مع زيادة الضغوط التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، من قبل ائتلافه اليميني المتشدد، بات نتانياهو “أمام خيار صارخ” وهو إما زيادة العزلة الدولية لإسرائيل إذا واصل الحرب في غزة، أو الخروج من السلطة إذا انسحب وزير الأمن القومي اليميني المتشدد، إيتمار بن غفير، من الائتلاف، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال” التي أجرت مقابلة مع الأخير.
ويتمتع بن غفير “بما يكفي من الدعم في الائتلاف الحاكم لتقويض حكم نتانياهو”، ويقول إنه على استعداد لاستغلال ذلك، كما وجه انتقادات لاذعة للإدارة الأميركية الحالية، وفق ما نقلت الصحيفة.
وفي أول مقابلة له مع مؤسسة إخبارية أجنبية منذ انضمامه للحكومة، حذر وزير الأمن القومي من أنه سيعارض أي صفقة مع حماس من شأنها إطلاق سراح آلاف الفلسطينيين المسجونين بتهم تتعلق بالإرهاب أو إنهاء الحرب، قبل تحقيق هزيمة كاملة لحماس.
وقال بن غفير إن نتانياهو “على مفترق طرق.. وعليه أن يختار الاتجاه الذي سيذهب إليه”.
وتدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب بسرعة من خلال اتفاق تفرج بموجبه حماس والجماعات المسلحة الأخرى عن الرهائن المتبقين، وتستأنف المفاوضات المستمرة منذ عقود لإقامة دولة فلسطينية.
وكشف مسؤولون أميركيون وعرب مطلعون على مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لوول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة تضغط من أجل الوصول إلى هدنة لفترة كافية لإيقاف زخم العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع، مما قد يمهد الطريق لهدنة أكثر استدامة.
وتدرس إسرائيل وحماس اتفاقا من 3 مراحل، من شأنه أن ينتهي بإطلاق سراح المختطفين لدى الحركة، المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية، ووقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، بحسب ما جاء في مسودة الاتفاق التي ناقشها رؤساء مخابرات في الدول المعنية في باريس هذا الأسبوع.
مقترح هدنة غزة.. أميركا تضغط وحماس تطلب ضمانات و”اليمين” يهدد نتانياهو
كشف مسؤولون أميركيون وعرب مطلعون على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أن الولايات المتحدة تضغط من أجل الوصول إلى هدنة لفترة كافية لإيقاف زخم العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ما يمهد الطريق أمام إنهاء الحرب بشكل كامل.
لكن بينما تجري الجهود الدبلوماسية، “فإن أكبر عقبة قد تكون وجود مشرع بارع في التعامل مع وسائل الإعلام والذي أصبح بمثابة نقطة جذب لليمين المتطرف في إسرائيل”، وفق الصحيفة.
وتقول الصحيفة الأميركية إن بن غفير صنع اسما لنفسه منذ أن أصبح وزيرا للأمن القومي قبل عام، ويرجع ذلك جزئيا إلى إعلانه أن اليهود هم المالكون الشرعيون لأرض إسرائيل.
وفي الآونة الأخيرة، قاد حملة لتوزيع بنادق هجومية على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية لتسليح أنفسهم لمنع أي هجوم آخر لحماس على غرار هجوم السابع من أكتوبر التي قتل فيه نحو 1200 شخص وخطف 240 آخرين.
وهدد بن غفير ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والأخير وزير يميني آخر، في الأسابيع الأخيرة بإسقاط الحكومة، إذا توقفت العمليات العسكرية على حماس.
وعلقت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية حينها بالقول إن نتانياهو يتعرض لضغوط متزايدة ومتجددة، بشأن إعطاء الأولوية للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، وسط خلافات سياسية بهذا الشأن.
“خلافات” وضغوط متزايدة على نتانياهو بشأن “استراتيجية الرهائن”
قالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن رئيس الورزاء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يتعرض لضغوط متزايدة ومتجددة بشأن إعطاء الأولوية للرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
ومع هذا الوضع الصعب الذي يتعرض له نتانياهو، يزداد الغموض بشأن مستقبل الحكومة الإسرائيلية، التي يرتبط مصيرها ببقاء بن غفير.
ويعتقد محلل الشؤون الإسرائيلية، كاتب الرأي في صحيفة “إسرائيل هيوم”، جلال بنا، أن “ما أصاب نتنياهو مع بن غفير يجسد مقولة “انقلب السحر على الساحر”، مشيرا إلى أن “نتانياهو هو من أنقذ بن غفير ودفع به قبل الانتخابات ليدخل قائمة “الصهيونية الدينية” ويتنافس في الانتخابات البرلمانية. ومرة أخرى أنقذه بأن أدخله الائتلاف الحكومي ومنحه أهم الحقائب الوزارية، رغم أن الليكود في سنوات سابقة كان يرفض حزبه، أما اليوم فبن غفير يتحكم في نتانياهو وفي حزب الليكود”.
محلل الشؤون الإسرائيلية، جاكي خوري، يؤكد أيضا في تصريحات لموقع الحرة أن تشكيلة الحكومة الحالية تؤكد النفوذ الكبير لليمين المتشدد، سواء عن طريق بن غفير أو وزير المالية، مشيرا إلى أن نتانياهو يعتمد بالأساس على اليهود المتزمتين، والشعور العام في إسرائيل أن “بن غفير وسموتريتش بيدهما مفتاح هذا الائتلاف”.
وتقول وول ستريت جورنال إن نسبة متزايدة من الإسرائيليين، خاصة في اليمين، تنظر إلى هجوم السابع من أكتوبر على أنه فرصة لرسم مسار جديد لإسرائيل من خلال إعادة المستوطنين إلى القطاع الذي دمرته الحرب.
ومن بين هؤلاء بن غفير الذي عرض خطته الخاصة بإعادة احتلال غزة، التي من شأنها إعادة ملء القطاع بالمستوطنات الإسرائيلية، بينما سيتم تقديم حوافز مالية للفلسطينيين للمغادرة.
وحث وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستوطنين اليهود على العودة إلى غزة، في مؤتمر حاشد أقيم في القدس، قبل أيام، مما دفع فلسطينيين للتنديد بهذه التصريحات التي قالوا إنها ترقى إلى حد الدعوة إلى “ترحيلهم قسريا”.
وقال بن غفير في تصريحاته الجديدة لوول ستريت جورنال إنه يعتقد أن إدارة الرئيس، جو بايدن، تعيق العمليات العسكرية الإسرائلية في غزة، وقال إنه يعتقد أن المرشح الرئاسي المحتمل، دونالد ترامب، سيدعم إسرائيل أكثر في محاربة حماس.
وتقول وول ستريت جورنال إن نتانياهو “يخاطر الآن بزيادة العزلة الدولية لإسرائيل إذا واصل الحرب، أو احتمال الخروج من السلطة إذا سحب بن غفير المشرعين الستة من حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه من الائتلاف الحاكم.
وقال يوهانان بليسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث مقره القدس للصحيفة: “يتمتع بن غفير بنفوذ كبير على نتانياهو. آخر ما يحتاجه نتانياهو إجراء انتخابات مبكرة وبن غفير يعرف ذلك”.
ويوضح خوري في تصريحاته لموقع الحرة أن “مفتاح الحل مرتبط ببن غفير وإن كان نتانياهو ومعظم أقطاب الحكومة يحاولون إيجاد طرق التفافية للتعامل معه”.
ويوضح أن بن غفير لا يملك نفوذا كبيرا في ما يتعلق بقرارات الحرب والعمليات العسكرية والمناورة، لكن سياسيا يتمتع بالنفوذ، لأنه جزء أساسي من الائتلاف، وله نفوذ أيضا في الأمن القومي لأنه مسؤول مباشرة عن الشرطة، وله نفوذ إعلامي، لكن الأقل هو النفوذ العملياتي”.
ويتمتع بن غفير بموهبة “تصدر عناوين الأخبار، ويعتبره منتقدوه محرضا خطيرا مستعدا لإثارة صراع أوسع مع الفلسطينيين” لزيادة قاعدته الانتخابية، ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن تصريحاته التي تدعو إسرائيل إلى احتلال غزة تجعل من الصعب عليهم عرض قضيتهم في العواصم الأجنبية، وفق وول ستريت جورنال.
وفي مثال على مخالفة بن غفير للأعراف السياسية التقليدية، وجه الوزير في تصريحاته للصحيفة انتقادات مباشرة لبايدن، نادرا ما تصدر من عضو في مجلس الوزراء الإسرائيلي.
وقال بن غفير: “بدلا من أن يقدم لنا دعمه الكامل، ينشغل بايدن بتقديم المساعدات الإنسانية والوقود (إلى غزة)، الذي يذهب إلى حماس”، مما يعطي صوتا للمشاعر الشعبية بين العديد من الإسرائيليين اليمينيين. لو كان ترامب في السلطة لكان سلوك الولايات المتحدة مختلفا تماما”..
وبعيد نشر مقال وول ستريت جورنال، الأحد، هاجم سياسيون إسرائيليون وسطيون بن غفير ودعو نتانياهو إلى اتخاذ إجراءات بحقه.
وكتب وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، على منصة “إكس” أن تصريحات بن غفير عن بايدن “تضر بالعلاقات الاستراتيجية لدولة إسرائيل وأمن الدولة والمجهود الحربي الحالي”.
ووصف زعيم المعارضة، يائير لابيد، تصريحاته بأنها “هجوم مباشر على مكانة إسرائيل الدولية”.
ويعتقد بنا في تصريحاته لموقع الحرة أن تصريحاته “موجهة بالأساس للجمهور اليميني لأنه هناك انتقادات أو امتعاض من الموقف الأميركي..”.
ويرى بنا أن “هناك علاقة مباشرة بين انتقادات بن غفير للقيادة الأميركية وبين تعزيز قوته في الشارع اليهودي لذلك هو يصرح بما يصرح به، بالإضافة إلى أنه عضو في الحكومة التي لا يمكنها أن تتحدث بشكل علني عن الضغوط الأميركية، بل فقط عن تسريبات وأسماء أو مصادر مجهولة، لكن بن غفير يستغل فضاضته ووقاحته ليصرح بما صرح به”.
ويشير بنا إلى أنها ليست المرة الأولى التي يوجه فيها بن غفير سهام انتقاده إلى الإدارة الأميركية فهو سبق وصرح بأن “إسرائيل ليست نجمة في علم الولايات المتحدة”.
ويقول بنا إن نتانياهو عاجز عن فعل “أي شيء لبن غفير. لا إقالة ولا توبيخ ولا حتى استنكار لتصريحاته وهذا الأمر هو ما يجعلني أشك أن بن غفير قام بتنسيق الأمر معه”.
وقال نتانياهو في أول رد فعل على تصريحات بن غفير، قبيل اجتماع الحكومة الأحد: “لست بحاجة إلى مساعدة لمعرفة كيفية إدارة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مع الوقوف بثبات عند مصالحنا الوطنية”.
وأضاف “نحن نتخذ قراراتنا بأنفسنا حتى في الحالات التي لا يوجد فيها اتفاق مع أصدقائنا الأميركيين”.
وتقول وول ستريت جورنال إن بن غفير يكتسب شعبية.
ووفقا لاستطلاع أجرته جامعة تل أبيب، الشهر الماضي، باتت هناك أغلبية صغيرة من اليهود الإسرائيليين تؤيد الآن بشكل كامل، أو إلى حد ما، إنشاء مستوطنات يهودية داخل غزة.
ورغم أن نتانياهو قال إن إسرائيل لا تسعى لاحتلال غزة، وتسعى فقط للاحتفاظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على القطاع، إلا ان هناك دلائل على أن بن غفير “يتمتع بنفوذ متزايد في النقاش، وأن نتانياهو يحتاج إليه بشكل متزايد”، وفق الصحيفة.
وفي أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر، أصبح حزب “القوة اليهودية” بزعامة بن غفير الحزب اليميني الوحيد في ائتلاف نتانياهو الذي لا يفقد دعم الناخبين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الحزب يمكن أن يفوز بثمانية أو تسعة مقاعد في الكنيست في الوقت الحالي.
ولا تشير الاستطلاعات إلى أن حزبه سيحل محل حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو، الذي يشغل 32 مقعدا، لكن دعم الليكود انخفض إلى ما بين 19 و27 مقعدا في الأسابيع الأخيرة.
ويعتقد محللون أن نتانياهو وبن غفير يتصارعان الآن للحصول على دعم اليمين قبل أي انتخابات مبكرة.
ويقول بنا: “نتانياهو يعلم أنه من دون بن غفير سينهار الائتلاف، وبعد الحرب وسقوط حكومته والذهاب لانتخابات مقبلة لن يكون أمامه أي خيار سوى التعويل على بن غفير”.
ويرى المحلل أن نتانياهو يستغل تصريحات بن غفير ليقول للقيادة الأميركية: “ربما هناك خطر على الائتلاف الحكومي، لذلك لا يمكنني أن أصادق على صفقة تبادل أسرى ومخطوفين وبالتالي يحاول نقل الضغط من القيادة الأميركية إلى قطر ومن ثم مصر وحماس في محاولة لتقليل من ثمن صفقة محتملة مع حركة حماس”.
ويعتقد خوري أن نتانياهو سيحاول التنصل من تصريحات بن غفير للصحيفة، لكن “هناك شعورا بأن هذه الحكومة لا تستطيع الاستمرار في مثل هذه الأجواء لفترة طويلة”.
ويوضح خوري: “كل يوم يضاف تحد جديد لبقاء شركاء نتانياهو في الحكومة. مثل هذه التصريحات ستؤدي في مرحلة ما إلى تفكيك الائتلاف، والسؤال متى سيحدث ذلك؟ لا أحد يعرف. قد يستمر هذا لأشهر وحتى لعام، لكن من الواضح أن بن غفير يقوي نفسه شعبيا ويقوي قاعدته الانتخابية من شريحة معينة، لكن لا اعتقد أن هذا الأسلوب سيطيل عمر الحكومة”.