يواصل الطلاب الأميركيون احتجاجاتهم المطالبة بوقف الحرب على قطاع غزة، ومقاطعة تل أبيب أكاديميا، وسحب استثمارات الجامعات التي تزودها بالأسلحة والتكنولوجيا، ووقف الأبحاث المشتركة مع وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وتعتبر جامعة كولومبيا في نيويورك، التي انطلقت منها شرارة التحركات الطلابية الأخيرة، نموذجا للمؤسسات التعليمية المرتبطة بتعاون أكاديمي مع إسرائيل عبر المركز العالمي في جامعة تل أبيب وبرنامج الشهادة المزدوجة معها.
وفي تقرير أعده مراسل الجزيرة فادي منصور، قال الأستاذ في جامعة كولومبيا بروس روبينز إن من المهم معرفة إذا ما كنا متواطئين في تدمير كافة الجامعات الفلسطينية ثم التعامل مع جامعة تل أبيب.
أمر شائن
ويرى روبينز أن ثمة أمرا شائنا في إقامة شراكة مع جامعة تل أبيب في الوقت الذي يتم فيه التواطؤ في تدمير الجامعات الفلسطينية.
وفي معهد ماساشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)، تجرى أبحاث لمصلحة وزارة الدفاع الإسرائيلية وبتمويل منها، وقد كشف الطلاب المعتصمون عن قائمة بالأبحاث المتعلقة بالتكنولوجيا التي تخدم الجيش الإسرائيلي.
وتظهر القائمة تمويلا تجاوز 11 مليون دولار منذ عام 2015 في أبحاث أبرزها مشروع لتحسين أداء المسيرات العسكرية الإسرائيلية في تعقب الأهداف التي من بينها المدنيون في غزة.
ورفضت الجامعة التفاوض مع الطلاب بشأن تعاونها مع الجيش الإسرائيلي، ومنعت الكاميرات من الدخول إلى الاعتصام المفتوح للطلاب.
وقال محمد -وهو طالب بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا- إن الجامعة تقوم حاليا بتصنيع تكنولوجيا المسيرات لوزارة الدفاع الإسرائيلية، مشيرا إلى أن المعتصمين انخرطوا في مفاوضات مع الإدارة خلال الأسبوعين الماضيين.
ووفقا للمتحدث، فقد أقرت الجامعة بالأمر، لكنها رفضت الإجابة عن سؤال مدى استخدام هذه التكنولوجيا في غزة لقتل الناس وإذا ما كانت جزءا من جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل.
ولم تقف الجامعة عند حد الامتناع عن الإجابة، لكنها أطلقت تهديدات بالاعتقال وفض الاعتصام بالقوة، كما يقول محمد.
ألف مليار دولار
وتنادي الاحتجاجات الطلابية أيضا بوقف الاستثمارات الجامعية في شركات السلاح المتعاقدة مع إسرائيل أو التي تتربح من احتلالها للأراضي الفلسطينية، فضلا عن كشف مصادر تمويل الأوقاف الجامعية كما يحصل في جامعة هارفارد.
وتملك جامعة هارفارد وقفا ماليا تتجاوز قيمته 50 مليار دولار، في حين تتجاوز قيمة أوقاف الجامعات الأميركية حاجز الألف مليار دولار، ويتم استخدامها من جانب من مؤسسات التعليم العالي في صناديق استثمارية تعود عليها بالربح. كما تحصل هذه الأوقاف على تبرعات مالية حكومية وخاصة تمنح المانحين نفوذا داخل الجامعات.
وتزعم الجامعات التي ترفض التفاوض بشأن مطلب سحب للاستثمارات من إسرائيل أن هذا المطلب عصي على التحقيق بحكم تشابك استثماراتها. لكن البروفيسورة جين ستيفنز تقول إن أبحاثها تثبت أن مطلب سحب الاستثمارات من إسرائيل قابل للتحقيق، وإن الجامعات التي ترفض هذا المطلب رضخت لضغوط خلال السنوات القليلة الماضية لسحب استثماراتها من شركات الوقود الأحفوري.
وتكشف الضغوط السياسية التي يتعرض لها رؤساء الجامعات سبب عدم نزول هذه المؤسسات على رغبة الطلاب في سحب الاستثمارات التي تخدم الجيش الإسرائيلي، حيث سبق لهذه الضغوط الإطاحة برئيسة جامعة هارفارد والدعوة لإقالة رؤساء جامعات أخرى. كما تم سحب أو تعليق تبرعات مالية بنحو نصف مليار دولار.
ولجأت الجامعات إلى الشرطة لقمع الطلاب المدافعين عن فلسطين على غرار ما حدث ضد الطلاب الذين ناهضوا حرب فيتنام أو نظام الفصل العنصري قبل عقود.
ويرى أنغيس جونستون الأستاذ في جامعة سيتي بنيويورك أن هذه الحركات لا تظهر فجأة ولا تنتصر بسرعة، مشيرا إلى أن هذا ما حدث خلال الأزمات المشابهة الماضية.