أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الخميس، أن أكثر من 43 ألف شخص نزحوا إثر الفيضانات الكاسحة التي شهدها شمال شرق ليبيا لا سيما مدينة درنة.
وقالت المنظمة في تقريرها الأخير حول الوضع في شرق ليبيا بعد مرور العاصفة دانيال ليل 10-11 سبتمبر التي أوقعت أكثر من 3300 قتيل وفقا للسلطات، “بحسب آخر تقديرات المنظمة الدولية للهجرة، فإن 43059 شخصا نزحوا إثر الفيضانات في شمال شرق ليبيا”.
وأضافت المنظمة أن “نقص إمدادات المياه قد يكون دفع الكثير من الأشخاص النازحين الى مغادرة درنة للتوجه إلى مدن أخرى في شرق وغرب البلاد”.
Just in: According to the latest IOM update, an estimated 43,059 individuals have been displaced by the floods in #northeastern Libya. Lack of water supply is reportedly driving many displaced out of Derna to eastern and western municipalities.
Read more: https://t.co/TDWQONaIpa pic.twitter.com/zuxE6j8VbU— IOM Libya (@IOM_Libya) September 21, 2023
وكانت السلطات الليبية طلبت من سكان المدينة عدم استخدام المياه من شبكة التوزيع المحلية باعتبار أنها ملوثة بسبب سيل الفيضانات.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في مطلع الأسبوع أن وكالاتها لا سيما منظمة الصحة العالمية تعمل على “منع انتشار أمراض وتجنب أزمة ثانية مدمرة في المنطقة” محذرة من مخاطر مرتبطة “بالمياه وغياب مستلزمات النظافة الصحية”.
وتابعت المنظمة الدولية للهجرة أن الاحتياجات الملحة للأشخاص النازحين تشمل “المواد الغذائية والمياه العذبة والصحة العقلية وتقديم الدعم النفسي-الاجتماعي”.
من جانب آخر أعيد العمل بشبكات الهاتف النقال والإنترنت، ليل الأربعاء الخميس، في درنة بعد انقطاع 24 ساعة، كما أعلنت السلطات الليبية.
وكانت الاتصالات قطعت، الثلاثاء، وطلب من الصحفيين مغادرة المدينة المنكوبة غداة تظاهرة لسكان درنة للمطالبة بمحاسبة سلطات شرق البلاد معتبرين أنها مسؤولة عن الكارثة.
في المدينة البالغ عدد سكانها 100 ألف نسمة والمطلة على البحر الأبيض المتوسط في شمال شرق البلاد، تسببت الفيضانات الناجمة عن انهيار سدين تحت ضغط الأمطار الغزيرة التي حملتها العاصفة دانيال في 10 سبتمبر، في وفاة أكثر من 3300 شخص وفقا لآخر حصيلة رسمية مؤقتة وخلفت مشهدا يذكر بساحة حرب طاحنة.
وليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام، معمر القذافي، في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرا ويرأسها، عبد الحميد الدبيبة، وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها، أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير، خليفة حفتر.
في عام 2018 سيطرت قوات حفتر على درنة التي كانت معقلا لإسلاميين متشددين وكانت المدينة الوحيدة خارج سيطرتها في شرق ليبيا. لكن سلطات الشرق تعتبر درنة معقلا معارضا منذ حقبة القذافي، وفقا لفرانس برس.
وكان مئات من السكان تجمعوا، الاثنين، أمام المسجد الكبير في درنة وهتفوا بشعارات مناهضة لسلطات الشرق التي يجسدها البرلمان ورئيسه، عقيلة صالح.
وهتفوا “الشعب يريد إسقاط البرلمان” و”لا إله إلا الله عقيلة عدو الله” و”اللي يسرق واللي خان يشنق في الميدان”.
وفي بيان باسم “سكان درنة” تلي خلال التظاهرة، دعا المتظاهرون النائب العام الليبي إلى الإسراع “بنتائج التحقيق في الكارثة التي حلت بمدينة درنة، واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية كافة ضد كل من له يد في إهمال أو سرقات أدت إلى هذه الكارثة دون التستر على أي مجرم”.
وتوجه عدد من المتظاهرين إلى منزل قيل إنه لرئيس البلدية، عبد المنعم الغيثي، حيث عمدوا إلى إضرام النار هاتفين “دم الشهداء ما يمشيش هباء”، وفق مشاهد تم تداولها على منصات التواصل وبثتها وسائل إعلام ليبية.
وبعد التظاهرة، أعلن حماد، حل المجلس البلدي في درنة وأمر بفتح تحقيق بشأنه، وفق ما أفاد تلفزيون “المسار” الليبي.
وبحسب سياسيين ومحللين، أُسقطت صيانة البنى التحتية الحيوية في ليبيا على غرار سدّي درنة اللذين انهارا من جراء الإعصار، من أولويات السلطات بسبب الفوضى العارمة السائدة في البلاد.
وأشار محمد الجارح، المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة التي شكلتها سلطات الشرق الليبي، إلى مواصلة 14 فريق إغاثة العمل في درنة، بينها عشرة فرق أجنبية.
ونفى صحة ما يشاع عن إخلاء وشيك للمدينة، مؤكدا أن المناطق الأكثر تضررا فقط هي المعزولة.
وليل الأحد الاثنين 10-11 سبتمبر، انهار سدان رئيسيان على نهر وادي درنة الصغير بنيا في سبعينيات القرن الماضي، ما تسبب في سيول طينية ضخمة كانت أشبه بموجة “تسونامي” هائلة، دمرت جسورا وجرفت العديد من المباني مع سكانها.
وفيما يواصل عناصر الإغاثة البحث عن آلاف المفقودين الذين يعتقد أنهم باتوا في عداد الأموات من جراء الفيضانات، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن الفيضانات تعكس “صورة حزينة لحال عالمنا، سيل من عدم المساواة والظلم والعجز عن مواجهة التحديات”.
وأشار أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية إلى “تراكم” مشكلات عدة من التغير المناخي إلى النزاع المستمر منذ سنوات في ليبيا.
ويتلقى العديد من المصابين في الفيضانات، العلاج في مستشفيات في بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، على مسافة 300 كلم غرب درنة.