الإسرائيليين ولا توجد دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها ضد هجوم إرهابي”.
وأضافت الوزارة في بيانها أن “التقرير مليء بالاتهامات الكاذبة والتشهير ضد جنود الجيش الإسرائيلي”.
واتهم تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، الجيش الإسرائيلي باستخدام “بروتوكول هانيبال” عدة مرات خلال الهجمات في غزة، لمنع مسلحي حماس من اختطاف الإسرائيليين، حتى لو كان ذلك يؤدي إلى مقتلهم.
ويقول تقرير لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة، الذي نشر الأربعاء، إن امرأة تبلغ من العمر 68 عاما وتوأمين يبلغان من العمر 12 عاما من بين 14 مدنيا إسرائيليا “قتلوا على الأرجح نتيجة نيران قوات الأمن الإسرائيلية”، وفقا لمحققي الأمم المتحدة.
واستخلصت اللجنة نتائجها من مقابلات عن بعد مع الناجين والشهود، وصور بالأقمار الاصطناعية، وسجلات الطب الشرعي، ومعلومات من مصادر مفتوحة.
إسرائيل ترد على تقرير أممي اتهمها باستخدام “بروتوكول هانيبال” خلال هجوم أكتوبر
انتقدت إسرائيل تقريرا وصفته”بغيضا” للأمم المتحدة يزعم أنها فعلت “توجيه هانيبال” الذي يجيز قتل جنودها بدل أن يصبحوا رهائن ويتهمها بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى وجود ادعاءات بشأن “استخدام بروتوكول هانيبال” في موقع احتفال “نوفا” في السابع من أكتوبر، إذ تحدثت مزاعم عن “إطلاق مروحيات تابعة لإسرائيل النار على سيارات مدنية ما أدى إلى مقتل إسرائيليين”، حيث تأكد وجود ما لا يقل عن ثماني طائرات هليكوبتر إسرائيلية حينها في الأجواء، ولكن لم يتم تأكيد ما إذا كانت أطلقت النار على مدنيين من عدمه.
ووثقت اللجنة تصريحا لأحد أفراد طاقم دبابة إسرائيلية أكد أنه طبق “بروتوكول هانيبال” في “إطلاق النار على مركبة اشتبهوا أنها تنقل جنودا مختطفين”.
ما هو بروتوكول هانيبال؟
و”بروتوكول هانيبال” هو إجراء عسكري موجود في الجيش الإسرائيلي منذ عقود بحسب تقرير سابق نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، والذي يسمح باستخدام “القوة المفرطة” بهدف “منع وقوع أي جندي إسرائيلي في أيدي العدو”، بما في ذلك تعريض حياة “الجندي ذاته للخطر” لمنع القبض عليه أو اختطافه.
وذكرت الصحيفة في تقريرها، المنشور في عام 2016، أن الجيش الإسرائيلي أوقف العمل بهذا البروتوكول، الذي كان يستهدف من خلاله الحد “من عمليات تبادل الأسرى غير المتوازنة بين إسرائيل” والجهات الأخرى التي تختطف جنودها.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الضباط “يفهمون الأمر على أنه يجب قتل رفيقهم عمدا لمنع وقوعه في الأسر، وليس أنهم قد يصيبونه أو يقتلونه بالخطأ أثناء محاولتهم لذلك”.
ولفت تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست عام 2014، إلى صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 2011، إذ تم إطلاق سراح أكثر من 1000 معتقل فلسطيني حينها.
تطوير هذا البروتوكول كان في عام 1986 بعد محاولة حزب الله اختطاف جنديين إسرائيليين في جنوب لبنان، وفقا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس.
النسخة الأصلية لهذا البروتوكول صاغته مجموعة من قادة في الجيش الإسرائيلي من دون استشارة خبراء قانونيين حينها: يوسي بيليد، قائد المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، والعقيد غابي أشكنازي، والعقيد يعقوب عميدورو.
ويحدد البروتوكول تدابير تتبع عندما “يكون جندي معرضا لخطر الاختطاف في أراض معادية، وأن تكون الأولوية بإنقاذ الجنود الأسرى من خاطفيهم، حتى لو كان ذلك بالمخاطرة بإيذاء هؤلاء الجنود”.
ولم تنشر تفاصيل البروتوكول بالكامل، ولكن جزءا منه نصّ حرفيا على أنه “أثناء عملية الاختطاف، تكون المهمة الرئيسية هي إنقاذ جنودنا من الخاطفين حتى على حساب إيذاء جنودنا أو إصابتهم. ويجب إطلاق النار من الأسلحة الخفيفة”، بحسب هآرتس.
وأضاف “إذا لم تتوقف السيارة أو الخاطفون، يجب إطلاق رصاصة قناص واحدة عليهم، بشكل متعمد، لإصابة الخاطفين، حتى لو كان ذلك يعني إصابة جنودنا… سيتم عمل كل شيء لإيقاف السيارة وعدم السماح لها بالهروب”.
سبب تسمية البروتوكول باسم “هانيبال” يخضع “لتفسيرات مختلفة”، فيما يشير البعض أن التسمية كانت “عشوائية”، يرى آخرون أنه استخدم تيمنا “بالقائد العسكري لقرطاج الذي قتل نفسه بالسم بدلا من أن يتم أسره” على ما أفاد تقرير واشنطن بوست.
الفيلسوف آسا كاشير، المسؤول أيضا عن وضع الميثاق الأخلاقي للجيش الإسرائيلي قال لبودكاست صحيفة هآرتس في يناير الماضي “إنه لا توجد نسخة واحدة، لكن يوجد تغييرات وتناقضات في عدة إصدارات”.
وأضاف أن “النسخة الأصلية والتعديلات، لا يوجد فيها ما يسمح لشخص ما بقتل مواطن إسرائيلي، أكان يرتدي الزي العسكري أم لا”.
ودعا إلى فتح تحقيق في المزاعم التي تتحدث عن قصف دبابة إسرائيلية لمنزل كان فيه حوالي 14 إسرائيليا في كيبوتس قرب غزة في السابع من أكتوبر، حيث قالت شاهدة عيان إسرائيلية إنه تم قصف المبنى الذي كان فيه 40 عنصرا من حماس و14 مختطفا إسرائيليا.
وقال كاشير إن “فكرة منع نقل مدنيين إسرائيليين إلى غزة بإطلاق قذيفة من دبابة على المبنى.. فكرة لا تطاق، وغير مقبولة في الأوامر العسكرية، وغير مقبولة من وجهة نظر الجيش”، معتبرا أن هذا الأمر “غير قانوني وغير أخلاقي ومرعب”.
ويعتقد أن “ثقافة الجيش الإسرائيلي، بأكملها بحاجة إلى التغيير”.
متى استخدمت إسرائيل بروتوكول هانيبال؟
وكانت أكثر حادثة لفتت الاهتمام للاستخدام المزعوم لـ “بروتوكول هانيبال”، في أغسطس عام 2014، في معارك في غزة، بعد فقدان الجندي الإسرائيلي، هدار غولدن، ليشن الجيش غارات دامية، وصفت بأنها نُفذت لعدم أسره حيا، وفق ما ذكرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
واتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل، عام 2015، بأنها ارتكبت “جرائم حرب” عندما قتلت “ما لا يقل عن 135 مدنيا” ردا على أسر الجندي غولدن بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ورفض الجيش الإسرائيلي هذه التهم معتبرا أنه لا توجد عناصر تثبت أن الجيش تصرف فقط ردا على احتجاز الضابط الإسرائيلي.
وأكد الجيش حينها أن “بروتوكول هانيبال” لم يعد مستخدما، وأنه تم استبداله بآلية جديدة من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.
واعتبرت اسرائيل بعد فترة أن غولدن قتل، وطالبت باستعادة رفاته ورفات جندي آخر قتل خلال هذه الحرب يدعى أورن شاوول.
ولسنوات كان محتوى “بروتوكول هانيبال” واستخدامه محاطا “بالسرية”، ويقال إنه تم تفعيله “عدة مرات فقط” خلال الأعوام 1986 و2016، قبل أن يُلغى رسميا من الجيش، على ما أفاد تقرير هآرتس.
وفي تقريرها عام 2016، نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن المتحدث باسم الجيش أن “رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (حينها)، غادي أيزنكوت” قرر “إلغاء بروتوكول هانيبال”، والذي يعتبر “مثيرا للجدل”.
وأشار المتحدث وقتها إلى أنه يتم وضع “توجيهات” جديدة لتحل مكان “بروتوكول هانيبال” ليتاح للجنود التعامل مع المواقف التي من المحتمل مواجهتها.
يوسي بيلد، أحد واضعي البروتوكول، قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي حينها إنه “يؤيد” قرار أيزنكوت.
وجاء قرار الإلغاء حينها بعد إصابة جنديين عن طريق الخطأ في مخيم قلنديا، في مارس من عام 2016، حيث أجبرا على ترك مركبتهم، وتم تبادل إطلاق النار لنحو نصف ساعة قبل العثور على الجنديين، وخلال إطلاق النار قتل رجل فلسطيني، وأصيب عشرات آخرون بجروح، وأصيب نحو 10 أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية، وفقا لتايمز أوف إسرائيل.
الجيش الإسرائيلي كان ينفي استخدام هذا البروتوكول أو حتى وجوده، ولكن في عام 2003، كان أول حديث علني عنه بعد رسالة من طبيب وصلت لصحيفة هآرتس حينها تشرح تفاصيل البروتوكول العسكري، وكيف تم العثور عليها بعد اختطاف جنديين إسرائيليين، في عام 1986، حيث أعيدت جثثهم في عام 1991.
ووفق ما نقلت واشنطن بوست عن صحيفة “يديعوت أحرونوت” خلال عامي 2008 و2009 اللذين شهدا حربا في غزة قال أحد القادة الإسرائيليين للجنود إن عليهم أن يقتلوا أنفسهم بقنبلة يدوية قبل أن يقبض عليهم العدو.
وفي عام 2006، أثيرت الشبهات بشأن مقتل جنديين إسرائيليين بعد اختطافهما من حزب الله، ما إذا كانوا قد قتلوا بنيران صديقة أم لا.
وفي 2011، تكررت التكهنات حول استخدام “بروتوكول هانيبال” في حوادث وقعت حينها، ما دفع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها، بيني غانتس، إلى التأكيد علنا على أن هذا الإجراء لا يعني قتل أي جندي إسرائيلي في محاولة منع اختطافه.