أوضح كاتب إسرائيلي أن الحرب التي تقودها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليست مجرد صراع عسكري مع الأعداء الخارجيين، بل تعمل كأداة لتأجيل حرب أهلية قد تكون وشيكة في الداخل الإسرائيلي.
وفي مقال -نشره في صحيفة هآرتس- يؤكد روجل ألفر أن ما سماه “الحرب الأبدية” التي تخوضها إسرائيل على كافة الجبهات لا تهدف إلى تحقيق الانتصار، بقدر ما تخدم المصالح السياسية لنتنياهو وتسهم في بقائه في السلطة.
تأجيل الحرب الأهلية
يبدأ ألفر بتسليط الضوء على وضع نتنياهو بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، موضحا أن تلك الأحداث قد عززت من موقفه السياسي بدلا من إضعافه، على عكس ما قد يُتوقع في الأنظمة الديمقراطية. فبدلا من أن يُحاسب على الفشل في حماية الدولة، كما تفترض القواعد الديمقراطية، نجح نتنياهو في تحويل الأزمة لصالحه.
ويعزو ألفر ذلك إلى أن “الديمقراطية الإسرائيلية كانت ضعيفة قبل وقوع الهجوم، حيث رفض نتنياهو الاستقالة رغم اتهامه في قضايا فساد، مما أدى إلى تآكل المعايير الديمقراطية في إسرائيل”.
ولكنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على أن “هذه الحرب ليست سوى وسيلة لتجنب المواجهة الداخلية التي تنتظر إسرائيل بعد انتهاء العمليات العسكرية، لأن المجتمع الإسرائيلي، بعد انتهاء الحرب مع غزة، لن يدخل في مرحلة سلام واستقرار، بل سيكون على حافة حرب أهلية داخلية”.
ويضيف “لذلك، بالنسبة لكثيرين في إسرائيل، تبدو الحرب الأبدية” أقل خطرا من الحرب الأهلية، حتى وإن كان هذا الإدراك يغوص في وعي الإسرائيليين دون التعبير عنه”.
ويرى الكاتب أن الحرب لا تخدم فقط المصالح الشخصية لنتنياهو، بل تدعم أيضا فئات واسعة من المجتمع الإسرائيلي التي ترى في الوحدة الوطنية هدفا أساسيا، حتى لو كان ذلك على حساب التضحية بالجنود أو المختطفين.
ويقول “يعتبر هؤلاء أن الوحدة الداخلية هي المفتاح لتحقيق النصر في أي صراع إقليمي ضد إيران أو الجماعات المسلحة، ولكن الحقيقة هي أن الحرب الأبدية ليست وسيلة لتحقيق الانتصار، بل هي الأداة لضمان هذه الوحدة الداخلية المفترضة”.
ويضيف أن “إسرائيل ضحت بالاقتصاد وبالمختطفين وبالجنود من أجل هذه الوحدة التي يراها البعض مفتاحا للبقاء”.
مستقبل أكثر غموضا وخطورة
ويرى ألفر أن استمرار الحرب يضعف التيار الليبرالي في إسرائيل بشكل متزايد، ويقول إن “الطيارين الذين كانوا يرفضون سابقا الخدمة تحت حكم نتنياهو لأسباب ديمقراطية، هم نفسهم الآن يقصفون المدنيين في غزة، مما يلوث القيم التي كانوا يدافعون عنها، كما أن حركة “إخوة في السلاح”، التي كانت تمثل وجها ديمقراطيا معارضا، باتت الآن تُعتبر في أوروبا حركة مشاركة في جرائم الحرب”.
ويشير الكاتب أيضا إلى تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية وتوسع السيطرة الإسرائيلية على شمال غزة، ويؤكد أن كل هذه الأمور تؤدي إلى تآكل سيادة القانون وانهيار الاقتصاد، مما يترك تأثيرا كارثيا على الديمقراطية الليبرالية.
ويخلص إلى القول إن “كل يوم من استمرار الحرب الأبدية يقرب إسرائيل أكثر من الانهيار الديمقراطي الكامل”.
ويعتقد ألفر أن الحرب الأبدية لن تدوم إلى الأبد، بل ستنتهي عندما تتمكن القوى اليمينية والدينية المتطرفة من فرض سيطرتها الكاملة على إسرائيل، بل إنه يرى أن “إسرائيل ستتحول إلى نظام ديني وأوتوقراطي، رغم أنها ستظل قاعدة عسكرية متقدمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
ويصف هذا الوضع بالقول “ستنتهي الحرب الأبدية عندما تنتصر القوى المتشددة وتتحول إسرائيل إلى دولة دينية عسكرية، يحتفل فيها الشعب بكل عملية اغتيال ويبكون على كل جندي يسقط!”.
وفي حين يعتبر ألفر أن الحرب الحالية لا تخدم فقط أهداف إسرائيل الأمنية، بل تعمل أيضا كوسيلة لتأجيل صراع داخلي أكبر، فإنه يرى أن “مستقبل إسرائيل بات أكثر غموضا وخطورة مع تزايد نفوذ اليمين المتطرف وتآكل القيم الليبرالية”.
وفي الختام، فإن الحرب الأبدية بالنسبة لألفر ليست مجرد إستراتيجية عسكرية، ولكنها “قد تكون مقدمة لحرب أهلية تهدد بتمزيق نسيج المجتمع الإسرائيلي من الداخل”.