افتتحت فعاليات الدورة الـ77 من مهرجان “كان” السينمائي التي تستمر حتى 25 من مايو/أيار الحالي، ومع تصاعد المشاركة السينمائية العربية في السنوات الماضية، يشهد هذا العام مشاركة 8 أفلام عربية في الأقسام المختلفة من المهرجان.
هذا بالإضافة إلى جانب وجود المخرجة اللبنانية نادين لبكي عضوًا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، والمخرجة المغربية أسما لمدير ضمن لجنة تحكيم مسابقة “نظرة ما”.
الحرية والتمرد على السلطة
تتشارك الأفلام العربية الـ8 في اهتمامها بتناول قضايا إنسانية شائكة، يسعى أغلب الأبطال في الأفلام المعروضة وراء الحرية والخروج من الضغوطات المجتمعية.
في الفيلم التسجيلي المصري “رفعت عيني للسما” (The Brink of Dreams) المشارك في مسابقة أسبوع النقاد اختار صناع الفيلم ندى رياض وأيمن الأميرالي جنوب الصعيد وبالتحديد إحدى القرى في برشا بمدينة المنيا، حيث تقرر مجموعة من الفتيات القبطيات مواجهة الضغوطات المجتمعية التي يتعرضن لها، التي تقف عائقًا أمام حلم كل منهن بالشهرة والتمثيل والغناء، تقرر الفتيات تشكيل فرقة مسرحية نسائية تقدم عروضًا في الشارع تحمل اسم “بانوراما برشا”، ويستعرضن خلال العروض ما يتعرضن له من انتهاكات حياتية من بينها التحرش، فتصبح تلك العروض هي المنفذ إلى الحرية التي يأملن أن تتحقق لهن.
الانقسام بين السيطرة والرغبة في الحرية، والعلاقة المعقدة بين الفن والسلطة ومحاولة الشباب الحصول على عالم أفضل بعيدًا عن النظم الاستبدادية، هو ما يطرحه الفيلم المصري “شرق 12” (East of Noon)، المشارك في برنامج “نصف شهر المخرجين”.
حيث يسعى بطل الفيلم إلى نيل حريته والعيش في عالم أرحب، فالبطل هنا موسيقار شاب يجسده الممثل عمر زريق يتمرد على شوقي البهلون (أحمد كمال) الذي يدير المكان الذي يعيش فيه مجموعة من البشر، ويبحث عن الحرية من خلال الفن الذي يقدمه، وتدور الأحداث في عالم من “الفانتازيا” الساخرة حول عالم مغلق ومحدد خارج إطار الزمان.
الفيلم للمخرجة والفنانة البصرية هالة القوصي، ويقوم بالبطولة فيه الممثلة منحة البطراوي والفنانة فايزة شامة إلى جانب أحمد كمال وعمر زريق.
في الفيلم السعودي “نورة” (Norah)، تتشابك الاحتياجات الإنسانية والقضايا العربية، إذ تدور أحداثه في تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تحظر ممارسة الفنون في المملكة العربية السعودية ومنها الرسم.
ومن هنا يفشل بطل الفيلم الذي يجسده الفنان يعقوب الفرحان في تحقيق حلمه، وينتقل إلى مجتمع آخر صغير بحثًا عن حريته الإنسانية وهناك يبدأ العمل مدرسًا، حتى يلتقي بفتاة شابة تدعى نورة وتجسدها ماريا بحراوي، وتمتلك الفتاة أحلامًا تتخطى حدود قريتها، ويساعدها المدرس على تحقيق إمكانياتها الفنية رغم بيئتها المنغلقة.
الفيلم للمخرج توفيق الزايدي ويشارك في مسابقة “نظرة ما”، وهو العرض الثاني للفيلم بعد مشاركته في النسخة الأخيرة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وحصوله على جائزة أفضل فيلم سعودي.
في فيلم “الكل يحب تودا” (Everybody Loves Touda) للمخرج المغربي نبيل عيوش والمشارك ضمن عروض “كان” الأولى تتعرض البطلة التي تلعب دورها الممثلة المغربية نسرين الراضي لسوء المعاملة بسبب غنائها دون رقابة على النصوص التي تدعو للمقاومة والتحرر، فتقرر أن تترك كل شيء خلفها والابتعاد عن المجتمع الذي تعيش فيه الذي ينظر إلى عمل المرأة في الغناء بطريقة سلبية.
الحنين إلى الوطن
في الفيلم المغربي “البحر البعيد” (Across the Sea) المشارك في أسبوع النقاد ينشغل المخرج سعيد حميش لتجربة الهجرة، وكيف غيّر حادث الحادي عشر من سبتمبر من صورة المهاجرين في الغرب؟ من خلال البطل نور الذي يهاجر بطريقة غير شرعية على فرنسا ويتعرف إلى ضابط فرنسي غريب الأطوار.
وفي “نصف شهر المخرجين” يعرض الفيلم الجزائري القصير “بعد الشمس” (After the Sun) للمخرج ريان مكيردي، الذي تدور أحداثه في نهاية الثمانينيات في القرن الماضي، وتمتزج الأحداث بين الواقع والخيال من خلال رحلة تقوم بها جزائرية بالسيارة في ضواحي باريس تحمل الحنين إلى الوطن الغني بالذكريات فتقرر العودة من أجل إعادة اكتشاف ذاتها.
في مسابقة “نظرة ما” الفيلم الصومالي “القرية جوار الجنة” (The Village Next to Paradise) للمخرج الصومالي مو هراوي.
وخلال الأحداث نعيش مع عائلة صومالية تضطر للنزوح وتغيير محل إقامتها بسبب الأوضاع المضطربة في البلاد.
مشاركة فلسطينية
في الوقت الذي منعت فيه إدارة المهرجان تنظيم أي مسيرات احتجاجية أو أي رموز تخص القضية الفلسطينية من أجل الاهتمام فقط بالأفلام والفعاليات السينمائية، لكن القضية الفلسطينية حاضرة من خلال الأفلام المشاركة في المهرجان.
ففي برنامج “نصف شهر المخرجين” يعرض فيلم المخرج الفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل “إلى أرض مجهولة” (To a Land Unknown).
يستعرض فليفل في فيلمه الوثائقي الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون دون تجميل أو تزييف من خلال رحلة صديقين من مخيم عين الحلوة يقرران الهروب إلى اليونان، وخلال الرحلة يفقدان الأموال المخصصة للهجرة مما يضعهما في مأزق.
وبعيدًا عن العروض الرسمية التي يشارك بها الأفلام العربية الـ8 يشارك الفيلم الفلسطيني “سن الغزال” للمخرج سيف هماش في مسابقة الطلبة، والفيلم يرصد الصراع الداخلي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وبالأخص من يعيش في داخل مخيمات اللجوء.
من خلال قصة شاب من مخيم اللاجئين يذهب في رحلة محفوفة بالمخاطر ملبيًا رغبة شقيقه الأصغر، ورمى إحدى أسنانه اللبنية في البحر.
تكريم مؤثر
وفي افتتاح المهرجان مساء الرابع عشر من مايو/أيار تسلمت الممثلة العالمية ميريل ستريب السعفة الذهبية الفخرية، وقدمتها الممثلة الفرنسية جولييت بينوش التي وصفت ستريب أنها كنز عالمي غيرت الطريقة التي تنظر بها إلى السينما.
أما ستريب أثناء تسلمها للجائزة قالت إنها اعتقدت أن مسيرتها الفنية قد انتهت حين وصلت إلى عمر الأربعين.