مع بدء العد التنازلي للحظة وقف إطلاق النار التي انتظروها 15 شهرا، يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة حالة هدوء حذر، بينما يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إقناع الإسرائيليين باتفاق لا يبدو هو نفسه مقتنعا به، كما يقول محللون.
فقد أعلنت الخارجية القطرية ومكتب نتنياهو وكذلك الجيش الإسرائيلي أن الاتفاق الذي أعلن من الدوحة -يوم الأربعاء الماضي- سيدخل حيز التنفيذ في الثامنة والنصف صباح غد الأحد بالتوقيت المحلي للقطاع.
آلية تبادل الأسرى
ومن المقرر أن تحصل إسرائيل على 33 من أسراها لدى المقاومة خلال المرحلة الأولى من الصفقة والتي ستبدأ صباح الأحد بتسليم 3 من النساء، لا يُعرف إن كن أحياءً أم أمواتا.
فقد أكد الصحفي بالجزيرة تامر المسحال أن إسرائيل رفضت توفير هدوء ميداني قبل يومين من موعد سريان الاتفاق حتى تتمكن المقاومة من تنفيذ استحقاقات اليوم الأول.
ووفقا لما قاله المسحال خلال مشاركته في برنامج “مسار الأحداث”، فإن عملية التبادل الأولى ستشمل 33 أسيرا إسرائيليا من النساء ثم المجندات ثم الرجال ثم الجثامين. وسيتم الإفراج عن 3 نساء يوم غد الأحد فإن لم يكن هناك أحياء من النساء فسيتم الإفراج عن 4 أو 5 مجندات تختارهن المقاومة.
وسيتم إطلاق سراح كل واحدة من النساء المدنيات الإسرائيليات مقابل إطلاق سراح 30 امرأة أسيرة فلسطينية، في حين سيتم إطلاق 30 فلسطينية و20 أسيرا من ذوي المحكوميات العالية مقابل كل أسيرة مجندة، وفق المسحال.
وبعد الانتهاء من النساء والمجندات، سيتم الانتقال إلى مرحلة الرجال ثم الجثامين، وقد رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) -وفق المسحال- مبادلة جثامين بجثامين وتمسكت بإطلاق كافة النساء والأطفال الذين اعتقلهم الاحتلال من غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
نتنياهو في أضعف حالاته
وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الاتفاق لا يضمن وقفا دائما للقتال ولا انسحابا لقواته من محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، إن نتنياهو بدا في أضعف حالاته منذ دخوله عالم السياسة تقريبا.
ويرى مصطفى أن نتنياهو “ظهر ضعيفا جدا في كلمته التي حاول خلالها إقناع الشارع الإسرائيلي باتفاق يعرف الجميع أنه هو نفسه غير مقتنع بل ومكره عليه بسبب ضغوط داخلية وخارجية”.
وفي الأثناء واصل المتظاهرون الاحتشاد في تل أبيب للمطالبة بالبدء فورا في الاتفاق على تفاصيل المرحلة الثانية من الصفقة والتي يفترض أن تشمل إطلاق سراح 66 أسيرا، وذلك خشية أن يعمد نتنياهو لإفشال الصفقة بعد المرحلة، كما يقول مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام.
لكن مصطفى يستبعد إفشال الاتفاق بعد المرحلة الأولى رغم قناعته بإمكانية سعي نتنياهو لذلك، مؤكدا أن إسرائيل “تتوقع تصاعد المواجهة في الضفة الغربية خلال الفترة المقبلة، وهو ما أكده رئيس الشاباك خلال جلسة التصديق على اتفاق غزة”.
واتفق الباحث السياسي سعيد زياد مع حديث مصطفى بقوله إن نتنياهو لا يمكنه إعلان نهاية الحرب حتى لا تفتح أمامه أمام المحاسبات، مشيرا إلى أنه قال الأمر نفسه على اتفاق لبنان ثم خرج الوسطاء وأكدوا أن الاتفاق يشمل وقفا نهائيا للحرب.
أمل مشوب بالحذر
ويأمل الفلسطينيون في أن يضع هذا الاتفاق حدا للحرب التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها أودت بحياة نحو 50 ألف مدني 60% منهم من النساء والأطفال، فضلا عن آلاف الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.
كما دمرت الحرب أكثر من 90% من البنية التحتية في القطاع بما في ذلك طرق ومستشفيات وجامعات ومدارس ومحطات مياه وكهرباء وغيرها.
وقبل ساعات من موعد سريان الاتفاق، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه سيبدأ تطبيق الخطط الميدانية المضمنة في الاتفاق عند الساعة الثامنة والنصف صباحا، وأكد استعداده كذلك لتنفيذ ما قال إنها توجيهات تلقاها من المستوى السياسي الليلة الماضية.
وبعد يومين من القصف العنيف لمختلف المناطق، خفف جيش الاحتلال قصفه لمدينة غزة لكنه واصل نسف وحرق ما تبقى من المنازل في شمال القطاع وخصوصا في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، حسب ما أكده مراسل الجزيرة أنس الشريف.
كما واصلت مقاتلات الاحتلال ومسيرات تحليقها المكثف في سماء القطاع، وهو أمر قال الشريف إنه يبث القلق في نفوس السكان الذين يأملون في انتهاء الساعات المتبقية من الحرب دون خسارة مزيد من الشهداء.
وقصف الاحتلال مناطق في رفح جنوب القطاع مما أدى لسقوط نحو 10 شهداء وعدد من المصابين، وفق ما أكده مراسل الجزيرة مؤمن الشرافي.
وفي وسط وجنوب القطاع، تصاعدت عمليات النسف والقصف المدفعي التي يشنها الاحتلال من محوري نتساريم وفيلادلفيا، لكن مصادر أكدت للجزيرة أن هذه القوات بدأت تفكيك بعض المواقع وأبراج الاتصال والمراقبة، حسب ما نقله مراسل الجزيرة أشرف أبو عمرة.
وسيبدأ النازحون من مدن وسط وجنوب القطاع العودة لمنازلهم غدا الأحد، في حين سيكون على سكان الشمال الانتظار 7 أيام حتى تبدأ قوات الاحتلال الانسحاب من شارع الرشيد ومحور نتساريم حيث طريق العودة لبيوتهم، حسب كلام المسحال.