مقتل ضابط و4 جنود عراقيين في هجوم على نقطة عسكرية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

يجسد الوضع الذي يعشيه المعلم العراقي خالد (52 عاما) في قضاء سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق الوضع المتردي في القضاء، بينما تتجه الحكومة العراقية إلى إغلاق مخيمات كردستان ما يجبر العديد من سكان سنجار على العودة لمناطقهم في غياب الخدمات.

وأكد خالد وناشطون لموقع “الحرة” صعوبة الوضع الأمني في سنجار، حيث يعقد تصارع قوى وميلشيات مسلحة مسألة عودة النازحين الذين أجبروا على ترك بيوتهم قبل نحو 10 سنوات عندما اجتاح تنظيم “داعش” مناطقهم.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن خطط إغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان بحلول 30 يوليو، وهو الموعد الرسمي الذي أعلنته الحكومة “ستهدد حقوق الكثير من سكان المخيمات، ومن بينهم أهالي منطقة سنجار الشمالية”.

وتقول المنظمة إن سنجار لا تزال “غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريبا”. 

الوضع الأمني وتردي الخدمات

على الرغم من الحافز المالي، فإن العديد من النازحين داخليا يترددون في العودة إلى ديارهم بسبب استمرار العنف، ويشير خالد، وهو معلم يعمل لدى الحكومة الاتحادية، إلى أن صراعات بين حزب العمال الكردستاني وقوات الجيش والحشد الشعبي تخلق حالة من عدم الاستقرار.

وتحدث الأب لأربعة أبناء في تصريحاته لموقع “الحرة” عن مناوشات تحدث بين حزب العمال والجيش الوطني، وتساءل: “كيف يعود النازحون في مثل هذا الوضع”.

ويلخص عيسى سعدو، الناشط الأيزيدي المقيم في ألمانيا المشكلة في “غياب الجوانب الخدمية والمخلفات الحربية وعدم إعادة إعمار المنطقة، وغياب التعويضات بالإضافة إلى المشاكل السياسية”.

ويشير سعدو إلى مشاكل في الإدارة المحلية، وعلى سبيل المثال، ليس هناك قائمقام في قضاء سنجار يدير الأمور الإدارية والخدمية في المنطقة، بسبب الصراع بين حكومة وبغداد وحكومة كردستان ممثلة في الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وسنجار، وهي منطقة جبلية في شمال غرب العراق، موطن لخليط من السكان الأكراد والعرب، والأيزيديين وهم أقلية إثنية ودينية يتحدثون الكردية.

وفي أغسطس 2014، اجتاح تنظيم “داعش” جبل سنجار وقتل عناصره أعدادا كبيرة من هذه الأقلية واحتجزوا آلافا من النساء الفتيات واتخذوهن سبايا.

وفيما خطف أكثر من 6400 منهم، أُنقذ حوالي نصفهم أو تمكنوا من الفرار، بينما لايزال مصير الآخرين مجهولا.

وبعد ثلاث سنوات من الاجتياح، أعلن العراق عام 2017 الانتصار على التنظيم الذي ترك خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يرجح أنها تضم حوالي 12 ألف جثة، وفقا للأمم المتحدة.

وتقول هيومن رايتس ووتش إن 80 في المئة من البنية التحتية و70 في المئة من بلدة سنجار، أكبر مدينة في القضاء، دمر خلال النزاع ضد تنظيم “داعش” بين 2014 و2017. 

ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، لا يزال حوالي 183 ألف شخص من سنجار نازحين، وهذا يشمل 85 في المئة من السكان الأيزيديين في القضاء. 

في الوقت الحالي، تستضيف 65 في المئة من البلدات والمدن في سنجار نصف سكانها الأصليين أو أقل، بينما لم تشهد 13 بلدة أي عودة على الإطلاق منذ 2014.

وبعد نحو 10 سنوات من اجتياح “داعش”، لاتزال سنجار غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات. ووفقا لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، تستضيف المخيمات الـ23 المنتشرة في الإقليم حاليا حوالي 157 ألف شخص، كثيرون منهم من سنجار.

وقالت سارة صنبر، الباحثة المتخصصة بالملف العراقي في هيومن رايتس ووتش إن “العديد من السنجاريين يعيشون في المخيمات منذ 2014، ويستحقون العودة إلى ديارهم، لكن هذه العودة يجب أن تكون آمنة وطوعيّة.

ولتشجيع العودة، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عن حزمة من المساعدات والحوافز للعائدين، منها مبلغ يُدفع مرة واحدة بقيمة 4 ملايين دينار عراقي (حوالي 3 آلاف دولار) لكل أسرة، وبعض الوظائف الحكومية، وفوائد الضمان الاجتماعي، وقروض للمؤسسات التجارية الصغرى بدون فوائد.

وأعلن المتحدث باسم الوزارة، علي عباس، لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن “الدعم سيتوقف عن مخيمات النازحين بعد تاريخ 30 يوليو، حيث سيكون التوجه إلى العائلات العائدة، كما ستتوقف المنحة بعد هذا التاريخ”.

وأكدت الحكومة العراقية مجدا، الاثنين، موقفها من إغلاق المخيمات بحلول نهاية يوليو، إذ أشار المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، علي عباس جهانكير، إلى استمرار عمل وزارته على تجهيز المخيمات بالمساعدات وعدم وجود أي خلل بذلك.

وقال جهانكير في تصريح تابعته “الغد برس”، إن “المساعدات توزع بين الأسر القاطنة في المخيمات بشكل مكثف”.

وأضاف أن “إغلاق مخيمات النزوح بموعدها المحدد المقبل يعد من أهم الخطوات التي تنفذها الوزارة بالوقت الحالي”.

ووجدت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في 2023 أن العوائق الرئيسية أمام عودة السنجاريين هي “تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات عن فقدان ممتلكاتهم وسبل عيشهم، وتأخر إعادة الإعمار، والوضع الأمني غير المستقر، وانعدام العدالة والمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم.

ومن جانبه، يقول خالد، الذي تحدث مع موقع “الحرة” إن “المخيمات تعاني من الاكتظاظ وهناك جيل جديد نشأ هناك خلال 10 سنوات من النزوح، لكن العودة ليست البديل”.

ويشر خالد إلى تردي الخدمات في المنطقة، قائلا إن “عملية الإعمار في القضاء متوقفة تقريبا. بعض العائدين يدخلون أبناءهم مدارس خاصة بهم، وهؤلاء يعملون بوظائف خدمية مساندة للجيش أو الحشد أو حزب العمال الكردستاني”.

ويوضح أن الوظائف أو الأعمال التجارية أو الزراعية قليلة جدا.

وفي 2 مايو، قال موظف في مديرية التعليم في نينوى لهيومن رايتس ووتش إنه أعيد بناء أربعة من أصل 24 مدرسة تضررت أو دُمرت أثناء العمليات العسكرية، وستفتح مجددا قريبا، لكنه قال إن 86 مدرسة فقط تعمل الآن من أصل 206 كانت موجودة قبل 2014.

وقال الآباء والأمهات الذين قابلتهم المنظمة إنهم يدفعون 5 آلاف دينار عراقي (حوالي 3.82 دولار) لكل طفل في كل فصل دراسي حتى تتمكن المدارس من انتداب معلمين، في بلد يفرض فيه التعليم العام المجاني.

وقال الموظف: “أخبرت رئيس الوزراء أثناء زيارته الأخيرة أننا بحاجة إلى بناء 100 مدرسة على الأقل في حال عودة المهجرين، لأن هناك 100 مدرسة في المخيمات”.

وقال مدير “مستشفى سنجار العام” دلشاد علي لهيومن رايتس ووتش في 4 أبريل إن المستشفى لا يزال متضرّرا ومهجورا، ولا يزال الطاقم الطبي يعمل في موقع كان مخصصا للاستخدام المؤقت.

وتشرف منظمة “سلسة الأمل” غير الحكومية على بناء توسعة تضم 27 سريرا في الموقع المؤقت “لمنحنا مزيدا من القدرة، وقد انتهت من ذلك تقريبا. لكن ذلك ليس كافيا، خاصة إذا عاد مزيد من الناس”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، أكدت النائبة الأيزيدية السابقة في البرلمان العراقي، خالدة خليل، إنه “لا يوجد أي شخص لا يريد العودة إلى وطنه، لكن أين يهذب هؤلاء؟ إلى ملاجئ مثلا؟”.

وتشير النائبة السابقة إلى أن الجهات المسلحة مثل حزب العمال الكردستاني والفصائل الخارجة عن القانون التي لا تعمل بأمر القائد العام للقوات المسلحة تعيق عملية الإعمار. 

وتتهم خليل الحكومة بعدم الجدية في تطبيق اتفاقية سنجار التي تنص على إخراج الجهات المسلحة وإعمار سنجار وعودة النازحين طوعيا. 

وأعلنت الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، في 2020، توصلهما لاتفاق حول إدارة مدينة سنجار، وصفه الطرفان بـ”التاريخي،” وذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين.

واتفق الجانبان حينها على إدارة سنجار من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، وعلى أن توكل مهمة الترتيبات الأمنية للشرطة الاتحادية بالتعاون مع إقليم كردستان، وإدارة الخدمات أيضا بالتعاون بين الطرفين.

وصفه الطرفان بـ”التاريخي”.. أبرز بنود اتفاق بغداد وأربيل حول سنجار

توصلت بغداد وأربيل، الجمعة، إلى اتفاق حول سنجار وصفه الطرفان بالتاريخي ويمكنهما من إدارة شؤون المنطقة إداريا وأمنيا وخدميا، بشكل مشترك، وذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين الى ديارهم بعد ما شردوا منها من قبل داعش.

وتؤكد النائبة السابقة لموقع “الحرة” أنه لا يجب إجبار النازحين على العودة: “القوانين الدولية لا تسمح بإجبار أي أحد على العودة. هذه العودة يجب أن تكون طوعية. يجب أن يكون الإنسان حرا في اختيار المكان الذي يعيش فيه”.

وتشير الباحثة المختصة بشؤون الأقليات، سانتا عيسى، أيضا في تصريحات لموقع “الحرة” أن سبب المشاكل التي تعاني منها سنجار هي “صراع القوى المسيطرة” خاصة قوى الحشد الشعبي وقوى البيشمركة، وهذا الصراع موجود حتى من قبل ظهور “داعش”.

وتتساءل الباحثة المقيمة في أوروبا والتي عملت مع مراكز اللجوء ولديها علاقات وثيقة بأفراد الأقلية الأيزيدية: “أين يهذب العائدون؟ هذا الوضع يدفعهم للهجرة للخارج وهذا أيضا أمر غير متاح. لذلك لا توجد لديهم خيارات”.

وتقول عيسى إن “المشاريع في العراق تتأخر بسب صراعات القوى. توجد مشاريع نظريا لكن فعليا لا تنفذ”.

ويعتبر الناشط سعدو أن هناك انخفاضا في العنف بعد مجيء الحشد الشعبي مع وجود الشرطة الاتحادية والمحلية، منذ سبع سنوات، ويؤكد أن المشكلة الأساسة تتمثل في الصراعات السياسية ونقص الخدمات.

واتفق المراقبون الذين تحدث معهم موقع “الحرة” على مخاوف من عودة تنظيم “داعش” إلى هذه المناطق مرة أخرى.

ويشير سعدو بشكل خاص إلى مخاوفه من عودة العائلات من مخيم الهول، وأغلبهم يسكنون في محافظة نينوى والمناطق القريبة من سنجار، وهو ما قد يسبب مشاكل أمنية في المنطقة.

وتخشى عيسى أيضا من عودة عناصر “داعش” مرة أخرى، وتشير إلى أن المخيمات باتت بؤرة للتشدد بالفعل.

ويقول سعدو إن الحكومة لم تتخذ خطوات واضحة وجدية تجاه معاقبة عناصر “داعش”، ويعتقد أن المحاكمات التي تجريها غير كافية ودون مستوى الطموح وهناك إفلات من العقاب. وينتقد النشاط قانون العفو العام الذي يرى أنه سمح بإطلاق سراح متشددين وعودتهم إلى أحضان “داعش”

وتخشى عيسى من عدم تقبل المجتمع الأيزيدي أيضا للنساء المغتصبات حال جميع المجتعمات الشرقية التي تنظر إلى المغتصبات بدونية، وتقول إنه يتم اشتراط عودتهن بتخليهن عن أبنائهم من مسلحي داعش، لكن عيسى ينفي ذلك، ويقول إن المغتصبات يتم استقبالهن بكل ترحاب.

واتفق الناشطون الذين تحدث معهم موقع “الحرة” على أن الأيزديين لم يحصلوا على التعويضات المناسبة.

ووجد تقرير هيومن رايتس ووتش أنه لا يوجد أحد من سكان سنجار حصل على تعويض مالي على خسارة ممتلكاته وسُبل عيشه كما ينص على ذلك “القانون رقم 20 لعام 2009”.

وتشير على أنه تمت الموافقة على 3500 طلب في انتظار السداد من قبل “الدائرة المالية في نينوى”. 

وبحلول فبراير 2024، ارتفع عدد الطلبات المكتملة إلى 8300، دون أن يحصل أي شخص على أي مدفوعات، وفق ما قال لـهيومن رايتس ووتش القاضي عمار محمد، وهو رئيس لجنة التعويضات في تلعفر، التي تشرف على اللجنة الفرعية للتعويضات في سنجار.

وعلى مدى الأشهر الماضية، قال العديد من المسؤولين الحكوميين لهيومن رايتس ووتش إنه سيتم قريبا الإفراج عن الأموال المخصصة لدفع تعويضات السنجاريين.

وأكّد أحدهم أن ذلك سيتم “في أقرب وقت الأسبوع المقبل”، وأن الانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار وشيك، ولكن بعد مرور سنة، لم يحصل تقدم كبير.

وقال مسؤولان حكوميان لـهيومن رايتس ووتش إن التأخير في صرف التعويضات كان ناتجا عن “مشاكل في الميزانية” حالت دون دفع الأموال المخصصة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *