استعادت قوات النظام السوري السيطرة على معظم أنحاء البلاد بعد أن كانت خسرت مناطق واسعة، إثر تطور الاحتجاجات السلمية ضد النظام عام 2011 إلى نزاع مسلح، لكن قوى مختلفة لا تزال موجودة في مناطق عدة.
فكيف تتوزّع القوى العسكرية التي يحظى معظمها بدعم دولي أو إقليمي في سوريا؟
قوات النظام السوري
خلال السنوات الأولى من النزاع، خسرت قوات النظام السوري غالبية مساحة البلاد لصالح فصائل معارضة ومقاتلين أكراد ثم تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن التدخل الروسي في سبتمبر/أيلول 2015 ساهم تدريجيا في قلب ميزان القوى على الأرض لصالحها.
وبغطاء روسي ودعم عسكري إيراني ومن حزب الله اللبناني، باتت تلك القوات تسيطر اليوم على ثلثي مساحة البلاد بما يشمل مدنا رئيسية مثل دمشق وحماة وحلب، وحمص التي استُهدفت الكلية العسكرية فيها أمس الخميس بهجوم طائرة مسيّرة أوقع 89 قتيلا، منهم 31 من النساء و5 أطفال، بينما بلغ عدد الإصابات 277، وفق وزارة الصحة السورية.
وتسيطر قوات النظام اليوم على محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة جنوبا، وحمص وحماة (وسط)، وطرطوس والجزء الأكبر من اللاذقية (غرب)، فضلا عن دمشق وريفها.
كما تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة حلب شمالا، وأجزاء من ريف الرقة الجنوبي (شمال)، ونصف محافظة دير الزور (شرق).
وتدعم قوات النظام مجموعات محلية مثل قوات الدفاع الوطني الموالية لها، فضلا عن أخرى موالية لإيران تضم مقاتلين أفغانا وباكستانيين وعراقيين وحزب الله اللبناني.
وتسيطر قوات النظام بشكل رئيسي على حقول الورد والتيم والشولة والنيشان النفطية في دير الزور وحقل الثورة في الرقة وحقل جزل في حمص (وسط). كما تُمسك بحقل الشاعر، أكبر حقول الغاز، وحقول صدد وآراك في حمص.
وتوجد نقاط تمركز عدة لجنود روس في مناطق سيطرة النظام.
وعلى مرّ السنوات الماضية، شارك أكثر من 63 ألف جندي روسي في العمليات العسكرية بسوريا، وفق موسكو. وليس معروفا عديد القوات الروسية الموجودة حاليا في سوريا، لكن أبرز قاعدتين عسكريتين روسيتين في سوريا، هما قاعدة جوية رئيسية في مطار حميميم قرب مدينة اللاذقية الساحلية، وأخرى في ميناء طرطوس الذي تستثمره أساسا شركة روسية.
المقاتلون الأكراد
عام 2012، أعلن الأكراد إقامة “إدارة ذاتية” في مناطق نفوذهم (في الشمال والشرق) بعد انسحاب قوات النظام من جزء كبير منها من دون مواجهات، وتوسعت هذه المناطق تدريجيا بعدما خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة.
وعام 2015، تأسست قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية وضمنها فصائل عربية وسريانية مسيحية، وباتت تعد اليوم بمثابة الجناح العسكري للإدارة الذاتية.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي شكّلت رأس حربة في القتال ضد تنظيم الدولة، اليوم على ربع مساحة البلاد، وتعدّ ثاني قوة عسكرية مسيطرة على الأرض بعد جيش النظام السوري.
وتسيطر تلك القوات اليوم على محافظة الحسكة (شمال شرق)، حيث توجد قوات النظام في بضعة أحياء عبر مؤسسات في مدينتي القامشلي والحسكة. كما تسيطر على غالبية محافظة الرقة بما فيها المدينة التي شكلت لسنوات معقلا لتنظيم الدولة.
كما تسيطر على أجزاء من ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، وعلى نصف محافظة دير الزور.
وتقع تحت سيطرتها أبرز حقول النفط السورية وبينها العمر، وهو الأكبر في البلاد، والتنك وجفرا في دير الزور، فضلا عن حقول أصغر في الحسكة والرقة، وكذلك حقلا كونيكو للغاز في دير الزور والسويدية في الحسكة.
وتنتشر قوات أميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في قواعد عدة بمناطق سيطرة الأكراد. كما توجد في جنوب سوريا في قاعدة التنف التي أنشئت عام 2016، وتقع بالقرب من الحدود الأردنية العراقية، وتتمتع بأهمية إستراتيجية كونها تقع على طريق بغداد دمشق.
تركيا والفصائل
منذ عام 2016، شنت تركيا مع فصائل سورية موالية لها عمليات عسكرية عدة في شمال سوريا، مستهدفة خصوصا المقاتلين الأكراد لإبعادهم عن حدودها.
وتسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على شريط حدودي يمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مرورا بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز.
كما يسيطرون على منطقة حدودية منفصلة بطول 120 كيلومترا بين مدينتي رأس العين وتل أبيض الحدوديتين.
وتضم الفصائل الموالية لأنقرة والمنضوية فيما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري”، مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة، مثل جيش الإسلام الذي كان يعد الفصيل المعارض الأبرز قرب دمشق.
ومن بين الفصائل، مجموعات تنشط أساسا في الشمال مثل فصيل السلطان مراد، وأخرى برزت مع العمليات العسكرية التركية وبينها فصيلا الحمزة وسليمان شاه.
هيئة تحرير الشام
خسرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) مناطق عدة تدريجيا على وقع عمليات عسكرية لقوات النظام بدعم روسي.
وباتت اليوم تسيطر على نحو نصف محافظة إدلب (شمال غرب) وأجزاء محدودة من محافظات حلب وحماة واللاذقية المحاذية.
وتوجد في المنطقة أيضا فصائل مقاتلة أقل نفوذا فضلا عن مجموعات مسلحة أخرى تراجعت قوتها تدريجيا مثل “الحزب الإسلامي التركستاني” الذي يضم مقاتلين من الإيغور.
تنظيم الدولة الإسلامية
بعدما سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق، مني تنظيم الدولة بهزائم متتالية في البلدين وصولا إلى تجريده من كل مناطق سيطرته عام 2019. ومنذ ذلك الحين قتل 4 زعماء للتنظيم، لكن عناصره المتوارين لا يزالون قادرين على شنّ هجمات -وإن كانت محدودة- ضد جهات عدّة.
وغالبا ما يتبنى هجمات ضد قوات النظام في منطقة البادية السورية الشاسعة المساحة وغير المأهولة في معظمها والتي انكفأ إليها مقاتلوه.
ولا يزال ينشط مقاتلوه أيضا في محافظة دير الزور ويشنون عمليات ضد قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية.