كلمة “شهيد” العربية.. إعلان مهم من “ميتا” بعد سنوات من الانتقادات

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة

في خطوة ترسّخ حملة القمع التي تستهدف منذ سنوات الأفراد والمنظمات التي تدافع عن حقوق المثليين في البلاد، أضافت هيئة الرقابة المالية بروسيا “حركة المثليين” إلى قائمتها السوداء “للإرهابيين والمتطرفين”.

ويأتي القرار الجديد تزامنا مع صدور أولى الإدانات والمتابعات القضائية، بموجب قانون التطرف الذي وافقت عليه المحكمة العليا في موسكو في نوفمبر الماضي، والذي يصنف “الحركة العالمية للدفاع عن حقوق المثليين” جماعة متطرفة، في خطوة نددت بها المنظمات الحقوقية الدولية.

ودخل القانون الذي يجرّم فعليا جميع أشكال نشاط مجتمع المثليين حيز التنفيذ، مطلع العام الجاري، وأدى إلى اعتقالات، ومداهمات من الشرطة لنوادي المثليين، وإغلاق عدد من مجموعات الدفاع عن حقوقهم، غير أن القرار الأخير لا يمثل إلاّ الحلقة الأخيرة ضمن مسلسل تضييقات وانتهاكات مستمرة منذ عشر سنوات، بحسب تقرير جرد فيه موقع “بينك نيوز”، أبرز الحوادث والقرارات التي طالت حريات الروس الجنسية. 

“حملة قمع متواصلة”

ومنذ عام 2013، شرعت روسيا في حملة قمع ضد الأشخاص والمنظمات التي تختلف وجهات نظرها عن التفسيرات المتشددة للقيم الاجتماعية التي يروج لها الكرملين والكنيسة الأرثوذكسية.

وخلال السنة المذكورة، صدر قانون بعنوان “لغرض حماية الأطفال من المعلومات التي تدعو إلى إنكار القيم العائلية التقليدية”، يحظر أي تمثيل عام للسلوك والعلاقات غير المعيارية، مما أثار موجة من الرقابة والاعتقالات والغرامات ضد أفراد مجتمع المثليين، والتي تستمر حتى يومنا هذا، وفقا للموقع.

وبعدها ببضع سنوات، وتحديدا في عام 2017، وجد باحثون أن الجرائم ضد مجتمع الميم، قد تضاعفت منذ إدخال القانون المذكور. وذكرت رويترز، أنه تسبب في ارتفاع حاد في الهجمات العنيفة في جميع أنحاء البلاد.

ووفقا لأحد نشطاء حقوق المثليين، البارزين في البلاد، يُنظر إلى جرائم الكراهية ضد مجتمع الميم، على أنها “أعمال نبيلة”.

وقالت سفيتلانا زاخاروفا، عضو مجلس إدارة شبكة LGBT الروسية لرويترز: “يبدو لهم أن الحكومة تدعم أفعالهم إلى حد ما”، مضيفة: “العديد من الجناة يتحدثون علنا عن جرائمهم باعتبارها أفعالاً نبيلة”.

الشيشان

وفي الشيشان، أوضح الموقع، أنه منذ وصول حليف موسكو رمضان قديروف إلى السلطة، فر عدد كبير من البلاد بعد حدوث “عملية تطهير عنيفة” ضد الرجال الشيشان المثليين.

وفي صيف عام 2017، تم احتجاز ما لا يقل عن 200 مثلي في سجون سرية في جميع أنحاء المنطقة، حيث ورد أن العديد منهم تعرضوا للضرب والصعق بالكهرباء، حسبما ذكرت صحيفة “موسكو تايمز”.

وعانى 36 شخصاً من “معاملة سيئة” في السجون السرية في شمال القوقاز. وقيل إن الانتهاكات كانت “موجهة من قبل كبار المسؤولين” في الولاية.

وقال أحد الأشخاص الذين تم القبض عليهم: “لقد هددوا بقتلي إذا لم أخبرهم بأسماء المثليين الآخرين الذين أعرفهم”.

ونفى الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، أي هجمات مماثلة، مشيرا إلى أن الجمهورية لم تقم بتطهير أي أشخاص من مجتمع الميم عين، وذلك لأنهم “غير موجودين أساسا في الشيشان”.

وقال المتحدث باسمه لوكالة إنترفاكس للأنباء: “حتى لو كان مثل هؤلاء الأشخاص موجودين في الشيشان، فلن تحتاج وكالات إنفاذ القانون لدينا إلى الاهتمام بهم، لأن أقاربهم سيرسلونهم ببساطة إلى مكان لن يعودوا منه أبدا”.

وقال إيغور كوتشيتكوف، الذي يرأس منظمة للدفاع عن حقوق المثليين في روسيا، في بيان بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لـ”عملية التطهير”، إن “بوتين والحكومة الروسية لهما الكلمة الأخيرة فيما يحدث في الشيشان. وقد تقاعست موسكو عن إجراء أي تحقيقات ذات معنى في الانتهاكات المروعة التي وقعت. ولم يتم تقديم أحد إلى العدالة. هذا أمر غير مقبول”.

تصاعد حدة الخطاب

وكشفت دراسة أجريت عام 2018، تصاعد خطاب الكراهية والعنف ضد مجتمع الميم في روسيا، حيث قال ما يقرب من واحد من كل خمسة أشخاص يؤيد “تصفية” أو “القضاء” على مجتمع المثليين بأكمله.

وأجريت الدراسة من قبل منظمة مركز ليفادا غير الحكومية، كاشفة أن 18 في المائة ممن شملهم الاستطلاع، قالوا إنه يجب “تصفية” الرجال والنساء المثليين.

وقال 32 بالمئة من المشاركين، إنه ينبغي عزل الأشخاص المثليين عن المجتمع، بينما عبرت النسبة ذاتها، عن معارضتها لأي إجراء ضدهم، وبأنه يجب “تركهم للتعامل مع مشاكلهم الخاصة”.

وبعد الاستفتاء الدستوري لعام 2020، حظر الدستور الروسي صراحة زواج المثليين.

وفي فبراير 2021، تابعت الشرطة الروسية ناشطا كان يحتج دعما للناشط أليكسي نافالني الذي توفي الشهر الماضي في السجن، بتهمة انتهاك قانون “الدعاية للمثليين” في البلاد، في عيد الحب.

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نوفايا غازيتا، فقد اتهم الناشط بانتهاك الحظر الذي تفرضه البلاد على “الدعاية للمثليين” بسبب نشره صورتين على إنستغرام لزوجين، من نفس الجنس وهما يقبلان بعضهما البعض، في احتجاج يوم 14 فبراير.

وفي يوليو، ورد أن مطبعة في روسيا رفضت طباعة بطاقات تهنئة ولافتات لفرقة “BTS” الكورية الجنوبية، بعد أن طلبها مقهى يحمل طابع موسيقى البوب الكورية، وأصرت على أنها “دعاية للمثليين”.

وفي أغسطس 2021، نشر كتاب للأطفال عن الأطفال الذين لديهم آباء مثليين في روسيا تحت تصنيف “18+”، مرة أخرى بسبب قانون “الدعاية للمثليين” في البلاد.

وفي أغسطس أيضا، تم توبيخ النائب الروسي المناهض لمجتمع المثليين، فيتالي ميلونوف، بعد أن دعا إلى “تعقيم” المثليين، و”إبقائهم في ملاجئ مثل القطط”.

وفي نوفمبر، فرضت محكمة في موسكو غرامة بقيمة مليون روبل على قناة “موز تي في” الموسيقية الروسية، بتهمة انتهاك القانون المفروض، بعد أن بثت صورة لرجل يرتدي فستانًا في حفل توزيع الجوائز، بالإضافة إلى وصول رجلين إلى الحفل معا.

وفي نوفمبر أيضا، أفادت التقارير أن السلطات الروسية أجرت تحقيقًا مع منصة نتفلكس، بعد أن اتهم مسؤول عام منصة البث بانتهاك قانون “الدعاية للمثليين”.

ورفعت الشكوى ضد المنصة، أولغا بارانيتس، “المفوضة العامة لحماية العائلات”، بزعم أنها تبث محتوى يحمل طابع LGBTQ بتصنيف “16+”.

وفي يوليو 2022، اقترح المشرعون الروس توسيع قانون “الدعاية للمثليين” الحالي في البلاد ليشمل الأشخاص من جميع الأعمار، بدلاً من التركيز فقط على “حماية الأطفال”.

ووقع الرئيس الروسي على التعديلات المقترحة لتصبح قانونا في نوفمبر 2022. ويحظر القانون المحدث توزيع المواد التي “تروج للقيم غير التقليدية، ومجتمع المثليين، والنسوية، والتمثيل المشوه للقيم الجنسية التقليدية”.

ويمكن أن تصل الغرامات المفروضة على الأفراد الذين ينتهكون القانون الذي تمت ترقيته إلى 400 ألف روبل، في حين سيتم تغريم الشركات الخاصة التي تنتهك السياسة بما يصل إلى خمسة ملايين روبل.

وفي ديسمبر 2022، أفيد بأن روسيا منحت منظم وسائل الإعلام الإذن بحظر مواقع الويب التي تحتوي على معلومات حول الأشخاص والهويات المثلية.

وفي مايو 2023، أضافت السلطات الروسية المدافعين عن حقوق الإنسان من مجتمع الميم إلى سجل “العملاء الأجانب” المثير للجدل في البلاد، والذي يضم في الأساس، قائمة بالمنظمات والأشخاص الذي تعتبرهم الدولة الروسية أعداء.

وفي يوليو من نفس السنة، وافقت موسكو على قانون يحظر رعاية تأكيد النوع الاجتماعي للأشخاص العابرين جنسيا، ويبطل الزيجات التي يتحول فيها شريك واحد على الأقل، ويجعل من غير القانوني للأشخاص المتحولين جنسيًا تبني أو رعاية الأطفال.

وخلال السنة ذاتها، طرد طالب جامعي مثلي الجنس، بعد نشر مقاطع فيديو لنفسه وهو يضع مكياجا على الإنترنت، وألقي القبض على مستخدم يوتيوب مثلي، بعد تحميله مقاطع فيديو لنفسه مع شريكه.

قانون “التطرف”

وتتويجا لحملة القمع التي تواصلت على سنوات، أعلنت أعلنت المحكمة العليا في روسيا، في نهاية عام 2023، أن جميع أنشطة مجتمع الميم غير قانونية.

ويحظر إعلان المحكمة العليا في البلاد فعليا نشاط مجتمع الميم عين، من خلال وصف ما تسميه “الحركة العالميين” بـ “المتطرفين”.

ويعني تطبيق صفة “متطرف” أن المثليين والمثليات والمتحولين جنسيا الذين يعيشون في روسيا قد يواجهون السجن لسنوات، وكذلك يفتح الطريق أمام محاكمات جنائية لأي مجموعة تحمي حقوق هذه المجتمعات في روسيا.

والآن، يمكن لأي شخص تثبت إدانته بالمشاركة في “منظمة متطرفة” أو تمويلها أن يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 12 عامًا، في حين يواجه أولئك الذين تثبت إدانتهم بعرض رموز الجماعة المتطرفة – والتي تشمل الآن علم الفخر – ما يصل إلى 15 يوما في الاحتجاز، والسجن لمدة تصل إلى أربع سنوات في حالة “تكرار الجريمة”.

وفي فبراير 2024، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW)، بأن المحاكم الروسية أصدرت أول أحكام إدانة بالتطرف.

ومن بين الإدانات الأخيرة، الحكم على امرأة بالسجن لمدة خمسة أيام لارتدائها أقراطا بلون قوس قزح، وتغريم شخصين لنشر علم قوس قزح على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعليقا على هذه الإدانات، قالت تانيا لوكشينا، المديرة المساعدة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش:”لقد فتح قرار المحكمة العليا الباب على مصراعيه للسماح بالملاحقة التعسفية للمثليات والمثليين ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيًا والأشخاص المثليين، إلى جانب أي شخص يدافع عنهم. حقوقهم أو يعرب عن التضامن معهم”.

وتابعت: “لسنوات، حاولت السلطات الروسية محو ظهور مجتمع الميم عين، والآن قامت بتجريم ذلك.”

وقبل أسبوع،  اعتقلت السلطات الروسية موظفين في نادٍ للمثليين. وقضت المحكمة المركزية في مدينة أورينبورغ، بوضع المدير الفني للنادي ومدير الحانة في الحبس الاحتياطي حتى 18 مايو، وفقا لموقع “تايمز أوف موسكو”.

ويواجه الشخصان عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات إذا ثبتت إدانتهما بـ “تنظيم أنشطة متطرفة”.

ووصف بيان للمحكمة الشخصان بأنهما “أفراد ذوو توجهات جنسية غير تقليدية”، وأنهما “يدعمان آراء وأنشطة الجمعية العامة الدولية للمثليين والمتحولين جنسيا والمحظورة في بلدنا”.

وحدد موقع الأخبار المستقل “ميديازونا” الشخصان بأنهما مديرة النادي ديانا كاميليانوفا والمدير الفني ألكسندر كليموف.
وأعلنت الناشطة المحافظة المتحالفة مع الكرملين يكاترينا ميزولينا في وقت سابق من هذا الأسبوع أن اتهامات جنائية صدرت فيما يتعلق بأنشطة نادي “بوز” للمثليين.

وقال نشطاء قوميون مؤيدون للكرملين في وقت سابق من هذا الشهر إنهم ساعدوا وكالات إنفاذ القانون في مداهمة “بوز” للاشتباه في نشر “دعاية للمثليين”.

وواجه العديد من الروس اتهامات بـ “التطرف” في الأشهر التي تلت حظر المحكمة العليا في روسيا “الحركة الدولية للمثليين”.

وانتقدت منظمة العفو الدولية، الأسبوع الماضي، التحقيق الجنائي الذي جرى مع موظفي “بوز”.

وقالت مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في موسكو، ناتاليا زفياجينا في بيان إن “ما كان يخشاه المثليون ونشطاء حقوق الإنسان منذ نهاية العام الماضي قد تحقق أخيرا”.

وأضافت أن “من المستهجن بشكل خاص السماح لأعضاء جماعة قومية روسية بمساعدة الشرطة في مداهمة نادي بوز”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *